البث المباشر

إستقامة النبي الأعظم(ص) على المبادئ وتحمله الأذى حزم الامام علي(ع) في تنفيذ أحكام الله الصديقة الزهراء(عليها السلام) والخدمة في البيت

الأحد 28 إبريل 2019 - 09:42 بتوقيت طهران
إستقامة النبي الأعظم(ص) على المبادئ وتحمله الأذى حزم الامام علي(ع) في تنفيذ أحكام الله الصديقة الزهراء(عليها السلام) والخدمة في البيت

والصلاة والسلام على سيد الخلق اجمعين محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً ...
اخوتي الاعزاء ان من يتمعن ويتأمل في السيرة المباركة لرسول الله(ص) في مرحلة الدعوة يرى بكل وضوح صبره وعظيم تحمله وهو يواجه الاضطهاد والتعذيب والايذاء والتجويع والسخرية والردود القبيحة والتهم والافتراءات، اذ تحمل(ص) كل ذلك وسواه بصبر واباء وهمة عالية تتصاغر عندها همم الرجال. وبمقدور المرء ان يقدِّر اجمالاً مدى صبر رسول الله(ص) اذا اخذ بنظر الاعتبار ان معاناته لاذى قومه دامت ثلاث عشرة سنة دون توقف بل كانت تزداد طردياً مع نمو الدعوة المباركة داخل المجتمع وتزايد قواعدها فيه، ولم يكن الاذى مقصوراً على شخص الرسول(ص) يومها بل ان الذي ناله من الاضطهاد والعذاب تعرض له اصحابه كذلك بيد انه كان يثبتهم على الحق ويدعوهم الى الصبر والثبات ويشحذ هممهم لمواجهة المحنة حتى تمر فهو(ص) يمرُّ على آل ياسر في ساحة التعذيب ويثير فيهم روح الصمود قائلاً: (صبراً آل ياسر فان موعدكم الجنة) ويحرّض الدعاة السابقين على المواجهة والتزام الحق فيقول(ص): (قد كان من قبلكم من لتُمشَّطُ بامشاط الحديد مادون عظامه من لحم او عصب، ما يصرفه ذلك عن دينه، ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق باثنتين ما يصرفه ذلك عن دينه، وليتمَّنَّ الله هذا الامر حتى يسير الراكب من صنعاء الى حضر موت ما يخاف الا الله عز وجل والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون).
وحين يبلغ الضغط القرشي اوجه عليه وعلى ابي طالب(رض) - سنده الاجتماعي الاول ـ ويبلغه ابو طالب ما تبيته قريش له ولبني هاشم جمعاء يعلن رسول الله(ص) قولته الخالدة: (والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على ان اترك هذا الامر ما تركته حتى يظهره الله او اهلك فيه).
لقد كان من معالي اخلاق امير المؤمنين علي بن ابي طالب(ع) الثبات على الحق الذي يعتقد به مهما كلف ذلك من تضحيات، وقد كان الهدف المركزي الذي سعى الى تحقيقه في دنيا المسلمين هو العمل على صياغة وبلورة مبادئ الاسلام كما جاء بها النبي(ص) في اذهان الناس وحياتهم وهو الذي جعله يرفض مختلف الضغوط الاجتماعية والسياسية ـ مهما كلف الثمن ـ دون مساومة او انصاف حلول او رضا بالامر الواقع.
وكما عمد الامام علي(ع) الى اصلاح الوضع السياسي والاداري كذلك فعل بالنسبة للوضع الاقتصادي فقد بادر فور تسلمه زمام الامور مباشرة الى الغاء طريقة توزيع المال التي اعتمدت فيما سبق، فقد استبدل الامام(ع) طريقة التمييز في العطاء بطريقة المساواة في التوزيع التي انتهجها رسول الله(ص)، فالغى(ع) كل اشكال التمييز في توزيع المال على الناس مؤكداً ان التقوى والسابقية في الاسلام والجهاد والصحبة لرسول الله(ص) امور لا تمنح اصحابها مراتب او مميزات في الدنيا، وانما لتلك المزايا ثوابها عند الله تعالى في الآخرة، ومن كان له قدم في ذلك فالله عز وجل يتولى جزاءه، امَّا في هذه الدنيا فان الناس سواسية في الحقوق المالية وامام القضاء الاسلامي وفي الواجبات والتكليف.
نظراً لمحدودية وقتنا لا يسعنا الا ان نشير اشارة سريعة ـ مع الاعتذار سلفاً ـ الى بضعة الرسول فاطمة الزهراء(ع) قدوة النساء في كل الازمنة فقد شاركت اباها وزوجها في الجهاد والكفاح وكدحت(ع) في بيتها وعملت من دون كلل او ملل وباخلاص وتجرد ورضى طاعة لله ولرسوله .. فقد ورد انها(ع) كانت تستقي بالقربة في بيت زوجها حتى اثر في صدرها وتطحن بالرحى حتى مجلت يداها ـ أي ثخن جلدها ـ وهذا الوصف ورد في كلام لأمير المؤمنين(ع) ـ وكانت تكسح البيت وتوقد النار حتى اغبرت ودكنت ثيابها ـ أي تغيرت بالدخان والرماد ـ فاصابها من ذلك ضر شديد وازدحمت متاعب العمل واعمال المنزل عليها ففكرت ان تطلب من ابيها الرسول(ص) ان يوفر لها خادماً ولكنه(ص) قدم لها وللبشرية درساً ومنهجاً حريّ بالاجيال وقادة الامم ان يتعلموه ويعوا ما به من قيم ومعان انسانية عليا اذ قال مخاطباً فاطمة وعلياً )عليهما السلام(: (الا اعلمكما خيراً مما سألتماني، اذا اخذتما مضاجعكما فكبرا اربعاً وثلاثين، وسبحاً ثلاثاً وثلاثين واحمدا ثلاثاً وثلاثين فهو خير لكما من خادم "يخدمكما"). 
اجل هذا الدرس هو تواضع القيادة في المجتمع الاسلامي وتعودها على ان تعيش بمستوى الطبقات الفقيرة الكادحة في مجتمع المسلمين، ففاطمة(ع) وغيرها من عامة المسلمين سواء، لا فارق بينها وبين غيرها الا فارق التقوى وميزة الاخلاص لله تعالى. لذا حرص الرسول(ص) ان يعلمها درساً في العبادة والتوحيد ويوجه نظرها الى الارتباط بالله سبحانه وسحب العلائق من عالم الدنيا كي تكون مثلاً في حياتها ومركزها، وقدوة في التواضع وحب العمل، ورائدة في المساواة والزهد في هذه الحياة.
فأين الاسلام من الترف الفاجر الذي نعلم به ونشاهده اليوم لدى اغلب القادة والزعماء؟ واين الاسلام من ـ المحسوبية والمنسوبية ـ المتفشية في صفوف الكثيرين؟ واين سيرة المصطفى(ص) وأهل بيته(ع) من غطرسة الاغنياء وتبذير المترفين والى جانبهم الجياع والفقراء؟
وختاماً ايها الاعزاء نشكركم على حسن المتابعة وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة