البث المباشر

المقاتل الحسينية -۱۰

الأربعاء 12 يونيو 2019 - 09:22 بتوقيت طهران
المقاتل الحسينية -۱۰

اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد، وآخر تابع له على ذلك، اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين، وشايعت وبايعت وتابعت على قتله، اللهم العنهم جميعاً. السّلام عليك يا ابا عبدالله، وعلى الارواح التي حلت بفنائك، عليك مني سلام الله أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار، ولا جعله الله آخر العهد منيّ لزيارتكم.

خطب دها الاسلام كان فضيعاً

من أجله بكت السماء نجيعاً!

آهاً له من حادث ذهل الاسى

فيه.. غداة مضى الحسين صريعاً

وتظنّ أنك منه لم تهجع أسىً!

يكفيك أنك لا تقرّ هجوعاً

الله! هذا ابن النبي لعظمه

جبريل هز المهد فيه رضيعاً

يقضي بضاحية الهجير بكربلا

ظام ومطوي الحشاشة جوعاً

فيكون مائدة لساغبة الظبى

والسّمر تكرع من حشاه نجيعاً

ما للمواضي وزعت من جسمه

لحم النبوة في الوغى توزيعا!

عجبا لمن قد كان نورا محدقاً

بالعرش.. يغدوا في التراب صريعا

ومن ارتبى طفلا بحجر محمد

حتى اغتدى وحي الاله رضيعا

يغدوا غداء المرهفات وبعد ذا

منه ترض الصافنات ضلوعا!

فتعج املاك السماء لقتله:

اليوم مات الانبياء جميعا!

لقد بكى الوجود، كل الوجود، على مصيبة سيد شباب اهل الجنة، اذ قتل تلك القتلة الفضيعة، فاصبح اهل البيت في اعظم فجيعة! وكان من قبل قد بكى الانبياء والاوصياء والاولياء، على واقعة الطف العظمى، وعلى قتل ريحانة المصطفى، وكان بكاه رسول الله واهل بيته قبل ان يقتل بعشرات السنوات، ثم كان لابد من الحزن المقدس على الامام الحسين (عليه السلام).
وللحزن - ايها المؤمنون الغيارى- دواعي الشجى، ومن دواعي الحزن والشجى ذكر المصاب، ومصاب الحسين مقتل عجيب، بل غريب، بل رهيب! فلا بد ان يذكر بخشوع واجلال، لينعم الحزن، ولابد ان يفصل بتفجع والم، ليعم الشجى، ولابد ان ينادى به بصراخ، ليعلو البكاء، ويشاع الحداد والعزاء وينشد امر الرثاء!
اجل، انه الحسين قد قتل، فاصبحت قصة المقتل ضرورة تعيش في وجدان كل مؤمن موال محب، ولابد ان تتلى ذلك القصة المقدسة بفصولها الكئيبة، فكتبت، كل مرة بيراع خاص، وكان مما دون من قصة المقتل الحسيني الشريف: كتاب (حديث كربلاء) بقلم حسيني غيور، فضلاً عن عالماً ذا نور و بصيرة وفضل، انه يراع سيد من نسل الامام الحسين وذراريه وحفيدته المخلصين، ذلك هو السيد عبد الرزاق الموسوي المقرم (رحمه الله)، وكان له في كتابه هذا الذي اشتهر بعنوان: (مقتل الحسين) (عليه السلام)، مقدمات ضرورية ومفيدة عقائدية وروحية وولائية، منها ما كتبه تحت عنوان: البكاء على الحسين فقال فيه: قول الامام (عليه السلام): انا قتيل العبرة لم يقصد فيه سيد الشهداء فقط التعريف بان قتله لأجل ان يبكي عليه فيستحق به الاجر في الاخرة فحسب، بل اثار اخرى تترتب على قتله، منها احياء شريعة الحق، وتقويم ما اعوجّ من علم الهداية، وتعريف الملأ ما عليه امراء الجور مع تاكيد الصلة بين ذكر مقتله وبين استدرار الدموع.
ثم كتب السيد المقرم تحت عنوان التباكي: لقد راق ائمة الهدي (عليهم السّلام) ان تبقى تلك الذكريات الخالدة مدى الدهر، تتحدث بها الاجيال المتعاقبة، علما منهم ببقاء الدين غضا طرياً مادامت الامة تتذاكر تلك الفاجعة العظمى ولم يقتصروا على لازمها وهو البكاء حتى رغبوا في التباكي فالباكي والمتباكي مشتركان في احتراق القلب وتأثر النفس، لأجل تصور ما ورد من الظلم على اهل البيت (عليهم السّلام) ومشتركان في لازمه، وهو النفرة والتباعد عن كل من دفعهم عن مقامهم وكم لأهل البيت من اسرار لا يقف عليها إلا من مارس كلامهم، ودرس مقتضيات الاحوال.
وبعد تفصيل الوقائع والحوادث ما قبل يوم الطف، ينقلها السيد المقرم الى مشهد عاشوراء يقسمه على عناوين عديدة، يكتبها وكأنه يضعها في ساحة الواقعة، وذلك بيراعه الادبي الحزين، ونفسية الصادق والعميق في حزنه، وباسلوب مرهف في مشاعره، حتى انه (رضوان الله عليه) يأتي بالشعر بين الفقرة والاخرى وكأنه يريد ان يرثي رثاء الناعي من على منبر الحسين في أيام مصاب الحسين!
ولرقة ما صاغه السيد المقرّم من قصة كربلاء وحديثها، ومشاهد المقتل الرهيب، أصبح كتابه يقرأ يوم عاشوراء بعنوان (مقتل الحسين الشهيد) ساعات من النهار في بكاء وعزاء، لا سيما مقطع (سيد الشهداء في الميدان- وشهادة الطفل الرضيع- والوداع الاخير).
وقد يتوقف اغلب الخطباء عن تفصيل المنظر الاخير لقداسته، وفظاعته ويكتفي بالاشارة من بعيد بالقرائن والكنايات، ليبدأ ضجيج الفاجعة وعجيجها، وصراخ النكبة العظمى وعويلها، وأمّا السيد المقرّم فيختم هذا الفصل بالقصيدة التي توفي على اثرهما الشريف الرضيّ:

كربلا... لازلت كرباً وبلا

ما لقي عند آل المصطفى

وأما بعد المصاب الجلل يوم عاشوراء، فإن السيد المقرّم يفتح في كتابه (حديث كربلاء - أو مقتل الحسين) عنوان: حوادث بعد الشهادة - يصوّر:
أولاً: حالة آل الحسين ليلة الحادي عشر من المحرّم.
وثانياً: ينقل من كتب العامة ما حدث من انقلاب العوالم وتغيّرات الطبيعة وأحوال الكون على اثر شهادة الامام الحسين (صلوات الله عليه) حيث يقول: لقد تغيرّت اوضاع الموجودات، وأختلفت الكائنات. ثم يذكر ومن عيون كتب السنة أنّ السماء مطرت دماً، وأنه لم يرفع حجر إلاّ وجد تحته دم عبيط - اي طريّ- وأنّ السماء صارت فيها حمرة لم تعرف إلاّ بعد قتل الحسين، وأنّ الناس مكثوا ثلاثة اشهر يرون الجدران ملطخة بالدم ساعة تطلع الشمس وساعة تغرب وقد سمعوا بكاءً وعويلاً ولم يروا أحداً وغير ذلك من الآيات التي صرخت في أفهام الناس وضمائرهم: بأنّ أمراً عظيماً قد وقع، وأنّ جريمة عظمى قد حدثت وأنّ هتكاً لحرمة الله كبرى قد حصل وأنّ الغضب الالهيّ سيحلّ!

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة