البث المباشر

بعد النظر والتخطيط للمستقبل في اخلاق النبي(ص) العسكرية الامام الحسين(ع) وانقاذ المستضعفين فكرياً الامام الرضا(ع) وتجسيد مبدأ التفاضل بالتقوى

الأحد 28 إبريل 2019 - 10:51 بتوقيت طهران
بعد النظر والتخطيط للمستقبل في اخلاق النبي(ص) العسكرية الامام الحسين(ع) وانقاذ المستضعفين فكرياً الامام الرضا(ع) وتجسيد مبدأ التفاضل بالتقوى

وصلى الله على من بعث رحمة‌ للعالمين محمد المصطفى وعلى آله الهداة الميامين.
السلام عليكم - ايها الافاضل... ايتها الفاضلات- ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا مع وقتاً طيباً ومفيداً.
مستمعينا الاعزاء: استكمالاً لما ذكرناه في الحلقات السابقة عن الشجاعة الفائقة والمستوى القيادي العسكري الفذ الذي كان يتمتع به رسول الله (صلى الله عليه وآله) نقول: لقد كان (صلى الله عليه وآله) بعيد النظر في جميع تحركاته العسكرية، يضع لكل احتمال خطة ويدخل في حساباته اسواً الاحتمالات، ولعمق نظره في الأمور ومعرفته بكل احتمال وما يتطلب لم يصب بارتباك قط عندما انهزم جيشه او تغير سير المعركة لغير صالحه، وانما كان يواجه كل حالة بتخطيط معد سلفاً وبتسديد من الله تبارك وتعالى.
فلقد رأينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين عزم على عقد صلح الحديبية يلتزم بهدفه رغم كل العقبات ويتابع خطواته قدماً من اجل تحقيق ذلك، لعلمه ان الهدنة فتح مبين للمسلمين سيمهد لفتح مكة فانها ستجمد الصراع مع قريش فيبادر المسلمون لدعوة القبائل العربية من غير قريش الى الاسلام ويتفرغ الرسول (صلى الله عليه وآله) لليهود فينهي وجودهم العملي في الجزيرة العربية ويعزز الجبهة الداخلية ويعد الأمة للمستقبل.
وقد استمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) مصراً على هدفه حتى أبرم الهدنة المذكورة التي كانت بحق فتحاً مبيناً لرسالة‌ الله تعالى وقد حكى القرآن الكريم ذلك في سورة‌ الفتح. وفي فتح مكة مع ان الدلائل كانت تشير الى اذعان قريش واستسلامها امام الزحف الاسلامي، لكن الرسول (صلى‌ الله عليه وآله) لم يدخلها الا بعد ان وزع قواته الى أربع فرق: كل فرقة دخلت من جهة من جهات مكة تحسباً لأي طاريء.
ولعلمه (صلى الله عليه وآله) أن قريشاً تعتمد على التجارة في دعم مركزها الاقتصادي ونفوذها بين القبائل العربية، عمل على فرض الحصار عليها من اجل اضعاف ذلك المركز الحيوي فهدد طرق القوافل التجارية عن طريق قطعات عسكرية متحركة فأشاع الهلع والضيق في نفوس المشركين، وكما كان لخططه تلك دورها في ارباك الميزان التجاري لمكة كان لها ايضاً دور حاسم في تعزيز الثقة في نفوس المسلمين ورفع معنوياتهم واعدادهم لمعارك المستقبل الأمر الذي تحقق فيما بعد.

*******

مستمعينا الاكارم: من أساليب التعليم ان نبين للمستمع فكرتين صحيحتين ثم نطالبه باكتشاف الأرجح منهما ولهذا الأسلوب التعليمي اخلاقية خاصة‌ عند الامام الحسين (عليه السلام) نسمعها فيما يلي: ورد انه (عليه السلام) قال لرجل: ايهما احب اليك: رجل يروم قتل مسكين قد ضعف، تنقذه من يده؟ او ناصب يريد اضلال مسكين مؤمن من ضعفاء شيعنا تفتح عليه ما يمتنع المسكين به منه ويفحمه ويكسره بحجج الله تعالى؟
وبعبارة اخرى - مستمعي الكريم- ايهما اهم انقاذ مسكين من القتل، ام انقاذ مسلم من الاشكالات والشبهات التي يثيرها اهل الضلالة في طريقه؟ لقد أجاب الامام الحسين (عليه السلام) بنفسه على السؤال قائلاً: بل انقاذ هذا المسكين المؤمن من يد هذا الناصب، ان الله تعالى يقول: «ومن احياها فكأنما احيا الناس جميعاً» (المائدة، 32).
اي ومن احياها وارشدها من كفر الى ايمان، فكأنما احيا الناس جميعاً من قبل أن يقتلهم بسيوف الحديد.

*******

مستمعينا الاعزاء: لقد أكد الامام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) بسلوكه وعمله اعتزازه بالقيم والمباديء والموازين الشرعية واتخاذها اساساً ومنطلقاً للمفاضلة والتقييم بين البشر فلا المال ولا الجاه ولا النسب ولا السلطة ولا غيرها من الاعتبارات يمكن أن ترفع الانسان وتفضله على غيره في نظر الاسلام، بل هناك مقاييس وقيم وموازين اخرى يثبتها القرآن، ويرفض الامام ان يراه احد مفضلاً ومتقدماً بغيرها، فهي مبادئه التي يدعو اليها وقيمه التي يجاهد من اجلها.
لذلك نجده (عليه السلام) يقول لرجل قال له: [والله ما على وجه الأرض اشرف منك أباً، فقال له]: التقوى شرفتهم وطاعة الله احظتهم (أي عظمتهم) فقال له آخر: انت والله خير الناس، فقال له (عليه السلام): لا تحلف يا هذا خير مني من كان أتقى لله تعالى واطوع له، والله ما نسخت هذه الآية: «وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم» (الحجرات، 13).
واكد الامام الرضا (عليه السلام) هذه القيمة الاخلاقية والانسانية الكبرى التي نادى بها الاسلام وهي قيمة الأخوة الانسانية واحترام الانسان ورعاية حقوقه وكرامته في موقف آخر حين قال لبعض جلسائه حلفت بالعتق الا احلف بالعتق الا اعتقت رقبة واعتقت بعدها جميع ما أملك ان كان يرى اني خير من هذا (وأوماً الى عبد اسود من غلمانه) بقرابتي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) الا ان يكون لي عمل صالح فأكون افضل به منه.
اجل - مستمعي العزيز- تلك هي اخلاق اهل البيت (عليهم السلام) ائمة المسلمين وقادتهم، وهذا منهجهم وتلك اخلاقهم العملية في التعامل والعلاقات والنظرة الى الانسان. ومما يتداعى الى ‌الذهن في هذا المورد من الحديث: إن المحنة الانسانية اليوم هي الشعور بالاستعلاء والمفاهيم العنصرية والطبقية واحتقار الانسان والاستهانة بقيمته وكرامته، هذه المفاهيم التي افرزتها الحضارة المادية الجاهلية المعاصرة. والتي تأثر بها أيضاً - مع الأسف- البعض من المحسوبين على التيارات الاسلامية، وليس امام الانسان من سبيل للحصول على كرامته وانسانيته وتحقيق مباديء العدل والمساواة الا في ظل المنهج والنظام الاسلامي العظيم والاقتداء بسلوك اولئك العظام من ائمة الهدى ودعاة العدل والمساواة ورواد الاصلاح والأخوة في الله والانسانية.
وفي الختام - ايها الاعزاء- نرجو لكم كل خير وشكراً لكم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة