والصلاة والسلام على ذي الخلق العظيم محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في برنامج (الخلق العظيم) راجين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
حول صلاة رسول الله(ص) في الليل يحدثنا عبد الله بن عباس(رض) بقوله: (حتى اذا انتصف الليل او قبله بقليل او بعده بقليل استيقظ رسول الله(ص) فجعل يمسح النوم عن وجهه بيده، ثم قرأ العشر آيات الخواتم من سورة آل عمران ثم قام الى شنٍ معلَقة "والشن قربة الماء" فتوضأ منها فاحسن وضوءه ثم قام يصلي فصلى ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم اوتر ثم اضطجع حتى جاء المؤذن، فقام فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح). وعن احد الصادقين(ع) قال: (ان رسول الله(ص) كان يصلي بعدما ينتصف الليل ثلاث عشرة ركعة) . وسئلت امُّ سلمة عن صلاة رسول الله(ص) في الليل فقالت: (وما لكم وصلاته كان يصلي ثم ينام قدر ما صلى، ثم يصلي قدر ما ينام، ثم ينام قدر ما صلى ثم يصبح) .
لقد كان من معالي اخلاق الامام زين العابدين(ع) العزة والاباء، وقد ورث هذه الظاهرة الفذة من اجداده الطاهرين ومن ابيه الحسين(ع) الذي سار الى الموت بعزة وشموخ في سبيل عزته وكرامته وهو القائل للعصابة المجرمة من جيش يزيد "عليه اللعنة":(لا والله لا اعطيكم بيدي اعطاء الذليل ولا اقرُّ لكم اقرار العبيد) وقال(ع): (لا ارى الموت الا سعادة، والحياة مع الظالمين الا برما) .
وتمثلت هذه الظاهرة العظيمة في ولده زين العابدين(ع) ودعا لها عباد الله بفعله وقوله فقد قال: (من كرمت عليه نفسه هانت عليه الدنيا) .. وقال: (ما احب ان لي ببذل نفسي حمر النعم) . ولما حمل اسيراً الى الشام لم يكلف احداً من الموكلين بحراسته باي شيء كما لم يكلم أي احد منهم تنبيهاً لهم الى سوء فعالهم ومن سمو ذاته(ع) ان احد اعمامه اخذ منه بعض حقوقه بغير حق وكان بمكة والوليد كان ملكاً وحضر موسم الحج فقيل له: لو سئلت الوليد ليرد عليك حقك؟ فأجابهم(ع) بهذه الكلمة الخالدة في دنيا الكرامة والشرف قائلاً: (أَفي حرم الله عز وجل أسأل غير الله عز وجل، اني آنف ان أسأل الدنيا من خالقها، فكيف أسألها من مخلوق مثلي) . ومن عزته وإبائه(ع) انه ما اكل بقرابته من رسول الله(ص) درهماً قط، فلقد كان عصياً على كل ما يتنافى مع سمو شخصيته.
ومن الصفات الكريمة التي ينبغي للمؤمن ان يتحلى بها الرضا بقضاء الله تعالى والتسليم لمشيئته وقد امر الامام موسى الكاظم(ع)به حيث قال: (ينبغي لمن عقل عن الله تعالى ان لا يستبطئه في رزقه ولا يتهمه في قضائه) . وهذه الصفة هي من افضل الصفات التي يتسلح بها المؤمن في حياته.
ولما اودع طاغية بني العباس هارون الامام الكاظم(ع) في السجن تفرغ امامنا الصابر المجاهد للعبادة، فكان صائماً في النهار وقائماً في الليل وقد شكر الله تعالى على تفرغه لطاعته قائلاً: (اللهم اني طالما كنت أسألك ان تفرغني لعبادتك وقد استجبت مني فلك الحمد على ذلك) .
لقد كان من اخلاق الامام الرضا(ع) التي دعا اليها عون الضعيف حيث قال(ع): (عونك للضعيف افضل من الصدقة) ، ومن الاعمال الصالحة والخلق الكامل الفرج عن المؤمن اذا وقع في محنة، قال(ع): (من فرج عن مؤمن فرج الله عنه يوم القيامة) .
ومن كرم وسخاء الامام الرضا(ع) ان فقيراً قصده وقال له: اعطني على قدر مروءتك؟ فأجابه الأمام(ع): (لا يسعني ذلك) .
أي ان مروءة الامام لا حد لها، والتفت الفقير الى ذلك فقال له: اعطني على قدر مروءتي؟ فقابله الامام(ع) بوجه مشرق بالابتسام والبشر قائلاً: اذن نعم، وامر له الامام بمئتي دينار.
ومن بره وكرمه(ع) انه اذا اتى بصحفة طعام يامر بها الى المساكين ويتلو قوله تعالى فلا اقتحم العقبة ويقول: (علم الله عز وجل ان ليس كل انسان يقدر على عتق رقبة فجعل له السبيل الى الجنة) .
ونختم البرنامج بذكر قبس من معالي اخلاق الامام محمد الجواد(ع) وهي مواساته للناس في مصائبهم واحزانهم فقد كتب اليه شخص يشكو اليه ما المَّ به من الاسى لفقد ولده فأجابه الامام برسالة تعزية جاء فيها: (اما علمت ان الله عز وجل يختار من مال المؤمن ومن ولده انفسهم ليؤجره على ذلك) .
وبهذا اللطف والاحسان الذي غمر به قلوب المؤمنين فقد اخلصوا له وآمنوا بامامته، باذن الله تعالى.
وختاماً نتقدم اليكم بالشكر الجزيل على حسن المتابعة وجزاكم الله خير الجزاء. وحتى اللقاء المقبل نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******