البث المباشر

بكاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند فقد الاحبة التوجه للدار الآخرة في سلوك الامام الباقر (عليه السلام)

الأحد 28 إبريل 2019 - 10:37 بتوقيت طهران
بكاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند فقد الاحبة التوجه للدار الآخرة في سلوك الامام الباقر (عليه السلام)

وصلى الله على الحبيب المصطفى محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في برنامجكم هذا راجين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
عن صبر الرسول الاكرم(ص) على فراق الاحبة روى انس بن مالك قال: رأيت ابراهيم بن رسول الله(ص) فدعاه فضمه اليه، فرأيته بين يدي رسول الله(ص) وهو يكيد بنفسه ـ أي يجود بنفسه ـ فدمعت عيناه، فقال رسول الله(ص): تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول الا ما يرضي ربنا وانا بك يا ابراهيم لمحزونون وعن خالد بن سلمة قال: لما اصيب زيد بن حارثة انطلق رسول الله(ص) الى منزله فلما رأته ابنته جهشت في وجهه فانتحب رسول الله(ص) فقال له بعض اصحابه: ما هذا يا رسول الله؟ 
قال: هذا شوق الحبيب الى حبيبه، وروي عن الشعبي وقتادة وعطا بن يسار: ان المشركين لما مثلوا بقتلى احد وبحمزة بن عبد المطلب فشقوا بطنه واخذت هند بنت عتبة كبده فجعلت تلوكه وجدعوا انفه واذنه، قال المسلمون: لئن امكننا الله منهم لنمثلن بالاحياء فضلاً عن الاموات. فنزلت الآية: «وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين / واصبر وما صبرك الا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون» (النحل، 126-127) وهكذا تجمل رسول الله(ص) بالصبر وتحمل المأساة التي حلت بالمسلمين يوم احد واشدها قتل سيد الشهداء حمزة(ع) والتمثيل به اشنع تمثيل. 
نعم ايها الأخوة ـ لقد امتحن الباري تعالى صبر رسوله الكريم(ص) وفي كل مرة كان يعلو فوق كل امتحان بالتوكل عليه سبحانه ويواجه الاسى والألم بصبر لا يخالطه هلع او قنوط، انها اخلاق النبوة في ارفع صورها.
روي ان الامام الباقر(ع) كان يقول في دعائه عندما يأوي الى فراش النوم: (بسم الله، اللهم اني اسلمت نفسي اليك، ووجهت وجهي اليك، وفوضت امري اليك، فتوكلت عليك، رهبة منك ورغبة اليك، لا منجى ولا ملجأ منك الا اليك، آمنت بكتابك الذي انزلت وبرسولك الذي ارسلت ثم يسبح تسبيح الزهراء(ع)).
ان الروايات التي ذكرت عن ضراعة الباقر(ع) وانابته الى الله تعالى جسدت عمق تعلق الامام بربه الاعلى سبحانه وعبرت في نفس الوقت عن نفس اندكّتُ في حب الله وطلب الزلفى لديه واستشعار رحمته في كل آن والتوجه اليه في الروح والقلب والجوارح كلها معاً الامر الذي لا يتوفر ابداً الا للمقربين من اولياء الله تعالى دون سواهم، ولقد بلغ من تعلق الامام الباقر(ع) بالله تعالى ان كانت الدار الآخرة ولقاء الله تعالى قد ملأت آفاق قلبه، فما روي عنه(ع) انه خاطب جابر بن يزيد الجعفي (عليه الرحمة) بقوله:(اصبحت والله يا جابر محزوناً مشغول القلب). 
فأجابه جابر(رض): جعلت فداك ما حزنك وشغل قلبك؟ 
فقال: (يا جابر انه حزن هم الآخرة، يا جابر من دخل قلبه خالص حقيقة الايمان شغل عما في الدنيا من زينتها، ان زينة زهرة الدنيا انما هو لعب ولهو، وان الدار الآخرة لهي الحيوان، وان المؤمن لا ينبغي له ان يركن ويطمئن الى زهرة الحياة الدنيا، واعلم ان ابناء اهل الدنيا هم اهل غفلة وغرور وجهالة، وان ابناء الآخرة هم المؤمنون العاملون الزاهدون اهل العلم والفقه واهل فكرة واعتبار لا يملون من ذكر الله. واعلم يا جابر ان اهل التقوى هم الاغنياء، اغناهم القليل من الدنيا فمؤونتهم يسيرة، ان نسيت الخير ذكروك، وان عملت به اعانوك اخَّروا شهواتهم ولذاتهم خلفهم، وقدموا طاعة ربهم امامهم ونظروا الى سبيل الخير والى ولاية احباء الله فاحبوهم وتولوهم واتبعوهم).
اجل هكذا تتكشف روحية الامام الباقر(ع) عن انفتاح في اعلى مستويات الوعي على الآخرة ليس له نظير الا عند الانبياء واوصياء الانبياء (عليهم السلام) بشكل جعله يترجم ذلك توجيهاً سامياً الى تلميذه جابر(رض) والسالكين لدرب الهدى من غيره كي يسلكوا سبيل المتقين الصادقين في ادراك الآخرة والعمل لها ما وسعتهم قدراتهم الذاتية.
وختاماً نسأله تعالى ان يجعلنا من السائرين على نهج الانبياء والائمة الهداة (عليهم السلام) انه سميع مجيب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة