والصلاة والسلام على حبيب آله العالمين محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في برنامجكم هذا راجين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
وصف عروة بن مسعود الثقفي شدة حب المسلمين لرسول الله(ص) وتفانيهم فيه وطاعتهم له ـ بسبب اخلاصه واخلاقه العظيمة ـ وصف ذلك حين اوفدته قريش اليه في مسألة الحديبية ـ فقال مخاطباً قريشاً: (أي قوم والله لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي والله ان رأيت ملكاً قط يعظمه اصحابه ما يعظم اصحاب محمدٍ محمداً، اذا امرهم أبتدروا امره، واذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، واذا تكلموا خفضوا اصواتهم عنده وما يحدون اليه النظر تعظيماً له) وعن انس بن مالك قال: (لقد رأيت رسول الله(ص) والحلاق يحلقه واطاف به اصحابه، فما يريدون ان يقع شعره الا في يد رجل).
وعن الامام الرضا(ع) قال: سمعت ابي يحدث عن ابيه عن جده (عليهم السلام) عن جابر بن عبد الله(رض) قال: (كان رسول الله(ص)في قبة أدَم الارض الصلبة ورأيت بلال الحبشي وقد خرج من عنده ومعه فضل وضوء رسول الله(ص) فابتدره الناس فمن اصاب منه شيئاً يمسح به وجهه ومن لم يصب منه شيئاً اخذ من يدي صاحبه فمسح به وجهه). وهكذا كانت علاقة امته به(ص) علاقة أدب وحب ووقار.
ليس في المسلمين من لا يعرف مقام أهل البيت عليهم السلام ومكانتهم المقدسة فما ورد في القرآن والسنة النبوية من أمر وحث وتعظيم لهم جعل المسلمين يتعلقون بحبهم ويمنحونهم الولاء والتكريم، ولقد كان الامام العسكري كآبائه الكرام علماً لا يخفى وإماماً لا يجهله احد من أهل عصره فكان(ع) استاذ العلماء وقدوة العابدين وزعيم السياسة والمعارضة يشار اليه بالبنان وتهفو اليه النفوس بالحب والولاء رغم الارهاب السلطوي والمعاداة السياسية لأهل البيت(ع) وملاحقة السلطة له ولاصحابه وزجهم في السجون، فرغم كل ذلك فان خلفاء عصره لم يستطيعوا اخفاء شخصيته او تحجيم دوره السياسي والعلمي ومكانته الاجتماعية ففرض نفسه على حكام عصره وخصومه، فهذا احمد بن عبد الله بن خاقان وهو من خصوم الامام العسكري(ع) ينقل لنا صورة كاملة عن مقامه ومكانته، روى بن شهر آشوب قال: (قال الحسين بن محمد الاشعري ومحمد بن علي جرى ذكر العلوية عند احمد بن عبد الله بن خاقان ـ كان ابوه من وزراء المعتمد العباسي ـ وكان ناصبياً شديد العداوة لآل علي فقال: ما رأيت منهم مثل الحسن بن علي بن محمد بن الرضا، جاء ودخل الحاجب على ابي فقال: ابو محمد بن الرضا بالباب فزجره الاذن واستقبله ثم اجلسه على مصلاه وجعل يكلمه ويفديه بنفسه فلما قام شيعه، فسألت ابي عنه فقال: يا بني ذاك امام الرافضة ولو زالت الخلافة عن بني العباس ما استحقها احد من بني هاشم غيره لفضله وعفافه وصومه وصلاته وصيانته وزهده وجميع اخلاقه، ولقد كنت اسأل عنه دائماً فكانوا يعظمونه ويذكرون له كرامات وقال: ما رأيت انقع ظرفاً ـ أي اغزر علماً وأدباً ـ ولا اغض طرفاً ولا أعف لساناً وكفاً من الحسن العسكري).
روي ان درعاً لامير المؤمنين علي(ع) سقطت يوم خيبر فالتقطها رجل من اليهود، ولما وجدها الامام علي(ع) عند اليهودي تحاكما الى قاضي المسلمين، وكان الامام حينذاك اميراً على الناس، لكن الامام لم تكن عنده بيَّنة على درعه الا ابنه الحسن(ع) فقال له القاضي: انا اعلم انك صادق يا امير المؤمنين ولكن لا بيَّنة لك ولا تصح شهادة ابنك لك، واليهودي هو واضع اليد، وحكم القاضي بالدرع للقاضي عملاً بظاهر الامر، فامتثل الامام علي(ع) وخرج.
فقال اليهودي: انا اشهد ان هذه اخلاق الانبياء، وان هذا هو الدين الحق وان الدرع درع علي، وانا اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمداً رسول الله.
وختاماً ايها الاحبة الكرام ـ نشكركم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء ونتنمى لكم اطيب الاوقات واهنئها.
وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******