وقال العميد نائيني، في كلمة القاها أمام المشاركين في مسيرات اليوم الوطني لمقارعة الاستكبار العالمي في كرج (غرب طهران):
"إنّ هذه المسيرة هي الأولى بعد الحرب المفروضة التي استمرت 12 يوما، وقد عرضت مرة أخرى التزام الشعب بشعارات الثورة وروح مناهضة الاستكبار ووحدة الإيرانيين أمام وسائل الإعلام العالمية".
ونعى في كلمته ذكرى شهادة السيدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)، مشيرا إلى أن يوم 4 نوفمبر/تشرين الثاني (13 آبان) ليس مجرد استذكار لذكرى ماضية أو إعادة قراءة حدث تاريخي بسيط، ولا تسمية هذا اليوم «اليوم الوطني لمقارعة الاستكبار» عمل رمزي بحت".
وأشار العميد نائيني إلى ثلاثة أحداث فاصلة وقعت في 13 آبان، قائلاً إنّ هذا اليوم يذكّر بنفي الإمام الخميني (رض) عام 1964 بأمر من أمريكا، ومجزرة التلاميذ والطلاب في جامعة طهران عام 1978، والاستيلاء على «وكر التجسس الأمريكي» عام 1979، مشددًا على أن الثلاثة يشتركون في هوية واحدة؛ فالأول كان مُنطلق الثورة، والثاني مُسرّعا لها، والثالث مُكمّلًا لها.
الاستيلاء على السفارة الأمريكية: الثورة الثانية والأعظم
وأضاف:
"أن الاستيلاء على السفارة الأمريكية (وكر التجسس الامريكي) كان فعلًا عفويا محسوبا ودفاعيا واستباقيا لقطع تدخلات أمريكا، وأن هذا الفعل استند إلى تقييمات استخباراتية دقيقة وفهم عميق لمخططات أمريكا ضد إيران، ومثّل اختيارا استراتيجيا بين طريق المقاومة والعزّة والاستقلال، وبين طريق المهادنة والاستسلام".
ونوّه المتحدث باسم حرس الثورة إلى أن بعض الأطراف، بدوافع مختلفة، قد صوروا احتلال السفارة عملا خاطئا وبداية متاعب للجمهورية الإسلامية، إلا أن الإمام الخميني (رض) أيد هذا العمل الصادر عن الطلاب السائرين على نهج الإمام الخميني، تأييدا صريحا وقاطعا، ووصفه بأنه «ثورة ثانية وأكبر من الثورة الأولى».
معرفة أمريكا الحقيقية؛ من الانقلابات إلى حرب الـ12 يوما
وتابع نائيني:
"أن عداء أمريكا للشعب الإيراني ليس سوء فهما تاريخيا أو سياسة مرحلية، بل هو عداء جوهري؛ فالثورة الإسلامية تهدّد مصالحها في غرب آسيا".
وأضاف:
"أن تاريخ ايران المعاصر يحفل بقائمة طويلة من عداوات أمريكا ومؤامراتها وتدخلاتها، مبينا أن المواجهة مع إيران بدأت منذ انقلاب 1953وتصاعدت بعد انتصار الثورة ولا تزال مستمرة حتى اليوم".
ولفت نائيني الى أن ممارسات أمريكا تُقرأ من خلال انقلاباتها في إيران وهايتي والكونغو وغواتيمالا وتشيلي والبرازيل وفنزويلا، وعن طريق زعزعة استقرار الدول، وإثارة صراعات دامية في العالم الإسلامي، وتخطيط «الثورات الملونة»، ودعم أنظمة استبدادية، وشن حروب في أفغانستان والعراق واليمن وليبيا وشرق المتوسط، وظاهرة الإرهاب التكفيري و"داعش"، والدعم المطلق للكيان الصهيوني «قاتل الأطفال»، وقصف فلسطين ولبنان والعراق واليمن وإيران، والغدر، والخداع، والنكث بالعهود، وجرائم إبادة ضد السود والسكان الأصليين.
الشعب الايراني يلحق الهزائم بأمريكا
وأضاف نائيني: أن النظام السياسي الأمريكي استعمل كل ما في وسعه ضد الشعب الايراني، لكن صفحات تاريخ 47 عاما من انتصار الثورة الاسلامية، امتلأت بهزائم فادحة لأمريكا وانتصارات للشعب الإيراني.
وقال:
"إن التجارب التاريخية من انقلاب 1953 إلى حرب الـ12 يومًا تحولت إلى قاعدة بيِّنة لعدم الثقة الهيكلية بأمريكا، وأن الطلاب الجامعيين من خلال اقتحام السفارة الامريكية عبروا عن احتجاجهم على إيواء الشاه ومصادرة ونهب ثروات إيران وتحويل السفارة إلى مركز مؤامرات وانقلابات".
وثائق السفارة الأمريكية وكشف مؤامراتها
واشار العميد نائيني الى ان مطالبة الطلاب كانت إعادة الشاه المخلوع واستعادة الأموال المنهوبة، وهو مطلب الشعب الإيراني، وأن الإمام الخميني (رض) والشعب دعما ذلك.
وأضاف:
"أن اقتحام السفارة كشف أنّها كانت بمثابة قاعدة لجمع معلومات وكالة الاستخبارات الأمريكية «سي آي إيه»، وغرفة حرب ومركز تخطيط مؤامرات ضد الثورة، وأن عدم اقتحامها كان سيتيح للأمريكيين تغيير مسار الثورة.
وأشار إلى أن الوثائق المكتشفة بيّنت أن كثيرا من أعضاء السفارة كانوا عملاء لوكالة الاستخبارات، وأن الحكومة الأمريكية قبل الاقتحام نفّذت أعمالا عدائية مثل دعم عناصر ضد الثورة، والتخطيط لانقلاب، وحجز الأموال، وإلغاء عقود التسليح.
حرب الـ12 يومًا؛ مشروع أمريكي بتمويلٍ صهيوني
وأوضح نائيني، أن أمريكا بعد اقتحام السفارة وسّعت تهديداتها العسكرية والسياسية والأمنية والاقتصادية على مدى 47 سنة، وأن دورها كان واضحا في أحداث فتنة 2009 وفرض عقوبات مشلّة منذ ذلك العام، واغتيال العلماء، وفتنة 2022، والخيانة في المفاوضات، وفرض حرب الـ12 يومًا.
وقال:
"إن اقتحام السفارة قطع يد أمريكا، وكشف شبكات التجسس، وسقطت هالة أمريكا الوهمية، وسرّع تصدير الفكر الثوري عالميا. وعن حرب الـ12 يوما أضاف أنها كانت مشروعا أمريكيا بتمويل ورعاية واشراف أمريكي، وتنفيذه من قبل الكيان الصهيوني، وأن إيران وقفت وحدها أمام كامل حلف الناتو وقيادة القوات الأمريكية «سنتكوم»، وأن العدو تكبّد هزيمة منكرة.
تحذير قائد الثورة؛ «الموت لأمريكا» إلى الأبد
وأشار المتحدث باسم حرس الثورة إلى أن وثائق السفارة الامريكية بينت أن السفارة كانت أكثر من مجرد بعثة دبلوماسية؛ بل كانت محطة تنفيذية للمخابرات ومهمةً عملياتية، وأن الدبلوماسية بالنسبة لأمريكا كانت ستارة للتغلغل والانقلاب. ونقل عن قائد الثورة تأكيده أنه ما دام النظام الأمريكي يمارس الشر والتدخل والخباثة، فلن تزول كلمة «الموت لأمريكا» من أفواه الإيرانيين، مؤكدا مطالبة قائد الثورة المتكررة بعدم الثقة بالوعود والكلمات والابتسامات والعهود الأمريكية.
تضامن الشعب في حرب الـ12 يومًا واستراتيجية العدو ما بعد الحرب
وأكد العميد نائيني أن حرب الـ12 يوما بيّنت أن صناع القرار الأمريكيين غير جديرين بالثقة، وأن الشعب الإيراني كان واعيا وبالتضامن تشكّل درعا فولاذيا.
وأضاف:
"أن تركيز العدو في مرحلة ما بعد الحرب يهدف إلى تفكيك التماسك الوطني، وأن استراتيجية العدو تقوم على صناعة رواية زائفة عن نصر سابق وإنتاج مخاوف من حرب قادمة، مستهدفة الاقتصاد والاستقرار السياسي والنفسي للمجتمع لبث القلق واليأس في إيران.
إيران القوية؛ الطريق الوحيد لنهضة البلد
وتابع العميد نائيني:
"أن اليوم البلد آمن أكثر، والاستعدادات العسكرية أقوى، والردع في ازدياد، وأن نقاط ضعف العدو ظهرت بوضوح، ونحن مستعدون لتكبيده هزائم أشد".
وأوضح أن التمكّن يعني الاعتماد على الإنتاج المحلي والمعرفة الوطنية والإدارة الذكية للموارد؛ إذ إنّ تقوية البلاد هي دواء التقدّم، وأول عناصرها الاستقلال والاعتماد على القدرات الداخلية.
وشدّد على أن القوة تعني الاعتماد على الإنتاج الداخلي، وعلى العلم المحلي وإدماج العلم في التكنولوجيا والصناعة مما يفضي إلى قوة اقتصادية وسياسية وعسكرية. وأن الاقتصاد القوي هو عمود الاستقلال والرفاه.
ونقل نائيني عن قائد الثورة أن «القوة» هي حركة جماعية للشعب والنخب والمديرين ورجال الأعمال، تؤدي إلى الأمن والعدالة والرفاه والردع، ومن الضروري أن يتجمّع الأذكياء والمخلصون لتحديد سبل تقوية البلاد ومتابعة تنفيذها؛ فليس هنالك طريق آخر، وحين يرى الخصم إيران قوية فلن يجرؤ على التهديد.