والصلاة والسلام على حبيب اله العالمين محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم - ايها الاعزاء- ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
مستمعينا الاكارم: حول اخلاق النبي (صلى الله عليه وآله) وآدابه روي عن ابن عباس قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) اذا نظر في المرآة قال: الحمد لله الذي حسن خلقي وخلقي وزان مني ماشان من غيري.
وروي ان النبي الاكرم محمداً (صلى الله عليه وآله) صلى حتى انتفخت منه قدماه، فقيل له: أتفعل هذا؟ وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قال (صلى الله عليه وآله): أفلا أكون عبداً شكورا؟!
*******
مستمعينا الافاضل: نواصل الحديث الذي شرعنا به في الحلقات الماضية وقلنا ان من معالي اخلاق امير المؤمنين علي (عليه السلام) تطبيقه لمباديء وقوانين الاسلام كما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم تأخذه في ذلك لومة لائم، وقد جسد المخطط الاسلامي للعدالة الاجتماعية بأجلى صوره وأدق تفاصيله.
واذا كانت جميع جوانب الجهاز الحكومي في الدولة الاسلامية قد تناولتها يد الاصلاح فحققت ارقى النماذج التي يصبو اليها الانسان، فان الامام (عليه السلام) قد خطا في سبيل تحقيق افضل صورة للعدالة الاجتماعية وفقاً للتصورات الاسلامية التفصيلية فقد شهد المجتمع الاسلامي بجميع قطاعاته وقواه عدالة رائدة كالتي شهدها ايام رسول الله (صلى الله عليه وآله) في منطلقاتها وابعادها.
ونذكر بعض شواهد تلك التجربة التاريخية المشعة التي تفيأت الامة ظلالها ولو لوقت قصير، فقد شهدت قطاعات الأمة جميعاً صوراً من التعاهد لأمرها والرفق بها ورعاية شؤونها والتسوية في العطاء بين جميع التابعين للدولة الاسلامية التي تجسدها تعليمات الامام وكلماته ومنها قوله (عليه السلام):
«المال مال الله يقسم بينكم بالسوية لافضل لأحد على أحد».
وقوله ايضاً: «وايم الله لا نصفن المظلوم من ظالمه ولأقودن الظالم بخزامته حتى أورده منهل الحق وان كان كارهاً».
والخزامة: حلقة من شعر توضع في وترة أنف البعير يشد بها زمامه ليسهل قياده.
الى جانب هذا وذاك شهدت الأمة التي قادها امير المؤمنين (عليه السلام) بمختلف قطاعاتها من ألوان التدبير لشؤونها والرعاية لأمورها والحدب عليها ما حقق لها الكرامة والسعادة والحرية، ومن صور ذلك: عن الحكم قال: شهدت علياً وقد اوتي له بزقاق من عسل فدعا اليتامى وقال: ذوقوا والعقوا، حتى تمنيت اني يتيم، فقسمه بين الناس وبقي منه زق فأمر ان يسقاه اهل المسجد.
ونبقى مع امام المتقين علي (عليه السلام) فقد روي عن علي بن ربيعة قال: جاء ابن التياح الى علي ابن ابي طالب (عليه السلام) فقال: يأ أمير المؤمنين امتلأ بيت المال من صفراء وبيضاء.
فقال علي (عليه السلام): الله اكبر ثم قام متوكئاً على يد ابن التياح فدخل بيت المال وهو يقول:
هذا جناي وخياره فيه
وكل جان يده الى فيه
وهذا - مستمعي العزيز- مثل يضرب اراد به الامام (عليه السلام) انه لم يصب شيئاً من مال المسلمين بل وضعه في موضعه ثم نودي في الناس فأعطى جميع ما في بيت المال وهو يقول: «يا بيضاء و يا صفراء غري غيري حتى لم يبق فيه درهم ولا دينار»، ثم امر بنضحه بالماء فصلى فيه ركعتين (عليه السلام).
وقد ساوى الامام علي (عليه السلام) نفسه بافقر رعيته وقد جاهد بكل اخلاص لرفع غائلة الفقر والظلم عن الأمة وهو القائل (عليه السلام): او ابيت مبطاناً وحولي بطون غرثى واكباد حرى؟
أو اكون كما قال القائل:
وحسبك داءً ان تبيت ببطنة
وحولك اكباد تحن الى القد
ويستمر الامام علي (عليه السلام) قائلاً: أأقنع من نفسي بأن يقال امير المؤمنين، ولا اشاركهم في مكاره الدهر، او اكون اسوة لهم في جشوبة العيش.
وهو (عليه السلام) الذي اشترى ثوبين واعطى اغلاهما ثمناً لخادمه قنبر وقال: اني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: «البسوهم مما تلبسون واطعموهم مما تأكلون».
*******
مستمعينا الاعزاء: كيف ننظر الى وجودنا المادي والمعنوي: فلنتعلم من الامام الحسين (عليه السلام) كيف كان ينظر الى وجوده الشريف فانها نظرة تشكل البنيه الخلفية للفعاليات الأخلاقية مع الناس. عن الصادق جعفر بن محمد عن ابيه عن جده –صلوات الله عليهم اجمعين- قال: سئل الحسين بن علي)عليهما السلام( فقيل له: كيف أصبحت يا بن رسول الله؟
قال (عليه السلام): «اصبحت ولي رب فوقي والنار امامي والموت يطلبني والحساب محدق بي، وانا مرتهن بعملي، لا اجد ما احب ولا ادفع ما اكره، والامور بيد غيري فان شاء عذبني وان شاء عفا عني، فأي فقير أفقر مني»؟!
اجل - مستمعي العزيز- هذا هو الحسين (عليه السلام) في محضر الله سبحانه فهل عرفت الحسين كيف ينظر الى وجوده؟ ومن كان هكذا فانه يكون مع الناس في افضل صورة اخلاقية.
وختاماً - ايها الأحبة الكرام- نتقدم لحضراتكم بالشكر الجزيل على حسن المتابعة وجميل الاصفاء. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******