البث المباشر

تفسير دعاء القنوت "حَسَنة" في كلام أهل البيت (ع)

الأربعاء 5 مارس 2025 - 19:01 بتوقيت طهران
تفسير دعاء القنوت "حَسَنة" في كلام أهل البيت (ع)

قد كشف لنا أهل البيت (عليهم السلام) من خلال تفسيرهم وتعليقهم الباطني أبعاداً أوسع من دعاء القنوت الشهير.

يعتبر الدعاء الشهير "رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ"، والذي يُتلى غالبًا أثناء القنوت للصلوات الخمس، ليس فقط لغة مألوفة لدى المسلمين، بل هو أيضًا بوابة لفهم أعمق للمعرفة الإلهية.

يبدو أن هذا الدعاء المأخوذ من الآية 201 من سورة "البقرة" المباركة يطلب "الخير والإحسان" في الدنيا والآخرة، إلا أن أهل البيت (عليهم السلام) المعصومين الطاهرين قد كشفوا لنا أبعادا أوسع لهذا المفهوم من خلال تفسيرهم وتعليقهم الباطني.

لقد قدم الأئمة المعصومون (عليهم السلام) لهذه الآية نوعين من التفسير، الظاهري والباطني، معتمدين على مصدر المعرفة الإلهية. وأن التفسير الباطني هو بيان الأمثلة والمفاهيم الباطنية لآيات القرآن الكريم التي يعرضها أهل البيت عليهم السلام.

يشير الإمام جعفر الصادق (ع) في تفسيره لمفردة "حَسَنةَ" في الدنيا إلى ثلاثة أمور أساسية: «رضا الله، سعة الرزق، وحسن الخلق». (مستدرك الوسائل ج 13 ص 7).

وفي واقع الأمر تشكل هذه العناصر الثلاثة أسس الحياة السعيدة في الدنيا.

إن "رضا الله" يعطي معنى للحياة،

إن "سعة الرزق" يجلب الراحة، والرخاء،

وإن "حسن الخلق" تحسن العلاقات الاجتماعية.

ولكن هناك تفسير آخر لمفردة "َحَسَنَةً" وهو مستمد من محبة أهل البيت (عليهم السلام) حيث يشير أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) إلى هذا المفهوم: "الحسنة يعني حب أهل البيت، والسيئة يعني بغض أهل البيت (عليهم السلام). (بحار الأنوار ج 24 ص 41).

وهذا التفسير يبين أن محبة أهل بيت النبي الأكرم وخاتم الرسل (صلى الله عليه وآله وسلم) ليست واجباً دينياً فحسب، بل هي أيضاً طريق إلى تحقيق "الخير والإحسان" والسعادة في الدنيا.

وقد صرح الإمام الصادق (عليه السلام) بخصوص (حَسَنَةً) في الآخرة بقوله:

"(إن المراد بـ (حسنةً) في الآخرة هو الجنة).

فيعتبر الدعاء (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) في الحقيقة هو طلب الفردوس الأعلى والنجاة من عذاب النار.

ولذلك يمكن القول بأن هذا الدعاء القرآني هو طلب شامل للسعادة في الدنيا والآخرة، ويجب أن يفهم أن مفتاح تحقيق الأعمال الصالحة يكمن في مودة النبي الأكرم (ص) وآل بيته عليهم السلام أجمعين.

ومما لا شك فيه أن مودة الأئمة والسير على نهجهم لا يجلب السعادة في الدنيا فقط، بل يمهد الطريق لتحقيق السعادة في الآخرة.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة