والصلاة والسلام على حبيب اله العالمين محمد المصطفى وعلى آله الهداة الميامين ...
السلام عليكم ... مستمعينا الافاضل ـ ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً ...
مستمعينا الكرام ـ لقد كان من معالي اخلاق الامام علي(ع) في ايام حكمه مساواته للناس فقد ساوى في العطاء ولم يقدم القرشي على غيره الامر الذي نجم عنه ان تنكرت له اوساط المترفين من القرشيين واعلنوا التمرد على حكومته، فقد خالف الامام(ع) في سياسته ما سلكه غيره من تقديم بعض الطبقات في المجتمع على بعض وقد الزم امير المؤمنين(ع) عماله وولاته على الاقطار بتطبيق المساواة العادلة بين الناس في القضاء وغيره، وقد قال(ع) في احدى رسائله الى بعض عماله: "فاخفض لهم جناحك والن لهم جانبك، وابسط لهم وجهك، وآس بينهم في اللحظة والنظرة حتى لا يطمع العظماء في حيفك لهم ولا ييأس الضعفاء من عدلك عليهم".
حقاً ـ مستمعي الكريم ـ هذا هو العدل الذي تنعم به الشعوب وتسود فيه الرحمة والخير.
مستمعينا الاعزاء ـ لقد كان الصبر من الاخلاق البارزة والمتميزة عند الامام جعفر الصادق(ع) حيث صبر على المحن التي ابتلي بها ايام الحكم الاموي الذي استهدف انتقاض اهل البيت(ع) فجعل سبهم من فرائض الدين وتتبع شيعة اهل البيت قتلاً وسجناً ومطاردة، ولما انقرضت دولة بني امية وتسلم الحكم بنو العباس صبوا على العلويين جميع الوان العذاب والاضطهاد حتى قال الشاعر:
تالله ما فعلت امية فيهم
معشار ما فعلت بنو العباس
فقد اجرم خليفة بني العباس المنصور الدوانيقي بدفن العلويين وهم احياء وهدم السجن عليهم وارتكب من الفضائح ما لا نظير لها في قسوتها وفضاعتها، ومن صبر الصادق(ع) ايضاً انه لما توفي ولده اسماعيل، وكان من اعز ابنائه وذلك لتقواه وورعه وعلمه وادبه دعا(ع) اصحابه فقدم لهم مائدة فيها افخر الاطعمة فقال بعض اصحابه وقد رأى صبر الامام ورباطة جأشه: يا سيدي لا ارى عليك اثراً من آثار الحزن على ولدك؟
فأجابه(ع): (مالي لا اكون كما ترون وقد جاء في خبر اصدق الصادقين يعني جده الرسول(ص) انه قال لاصحابه: "اني ميت واياكم").
واما الآن ـ مستمعي العزيز ـ فمع الامام موسى الكاظم(ع) حيث كان من اسخى الناس كاجداده الكرام عليهم السلام واكثرهم براً بالبؤساء والمحرومين، وكان معظم فقراء المدينة يرتعون بالنعم والعطايا التي منَّ الله تعالى بها عليه، وقد ذكر المؤرخون نماذج كثيرة من كرمه ومنها: ان الامام(ع) خرج ومعه حاشيته وبعض اولاده الى ضياعه الواقعة بوادي ساية وقبل ان يصل اليها استراحوا في بعض المناطق المجاورة لها وكان الوقت شديد البرد فخرج اليهم عبد زنجي وهو يحمل قدراً فوقف امام غلمان الامام فقال لهم: اين سيدكم؟
قالوا: هو ذاك، واشاروا الى الامام(ع) فقال: ابو من يكنى؟
قالوا: ابو الحسن، فوقف العبد امام الامام متضرعاً قائلاً: يا سيدي، هذه عصيدة اهديتها لك، فقبل الامام(ع) هديته وامره ان يضعها عند الغلمان، فوضعها عندهم ثم انصرف ولم يلبث حتى اقبل ومعه حزمة من الحطب وقال للامام: يا سيدي هذا حطب اهديته لك، فقبل الامام هديته وامره ان يلتمس له قبساً من النار فمضى وجاء به فاشعل الحطب ليقيهم البرد، وامر الامام(ع)بكتابة اسم العبد واسم مولاه ثم رحلوا الى الضياع فمكثوا فيها اياماً، ثم اتجهوا الى بيت الله الحرام فاعتمروا وبعد الفراغ امر الامام غلامه ان يفتش عن صاحب الخيمة، ومضى ففتش عنه حتى ظفر به فسلم عليه وسأله الرجل عن قدوم الامام "وكان من محبيه" فابى ان يخبره وغلب على ظنه ذهاب الامام الى مكة، وقفل غلام الامام راجعاً الى الامام وسار الرجل في اثره حتى قدم على الامام(ع) فسأله قائلاً: غلامك تبيعه؟
فقال الرجل: جعلت فداك، الغلام لك والضيعة، وجميع ما املك فقال الامام(ع) اما الضيعة فلا احب ان املكها. وجعل الرجل يتضرع الى الامام ويتوسل اليه بقبول الضيعة بالف دينار، فاعتق الغلام ووهب له الضيعة، كل ذلك كي يجازي الاحسان بالاحسان ويقابل المعروف بالمعروف، وقد وسع الله تعالى على العبد ببركة الامام الكاظم(ع) واصبح ابناؤه من اثرياء مكة.
وختاماً ـ ايها الاعزاء ـ شكراً جزيلاً لكم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء. وحتى الملتقى القادم نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******