بسم الله الرحمن الرحيم، والسَّلام عليكم أيها الأحبة الكرام ورحمة الله، وأهلاً بكم ونحن نستلهم من سيرة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) السنن الهادية في حياته وكلّها خيرٌ للبشر ونورٌ في طريق الكرامة وللفوز بالنعيم.
*******
وهنا نستلهم العبر من سيرته مع جلسائه، حيث يقول الإمام الحسين عن أبيه (عليهما السَّلام) : كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) دائم البشر، سهل الخلق ليّن الجانب، ليس بفظّ ولا غليظ، ولا صخاّب، ولا فحّاش، ولا عيّاب، ولا مدّاح، قد ترك نفسه من ثلاث: المراء، والاكثار، وممّا لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث: كان لا يذمّ أحداً، ولا يعيّره، ولا يتكلم إلاّ فيما يرجو ثوابه.
إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير، فإذا سكت تكلمّوا، ولا يتنازعون عنده الحديث.
متى تكلم أنصتوا له حتى يفرغ، حديثهم عنده حديث أوّلهم، يضحك ممّا يضحكون منه، ويتعجّب ممّا يتعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته حتى إن كان أصحابه ليستجلبونهم
ويقول (صلّى الله عليه وآله وسلم) : إذا رأيتم طالب حاجة يطلبها فأرفدوه، ولا يقطع على أحد حديثه، حتى يجوز فيقطعه بنهي أو قيام.
*******
ومن سيرته مع جلسائه أيضاً نروي ما جاء عن زيد بن ثابت قال: إنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) كنا إذاً جلسنا إليه، إن أخذنا بحديث في ذكر الآخرة أخذ معنا، وإن أخذنا في ذكر الدنيا أخذ معنا، وإن أخذنا في ذكر الطعام والشراب أخذ معنا.
وعن علي (عليه السَّلام): "ما صافح رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) أحداً قطّ فنزع يده من يده حتى يكون هو الذي ينزع يده، وما فاوضه أحدٌ قطّ في حاجة أو حديث فانصرف حتى يكون الرجل هو الذي ينصرف، وما نازعه احدٌ الحديث فيسكت حتى يكون هو الذي يسكت، وما رؤي مقدّماً رجله بين يدي جليس له قط".
وعن الامام الصادق (عليه السَّلام) : "كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) يقسم لحظاته بين أصحابه، فينظر الى ذا وينظرو الى ذا بالسوية، ولم يبسط رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) رجليه بين أصحابه قطّ، وإن كان ليصافحه الرجل فما يترك رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) يده من يده حتى يكون هو التارك - أي ذلك الشخص "
وعن الامام الصادق (عليه السَّلام) أيضاً، قال: "فإنّ المداعبة من حسن الخلق، وانك لتدخل بها السرور على أخيك، ولقد كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) يداعب الرجل يريد أن يسرّه".
بهذه الأخلاق كانت سيرة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) مع جلسائه.
راجين الله التوفيق لنا لننهل من هذه السيرة والسنن العطرة.
*******