وصلى الله على صاحب الخلق العظيم محمد المصطفى وعلى آله الهداة الميامين.
السلام عليكم - مستمعينا الأكارم- ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
مستمعينا الاعزاء: حول أخلاق النبي (صلى الله عليه وآله) وآدابه قال انس بن مالك: ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لقي علياً فقال: ما تقول يا علي عند منامك؟
قال: أقول كما يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: فما هو؟
قال: أقول: «اللهم انت البديع، الدائم، القائم غير الغافل، خلقت كل شيء، لا شريك لك، وعلمت كل شيء من غير تعليم، اغفر لي، انه لا يغفر الذنوب الا انت».
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا بني هاشم تعلموا دعاء علي بن ابي طالب.
وروي ايضاً ان الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله) كان اذا اراد ان ينام قال: باسمك احيا وباسمك اموت واذا اصبح او قام من فراشه قال: الحمد لله الذي أحيانا بعدما اماتنا واليه النشور.
*******
مستمعينا الافاضل: لقد قلنا في الحلقات الماضية ان من معالي اخلاق امير المؤمنين علي (عليه السلام) تطبيقه لمباديء وقوانين الاسلام من دون ان تأخذه في ذلك لومة لائم، وذكرنا انه (عليه السلام) كان يراقب المسؤولين والولاة بدقة واذا بدا من احدهم خطأ او تقصير بادر الى تقويم سلوكه بالوسائل التربوية تارة وبالتهديد او بالعزل اذا لزم الأمر تارةً اخرى.
وقد كتب (عليه السلام) الى احد عماله يقول: اما بعد فقد بلغني عنك امر ان كنت فعلته فقد اسخطت ربك وعصيت امامك واخزيت امانتك. بلغني انك جردت الارض - اشارة الى الخيانة بتخريب الاراضي- فأخذت ما تحت قدميك واكلت ما تحت يديك فارفع الي حسابك، واعلم ان حساب الله اعظم من حساب الناس.
نعم - مستمعي الكريم- وكما كان الامام علي (عليه السلام) يخطط للولاة ويزودهم بنصائحه الهادية كان يرسم الخطط كذلك لقادة جيوشه ويوضح لهم معالم الطريق وما ينبغي عليهم فعله عند مواجهة العدو، فكان (عليه السلام) ينهاهم عن البغي ويأمرهم بعدم اثارة الحرب من جانبهم ويحثهم على التسلح بالصبر وضبط النفس، وان يكونوا في بداية المواجهة كما لو كانوا مدافعين فحسب، فاذا اعتدي عليهم فقد قامت الحجة لصد العدوان.
واذا قدر وانتصروا على عدوهم فلا يباح ان تحملهم نشوة الظفر على عدوهم الى ملاحقة جنوده الهاربين من القتال، او الذين لا يملكون سلاحاً يدافعون به عن انفسهم كما لا يجوز قتل الجرحى، او الاساءة الى النساء وان بدأن الإساءة بسب او شتم او نحوه.
مستمعينا الاعزاء: ونبقى مع أمير المؤمنين علي (عليه السلام) صوت العدالة الانسانية الذي أثبت بسلوكه وسيرته لكل الأجيال البشرية انه الخليفة والوصي والممثل الحقيقي للرسالة الاسلامية العظيمة بعد الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله) فنقول: بالنظر للأهمية البالغة التي يحتلها جهاز جباية الأموال في الدولة الاسلامية حيث تشكل الحقوق العامة في ملكية الأفراد عنصراً مهماً من عناصر الاقتصاد الاسلامي، فان حق الجماعة في الملكيات الخاصة يوفر ضمانة كبرى لمساعدة الدولة الاسلامية على تغطية نفقاتها الضخمة على الصعيد الاجتماعي والعسكري وغيرهما من جوانب الحياة العامة.
بالنظر لأهمية جهاز جباية الأموال هذا فقد أولاه الامام علي (عليه السلام) عنايةً فائقةً لا من اجل ان يجمع اكبر نصيب من المال كما يفعل حكام الجور، وانما من اجل ان ينخرط ذلك الجهاز- في مسيرة العدالة الاسلامية المثلى التي جسدها (عليه السلام) في حياة الناس، فكان الامام حريصاً على ان يلتزم موظفو ذلك الجهاز باقصى درجات العدل والفضيلة والنبل والشعور بالمسؤولية.
فليست مهمتهم في نظر الامام (عليه السلام) ان يجمعوا المال من اجل المال وانما ينبغي عليهم ان يلتزموا الحق في تعاملهم مع الأمة وان يعكسوا عدالة الاسلام لمن يلتقون بهم من الناس، فلا ينبغي ان يغضبوا احداً من الناس ولا يسيئوا معاملة احد ولا يضربوا انساناً من اجل درهم مثلاً ولا يجوز ان يعتدوا على مال امريء من المسلمين او من غيرهم ممن يتمتع بحق التابعية للدولة الاسلامية.
كما لا يجوز ابداً ان يبيعوا كسوة انسان او دابته من اجل استيفاء المال ولا يحق لأحد الجباة ان يردع احداً او يستوفي اكثر من حق الله في ماله ولا ينبغي ان يتسعلي على الناس او يبخل عليهم بالتحية او اللطف والمرونة في معاملتهم الى غير ذلك من وصاياه (عليه السلام) وخططه العظيمة البناءة.
وقبل الوداع - أيها الأعزاء- ندعو معاً بهذا الدعاء الذي اوصى المعصومون (عليهم السلام) بقراءته بعد قراءة زيارة امير المؤمنين (عليهم السلام) المعروفة باسم «امين الله»: «الهي وسيدي ومولاي اغفر لأولياءنا وكف عنا اعدائنا واشغلهم عن اذانا واظهر كلمة الحق واجعلها العليا وادحض كلمة الباطل واجعلها السفلى انك على كل شيء قدير».
أيها الأحبة الكرام- نشكركم على حسن المتابعة وحتى اللقاء القادم نستودعكم حسن المتابعة وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم.
*******