لماذا وقع ترامب في حب قناة بنما؟
"ستستعيد حكومتي قناة بنما. لم نسلمها للصين، سلمناها لبنما، والآن نستعيدها".
لكن هذه المرة، يكمن وراء شعاراته منطق اقتصادي ؛ لأن في عالم ترامب فإن الطرق المائية تعني جني المال، السلطة والرسوم الجمركية.
منذ عام ١٩٩٨، تم تسليم منافذ الدخول على جانبي قناة بنما – آي بالبوا في المحيط الهادئ وكولون في الكاريبي - إلى شركة "سي كيه هاتشيسون" التابعة للهونغ الكونغ.
عقد لمدة 25 عاما تم تمديده في عام 2021.
تجني هده الشركة مليارات الدولارات من عمليات الموانئ، التفريغ، التحميل والترانزيت.
بالنسبة لترامب، فإن هذا يكفي ليرى الأمر بمثابة نفوذ اقتصادي صيني، ويجد ذريعة جديدة للضغط على بكين.
لكن القضية تتجاوز المنافسة بين الصين وأمريكا.
قناة بنما هي شريان الحياة للتجارة العالمية.
تتمكن السفن عبر المحيط الأطلسي من الوصول إلى المحيط الهادئ خلال عشر ساعات.
يمر عبر هذا الطريق يوميا حوالي 40 سفينة ضخمة تحمل ما يصل إلى 14000 حاوية.
في سنة 2025 المالية حققت بنما إيرادات قدرها 5.7 مليار دولار، وعلي وجه الإجمال، يتم نقل ما يزيد عن 270 مليار دولار من البضائع عبر هذه القناة سنويا.
تعني الرقابة علي الرسوم الجمركية في مثل هذا الممر السيطرة على تدفق التجارة العالمية.
ولكن هذه ليست المرة الأولى التي ترى فيها واشنطن، قناة بنما كأداة للسلطة.
ففي عام 1903، سيطرت الولايات المتحدة على القناة من خلال دعمها العسكري لانفصال بنما عن كولومبيا، وقامت بإدارة منطقة القناة وكأنها مستعمرة في قلب بنما لعدة عقود من الزمن.
بعد الاحتجاجات الدموية في عام 1964 وتوقيع معاهدة "توريخوس-كارتر"، تم تسليم إدارة القناة إلى بنما في عام 1999.
ولكن مع فقرة لا تزال تسمح للولايات المتحدة بالتدخل الأحادي إذا تعرض حيادها للتهديد.
الآن، أعاد ترامب إحياء نفس هذه الفقرة.
لا يريد ترامب أن يكون له تأثير على الموانئ فحسب، بل أيضا على رسوم وأسعار النقل، لكي يجني الإيرادات عبر التجارة العالمية وأن يمارس الضغط على الصين أيضا.
عودة ترامب إلى السلطة أعادت في بنما ذكريات العنصرية والتمييز الماضية وأحيتها من جديد، لتذكر بالأيام التي لم يكن للشعب دور سوى المتفرج على أرضهم.