البث المباشر

أهمية حفظ اللسان وغض البصر في الشهر الفضيل

الإثنين 10 مارس 2025 - 15:29 بتوقيت طهران
أهمية حفظ اللسان وغض البصر في الشهر الفضيل

لايقتصر الصوم على الامتناع عن الأكل والشرب، بل يدعو الإنسان أيضاً إلى الاعتناء باللسان، البصر، السمع، والقلب.

يعتبر شهر رمضان المبارك من أكثر شهور السنة بركة وإشراقا من حيث التقرب من الله سبحانه وتعالى وزيادة الروحانية وتزكية الروح. وتفتح في هذا الشهر الفضيل أبواب الرحمة الإلهية للعباد، فيتيح لهم فرصة فريدة للتوبة، الاستغفار والعودة إلى طريق العبودية.

إن الصيام الذي هو أحد الأركان الأساسية لهذا الشهر الكريم، لا يوفر الأساس لتطهير الجسد من الشوائب فحسب، بل يحرر الروح أيضًا من عبودية الرغبات النفسية ويقرب الإنسان من حالة التقوى والإخلاص. كما أن ليالي القدر هي من أثمن اللحظات للتقرب إلى الله، ففيها يتحدد مصير عام كامل للإنسان، ودعاء الإنسان الصادق قد يغير مجرى حياته.

إذن يعد إصلاح الأخلاقيات والتزكية الباطنية من أهم جوانب الصيام في هذا الشهر الفضيل. وأن الصوم لايقتصر على الامتناع عن الأكل والشرب، بل يدعو الإنسان أيضاً إلى الاعتناء باللسان، والبصر، والسمع، والقلب.

كما قال النبي الأكرم (ص) بهذا الصدد:

«احْفَظُوا أَلْسِنَتَكُمْ وَغُضُّوا عَمَّا لَا يَحِلُّ النَّظَرُ إِلَيْهِ أَبْصَارَكُمْ وَعَمَّا لَا يَحِلُّ الِاسْتِمَاعُ إِلَيْهِ أَسْمَاعَكُمْ».

إن حفظ اللسان هو من صفات الصائم الحقيقي، الذي يحميه من الزلات. ويشير الله تعالى في القرآن الكريم إلى ذنوب اللسان مراراً وتكراراً. ومنها: الفحش، الغيبة، الكذب، الهراء، الاستهزاء، السب، والقذف.

فعلي سبيل المثال شبه "الغيبة" بأكل الميتة فقال: «... وَلا يَغْتَبْ‏ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحيمٌ». (١٢-سورة الحجرات المباركة)

وأيضاً فإن "غض البصر" والتحكم فيه من الأوامر المهمة في هذا الشهر الفضيل الذي يقي الروح من ظلمة الأهواء النفسانية وتجهز القلب لقبول النور الإلهي.

وبحسب التعاليم الدينية فإن حفظ البصر عن النظر إلى الحرام يعد من أسمى القيم الإنسانية، وله دور أساسي في تزكية الفرد ونموه الروحي، ويدل على ذلك أن الله سبحانه وتعالى يقول في سورة النور المباركة حين أمر المؤمنين بحفظ أبصارهم قدم هذا الفعل كوسيلة لتطهيرهم فقال: «قُلْ لِلْمُؤْمِنينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى‏ لَهُم».

ويأتي هذا التأكيد لأن العين هي بوابة القلب أو البعد الروحي للإنسان، والقلب هو المكان الذي يدخل منه نور الإيمان. كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في رواية: «اَلعَينُ جاسُوسُ القَلبِ وَبَريد العَقل». (مصباح الشريعة ص 9).

فمن اعتاد عيناه على الفجور أو ما تسمى نظرة الحرام فإنه سوف يصاب مع الزمن بقسوة القلب، وسوف يواجه بعد ذلك تحديات سلوكية عديدة.

يقول محمد بن سنان: أرسل إليّ الإمام الرضا (عليه السلام) رسالة في جواب أسئلتي، وجاء في بعض ما قاله:

 «حُرِّمَ النَّظَرُ إِلَي شُعُورِ النِّسَاءِ الْمَحْجُوبَاتِ بِالْأزْوَاجِ وَ غَيْرِهِنَّ مِنَ النِّسَاءِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَهْيِيجِ الرِّجَالِ وَمَا يَدْعُوا التَّهْيِيجُ اِلَي الْفَسَادِ وَ‌الدُّخُولِ فِيمَا لَايَحِلُّ وَلَايَحْمِلُ [يَجْمُلُ]».

ومن ثم فإن شهر رمضان المبارك هو فرصة فريدة لممارسة بناء الذات واكتساب الفضائل الأخلاقية التي ينبغي أن تتجلى آثارها طوال حياة الإنسان.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة