كما قلنا فإن من أبرز سمات الدين الإسلامي اهتمامه الخاص بالعلاقات الاجتماعية والتزامه بالتعاطف ومساعدة الآخرين. ولم تقتصر التعاليم الإسلامية على الإيمان بالأعمال العبادية الفردية، بل أقامت ارتباطا عميقا بين الإيمان والسلوك الاجتماعي الجيد.
ومن الأمثلة الواضحة على هذا الموقف هي الأحاديث التي تؤكد على ضرورة تعاون المؤمنين بعضهم مع بعض. أحاديث تهدف إلى بناء مجتمع مليء بالمحبة، التعاون والمسؤولية.
يقول الإمام الصادق عليه السلام:
«مِنْ أَحَبِّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ إِشْبَاعِ جَوْعَتِهِ أَوْ تَنْفِيسِ كُرْبَتِهِ أَوْ قَضَاءِ دَيْنِهِ».
تُظهر فحوى هذا الحديث الشريف بوضوح مدى أهمية العبادة الاجتماعية عند الله سبحانه وتعالى. إن إدخال السرور على المؤمنين ليس مجرد عاطفة، بل هو أيضًا عمل ديني وبناء للتقرب من الله. وقد يتحقق هذا الإدخال للسرور أحيانا بكلمة طيبة، وأحيانًا أخرى بفك عقدة في حياة الآخرين.
ثم يذكر الإمام الصادق (ع) ثلاثة أمثلة على هذا الإدخال للسرور على المؤمن، يمثل كل منها جزءا من احتياجات الإنسان:
"إشباع الجائع"، و"تنفيس الكربة"، و"قضاء الدين".
إن إطعام الجائع ليس مجرد مساعدة مادية، بل يعني أيضًا دعم الكرامة الإنسانية وإنقاذ الناس من إذلال الفقر. والجوع هو مظهر من مظاهر الفقر المدقع، وإشباع الجائع هو القضاء على واحدة من أكثر المعاناة الإنسانية إيلاما.
إن "تفريج الهموم" أو "تنفيس الكربة" يذكرنا بأن إزالة المخاوف الروحية والنفسية للناس هي عبادة مقبولة عند سبحانه وتعالى.
إن مفردة "الكُرَب" تعني الضيق الشديد والحزن الساحق، كما أن مفردة "التنفيس" تعني إزالة وتخفيف ذلك الضيق والهم.
وأيضاً فإن "قضاء الدين" هو رمز لحفظ شرف المؤمن، لأن الدين يذل الإنسان ويسبب له الإذلال الاجتماعي في بعض الأحيان.
لذلك فإن هذا الحديث المروي الشريف عن الإمام الصادق (ع) يدعونا ليس فقط إلى التعاطف مع الفقراء، بل أيضاً نتبادر إلى تخفيف معاناة الآخرين ونمد لهم يد العون قدر استطاعتنا.