البث المباشر

الحكمة والموعظة الحسنة خلق النبي(ص) في الدعوة المساواة بين الرعية في حكم امير المؤمنين(ع) حقيقة الزهد في خلق الزهراء(ع)

الأحد 28 إبريل 2019 - 10:53 بتوقيت طهران
الحكمة والموعظة الحسنة خلق النبي(ص) في الدعوة المساواة بين الرعية في حكم امير المؤمنين(ع) حقيقة الزهد في خلق الزهراء(ع)

والصلاة والسلام على البشير النذير محمد المصطفى ‌وعلى آله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم - أيها الأكارم- ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين أن تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
مستمعينا الأعزاء: لقد كان من معالي أخلاق الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) الدعوة‌ الى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة: أخرج ابن خزيمة عن عمران بن خالد بن طليق عن أبيه عن جده أن قريشاً جاءت الى الحصين - وكانت تعظمه- فقالوا له: كلم لنا هذا الرجل فانه يذكر آلهتنا ويسبهم، فجاؤوا معه، حتي جلسوا قريباً من باب النبى (صلي الله عليه وآله) فقالوا: أوسعوا للشيخ، وعمران وأصحابه متوافرون، فقال الحصين مخاطبا الرسول (صلي الله عليه وآله): ما هذا الذى بلغنا عنك أنك تشتم الهتنا وتذكرهم، وقد كان أبوك حصينة وخيراً؟
فقال (صلي الله عليه وآله): يا حصين كم تعبد من إله؟ 
قال: سبعة في الأرض وواحدا في السماء. 
قال (صلي الله عليه وآله): فاذا أصابك الضر من تدعو؟ 
قال: الذى فى السماء.
قال (صلي الله عليه وآله): فاذا هلك المال من تدعو؟ 
قال: الذى فى السماء، 
قال (صلي الله عليه وآله): فيستجيب لك وحده وتشركهم معه، أرضيته في الشكر أم تخاف أن يغلب عليك؟ 
قال: لا واحدة من هاتين. 
قال (صلي الله عليه وآله): يا حصين أسلم تسلم.
قال حصين: إن لي قوما وعشيرة فماذا أقول؟ 
قال (صلي الله عليه وآله): قل: «اللهم أستهديك لأرشد أمري، وزدني علما ينفعني. فقالها حصين فلم يقم حتي أسلم».

*******

مستمعينا الافاضل: عندما تولي الامام علي (عليه السلام) السلطة قرن النظرية بالتطبيق العملي فبعد أن بادر الي اصلاح الوضع السياسي والإداري قام أيضا باصلاح الوضع الاقتصادي فأمر بالغاء طريقة توزيع المال التي اعتمدت في السابق واتبع طريقة المساواة التي انتهجها رسول الله (صلي الله عليه وآله)، وقد تضمن بيانه التالي هذه الأفكار الجليلة العادلة كما وردت في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:
ألا وأيما رجل من المهاجرين والأنصار من أصحاب رسول الله (صلي الله عليه وآله) يري أن الفضل له علي من سواه لصحبته فان الفضل النير غدا عند الله وثوابه وأجره علي الله.
وأيما رجل استجاب لله وللرسول فصدق ملتنا ودخل في ديننا واستقبل قبلتنا فقد استوجب حقوق الاسلام وحدوده. فأنتم عباد الله، والمال مال الله يقسم بينكم بالسوية، لا فضل فيه لأحد علي أحد، وللمتقين عند الله غدا أحسن الجزاء وأفضل الثواب، لم يجعل الله الدنيا للمتقين أجرا ولا ثوابا، وما عند الله خير للأبرار.
واذا كان غدا - ان شاء الله- فاغدوا علينا فان عندنا مالاً نقسمه فيكم ولا يتخلفن أحد منكم عربي ولا عجمي كان من أهل العطاء أو لم يكن الا حضر اذا كان مسلما حراً .
أجل - مستمعي العزيز- فلما صار الغد نفذ الامام علي (عليه السلام) خطته علي الشكل التالي: دعا كاتبه عبيد الله بن أبي رافع وقال له: إبدأ بالمهاجرين فنادهم، وأعط كل رجل ممن حضر ثلاثة دنانير ثم ثن بالأنصار فافعل معهم مثل ذلك ومن حضر من الناس كلهم: الأحمر والأسود فاصنع به مثل ذلك.
فقام سهل بن حنيف وقال: يا أمير المؤمنين هذا غلامي بالأمس وقد أعتقته اليوم.
فقال (عليه السلام): نعطيه كما نعطيك فأعطي كل واحد منهما ثلاثة دنانير، ولم يحضر تلك القسمة العادلة طلحة والزبير وعبد الله بن عمر وسعيد بن العاص ومروان بن الحكم ورجال من قريش وغيرها.
وكان ذلك أول خطوة منه (عليه السلام) للقضاء علي الفوارق الطبقية التي نشأت جراء التفضيل في العطاء والامتيازات.
وهكذا جسد (عليه السلام) مفهوم التسوية في العطاء بين جميع الناس الذين يتمتعون بحق المواطنة الاسلامية دون تمييز بين الناس لأي سبب من الأسباب.

*******

مستمعينا الأفاضل: الزهد والعبادة صفة طبيعية واضحة في حياة أهل البيت (عليه السلام) فهم المثل الأعلي والقدوة الرائدة والشخصيات الاسلامية القمة، ومنهج أهل البيت (عليه السلام) في الزهد والعبادة هو منهج الاسلام بصفائه وأصالته كما بلغه رسول الله (صلي الله عليه وآله) فليس الزهد والعبادة في منهجهم انقطاعاً عن الحياة أو فراراً من مسؤوليات الانسان الاجتماعية بل الزهد والعبادة عندهم تعال علي متع الحياة وتسام علي أوطارها الفانية.
والعبادة في منهجهم صياغة الحياة وملء أبعادها وفق مشيئة الله وصفاء العلاقة معه وشدة الارتباط به سبحانه لذلك نجد السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) العابدة الزاهدة المتبتلة التي سميت البتول لكثرة عبادتها وتبتلها، نشاهد حياتها جهاداً وعملاً وكفاحاً وزهداً وعبادة وتبتلاً، نشاهد الزهد في عظم شخصيتها وتسامي نظراتها وترفعها عن الخضوع للذات الحياة وزخارف العيش.
ففاطمة (عليها السلام) في بساطة بيتها وفي خشونة عيشها وفي تواضع حياتها تمثل الزهد بأدق معانيه، وتحفظ وهي في مقامها الرفيع للمرأة المؤمنة طريق المسلمة الواعية وتعرفها قيمة الحياة، وكيفية التعامل معها وليس بوسع حديثنا هذا أن يلم بكل مآثر فاطمة ومناقبها في هذا المجال فالأمثلة كثيرة والشواهد عديدة بل وكل حياة فاطمة أمثال وشواهد، الا أن في اختيار بعض مآثرها وعرض نموذج من سلوكها الايماني الزاهد أثراً في نفس المقتدي ومنهجاً للمرأة المسلمة الناضجة.
ومن هذه المآثر: عن أسماء بنت عميس أنها قالت: كنت عند فاطمة اذ دخل عليها النبي (صلي الله عليه وآله) وفي عنقها قلادة من ذهب أتي بها علي بن أبي طالب (عليه السلام) من سهم صار إليه - والسهم: ما يوزع علي المجاهدين من غنائم الحرب التي يغنمها المسلمون في الجهاد- فقال لها: يا بنية لا تغتري بقول الناس: فاطمة بنت محمد وعليك لباس الجبابرة، فقطعتها لساعتها وباعتها ليومها، واشترت بالثمن رقبة مؤمنة فأعتقتها فبلغ ذلك رسول الله (صلي الله عليه وآله) فسر بعتقها وبارك علي.
وختاماً - أيها الأكارم- ندعو معاً بهذا الدعاء:
«اللهم صل علي محمد وآل محمد الأوصياء الراضين المرضيين واجعلني من جندك فإن جندك هم الغالبون واجعلني من حزبك فان حزبك هم المفلحون واجعلني من أوليائك فان أوليائك لا خوف عليهم ولاهم يحزنون».
وشكراً لكم علي حسن المتابعة وحتي اللقاء القادم نستودعكم الله والسلام عليكم.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة