موضوع البرنامج:
الحذر من الأدعياء
التقية مظهر الحجة
حكاية عنوانها (أنا صاحب بنيك)
قسماً بأنك موعد لا يخلف
ولأنت حق لم يشبه تخلف
حجبت عن الأنظار طلعتك التي
بجمالها يشدو المحب ويهتف
لسانك توقفني الجلالة خاضعاً
من هيبة منها المدامع تذرف
عجل فداؤك أنفس نذرت بأن
تلقاك طائعة وأنت المنصف
بسم الله والحمد لله صادق الوعد نصير المستضعفين ومورث الأرض عباده الصالحين وأزكى الصلاة وأتم التسليم على أعلام صراطه المستقيم وأبواب رحمته للعالمين أبي القاسم محمد سيد المرسلين وآله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم مستمعينا الأكارم ورحمة الله وبركاته،،،
أطيب التحيات من الله مباركة نهديها لكم ونحن نلتقيكم بتوفيقه في حلقة جديدة من هذا البرنامج.
اخترنا لهذا اللقاء في مطلعه وما بين فقراته أبياتاً من قصيدة مهدوية للأديب الولائي المعاصر الأخ عبد المطلوب الهاجوج حفظه الله.
أما فقراته الأخرى فهي ثلاث أولها عن تكاليف عصر قبيل ظهور المهدي المنتظر – عجل الله فرجه – عنوانها هو:
الحذر من الأدعياء
وسؤال حلقة اليوم وردنا من الأخ فاروق علي بشأن
التقية مظهر الحجة
أما حكاية هذا اللقاء فعنوانها هو:
أنا صاحب بنيك
تابعونا أيها الأحبة والفقرة التالية تحت عنوان:
الحذر من الأدعياء
روي عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – أنه قال:
"إن بين يدي الساعة كذابين.. فاحذروهم
وعن علي أميرالمؤمنين – عليه السلام – قال:
"كنا عند النبي – صلى الله عليه وآله – جلوساً وهو نائم، فذكرنا الدجال، فاستيقظ محمراً وجهه، فقال:
غير الدجال أخوف عليكم عندي من الدجال، أئمة مضلون.
وعنه – صلى الله عليه وآله – قال:
"سيكون في أمتي دجالون كذابون يحدثونكم ببدع من الحديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهمم لا يضلونكم ولا يفتنونكم..
مستمعينا الأفاضل، هذه هي نماذج لعدد كبير من الأحاديث الشريفة التي روتها المصادر الحديثية المعتبرة عند جمهور المسلمين، وفيها يحدد النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – أحد التكاليف المهمة التي تشتد الحاجة إليها كلما اقترب أوان ظهور سليله المهدي الموعود – عجل الله فرجه - .
هذا التكليف هو الحذر الشديد من (الأئمة المضلين) واجتناب دعواتهم لأن فيها الضلالة والفتنة، أي الإنحراف عن النهج المحمدي النقي.
ولذلك كان شدد نبي الرحمة – صلى الله عليه وآله – الوصية بالحذر منهم، لأن اتباعهم يؤدي الى الضلالة والسقوط في الفتنة من جهة، ومن جهة ثانية لأنهم ليسوا (أئمة ضلال) بل هم أئمة مضلون حسب الوصف النبوي الدقيق والبليغ.
فهذا الوصف – مستمعينا الأفاضل – يشير الى كونهم أولاً (أئمة) أي أنهم يتصدون لمواقع قيادة الناس بغطاء ديني فيظهرون أنفسهم بأنهم من أهل العلم ودعاة الى منهاج النبوة؛ فيستقطبون مشاعر الناس الدينية بهذا الظاهر والشعارات الدينية التي يطلقونها بما يتناغم مع مشاعر المسلمين وتطلعاتهم الدينية المطالبة بتحكيم الشريعة النقية الأصيلة.
لكن هؤلاء هم في واقعهم (مضلون)، أي يضلون الناس بتلك الشعارات ويحرقونهم في محارق الفتن إذ يأتون ببدع الحديث، أي بما يدعونه أنه من السنة النبوية وليس منها، ومن منهاج النبوة وما هو منه، فيتبعهم الناس تأثراً بشعاراتهم فيسقطون في متاهات ضلالاتهم ومحارق فتنهم، فيبتعدون عن الإسلام المحمدي النقي ويصيرون وقوداً يحترقون لكي يتحقق للأئمة المضلين ما تأمرهم به شياطين الجن والإنس من تدمير طاقات المسلمين وصدهم عن سبيل الله الأقوم المتمثل بالنهج المحمدي النقي.
من هنا يتضح أن على المؤمنين أن يدققوا بكل شدة في جميع التيارات التي تدعي تمثيل النهج المحمدي الأصيل وعدم اتباع أي منها ما لم يثبت صدق تمثيلها لهذا النهج الإلهي.
والسبيل لذكل هو محكامتها على أساس التزامها بأوامر وقيم ثقلي النجاة من الضلالة اللذين أوصى بهما النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – فقد تواتر من الطرق المعتبرة عند جميع فرق المسلمين قوله – صلى الله عليه وآله -: "إني تارك فيكم الثقلين، ما إن تمسكتم بهما فلن تضلوا بعدي أبداً، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ولقد أخبرني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.
فمتى نرى علم الظهور مرفرفاً
يجتث كل ضلالة لا ترأف
ونراك بين الناس تجمع شملهم
بعد التفرق رغم من يستنكف
وتعيد للقرآن دولته التي
فيها السلام على الجميع يرفرف
لازلنا معكم أيها الأفاضل وحلقة اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب) تستمعون لها من طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
مستمعينا الأطائب، وصلت للبرنامج عبر البريد الإلكتروني للإذاعة رسالة كريمة من الأخ الكريم (فاروق علي) يقول فيها:
نقلتم في حلقة سابقة من هذا البرنامج حديثاً عن الإمام الرضا ورد فيه أن التقية ترفع وينتهي وجوبها عند ظهور المهدي، فكيف يكون ذلك وهي فريضة واجبة؟
نشكر الأخ فاروق على سؤاله وندعوه للإستماع في الدقائق التالية الى الأخ عباس باقري وهو يلخص الإجابة المستفادة مما ورد في الأحاديث الشريفة، نستمع معاً:
class="TELLER"> باقري: بسم الله الرحمن الرحيم سلام على أخينا فاروق علي وعليكم جميعاً أيها الأخوة والأخوات مستمعي البرنامج. بالنسبة لسؤال الأخ فاروق، نعم التقية فريضة واجبة أكدت عليها النصوص القرآنية والأحاديث الشريفة وبالنسبة لقضية ارتباطها بالامام المهدي، طبعاً البحوث التفصيلية فيما يرتبط بالتقية وردت في كتب الفقهاء، أدلتها القرآنية، موجباتها وجميع الشؤون التفصيلية عنها. ارتباط التقية بالامام المهدي سلام الله عليه الرضا عليه السلام قال بصراحة "لادين لمن لاورع له لاايمان لمن لاتقية له وأن أكرمكم عند الله أعملكم بالتقية فمن ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منا" عندما يظهر الامام المهدي سلام الله عليه تنتفي الحاجة الى أحد مصاديق التقية. التقية واجب فرضه الله تبارك وتعالى للحفاظ على دين المؤمن، ليس وجود المؤمن كمؤمن وإلا الله تبارك وتعالى مدح الذين يشرون أنفسهم إبتغاء مرضات الله، الذين يبايعون الله تبارك وتعالى غير ذلك. التقية هدفها حفظ دين المؤمن، هنالك ظروف معينة في زمن الغيبة تستوجب العمل بالتقية، هذه الظروف اذا زالت تزول الحاجة الى التقية فتنتهي الحاجة للعمل بأحد مصاديق التقية وهو حفظ المؤمن. من مصاديق التقية الأخرى مثلاً مدارات الناس، السيد الخميني رضوان الله عليه في كتاب الرسائل، في رسالة التقية خصص بحثاً مستقلاً الى أن من أهم مصاديق التقية مدارات الآخرين، حفظ المجتمع من العوامل التي تؤدي الى التباغض والتناحر وغير ذلك، هذه المصاديق تبقى الحاجة اليها مستمرة مثلاً من موارد التقية أنه شخص معين لايطيق فهم بعض الحقائق العلمية الدقيقة، لاتعرضها عليه لأن ذلك يؤدي الى ضلاله، هذه هي ايضاً من موارد التقية "إنا معاشر الأنبياء نكلم الناس على قدر عقولهم" مضمون الحديث الشريف، على قدر ما يطيقون وعلى قدر ما يفهمون. المصاديق الأخرى تبقى مستمرة والحاجة اليها ولكن بعض المصاديق العامة التي يحتاجها المؤمن بإعتباره يعيش في ظل حكم الطواغيت، في ظل الحاكميات التي تستهدف دين وايمان المؤمن ففي هذه الظروف يحتاج أن يعمل بالتقية وبما تحتاج التقية من معنى الكتمان لبعض الأسرار وكتمان بعض الحقائق لكي لايصيب دين الانسان وأن لايكون فتنة للذين كفروا، فتنة للذين ظلموا. وحالة عمار بن ياسر هذا الصحابي الجليل أشار اليها القرآن الكريم وبين سبب هذه التقية. اذن التقية اذا زالت موجباتها لأي مصداق من مصاديقها تزول الحاجة اليها ولايعني أنها فريضة ثابتة بل هي فريضة مرتبطة بشروط معينة، اذا قامت هذه الشروط في أي زمان وجب الالتزام بها واذا زالت هذه الشروط فلا حاجة اليها.
نشكر أخانا الحاج عباس باقري على هذه التوضيحات، ونتابع تقديم حلقة اليوم من البرنامج بنقل حكاية موثقة أخرى من حكايات الفائزين بلقاء إمام العصر المهدي تزيدنا معرفة به – أرواحنا فداه – وبما يقوم به من خلق أستار الغيبة من مهام الإمامة.
إخترنا لحكاية لقاء اليوم عنواناً هو:
أنا صاحب بنيك
أيها الإخوة والأخوات..الهداية الى الدين الحق وإظهار الدلائل الدالة عليه بأمر الله هو من مهام الإمام المنصوب من قبله تبارك وتعالى كما يشير لذلك القرآن في عدة من آياته منها في الآية الكريمة الثالثة والسبعين من سورة الأنبياء حيث يقول عز من قائل "وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا".
فإظهار الإمام المعصوم الدلائل بإذن الله وبأمره عزوجل من مهام الإمامة لإتمام الحجة على الخلق في تعريفهم بالمذهب الحق ووجوب اتباعه.
وهذا ما قام به جميع أئمة العترة المحمدية – عليهم السلام – وقد جمع كثيراً من رواياته العالم الجليل الشيخ الحر العاملي في كتاب إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات؛ وهذا ما قام ويقوم به مولانا إمام العصر خليفة الله المهدي – أرواحنا فداه – حتى في عصر غيبته، وهو يشكل أحد أهداف لقاءاته التي عرف بها نفسه لطائفة من الناس؛ وشواهد ذلك كثيرة منها الحكاية الموثقة التالية، وقد نقلها أحد أعلام علماء الإمامية الأجلاء في القرن الهجري الثامن هو المؤرخ الجليل والعالم الأديب الشيخ علي بن عيسى الأربلي في كتابه القيم (كشف الغمة في معرفة الأئمة).
وهذا العالم الجليل يرويها مباشرة عن السيد الجليل باقي بن عطوة العلوي الحسني، وقد تحقق منها بسؤال آخرين عنها فصدقوا ما قاله هذا السيد العلوي – رحمه الله – تابعونا أيها الأكارم ونحن ننقل لكم هذه الحكاية المؤثرة بعد قليل..
قال العالم الجليل الشيخ علي بن عيسى الأربلي – رضوان الله عليه - :
(حكى لي السيد باقي بن عطوة العلوي الحسيني أن أبا عطوة كان به (أدره) – أي مستمعينا الأفاضل، كانت قد ظهرت في بدنه غدة عجز الأطباء يومذاك عن علاجها وعجز هو بسببها عن المشي - .
قال الأربلي: وكان زيدي المذهب، وكان ينكر على بنيه الميل الى مذهب الإمامية من هذا المرض؛؛ وتكرار هذا القول منه)
أيها الأكارم؛ إذن كان السيد عطوة يطلب في الواقع دلالة ملموسة على صحة مذهب مدرسة الثقلين وعقيدته بوجود صاحب الزمان المهدي وقيامه بمهام الإمامة من خلف أستار الغيبة، وهذه الدلالة أظهرها له خاتم الأوصياء المحمديين لتكون سبباً في تثبيت ولده على مذهب مدرسة الثقلين، وإتماماً للحجة عليه هو بعد أن رأى بنفسه تلك الدلالة التي طلبها.
جاء في تتمة الحكاية نقل الشيخ الأربلي قدس سره عن السيد باقي ابن السيد عطوة المذكور قوله:
(بينا نحن مجتمعون – ذات ليلة – عند وقت عشاء الآخرة، إذا أبونا يصيح ويستغيث بنا، فأتيناه سراعاً فقال:
الحقوا صاحبكم فالساعة خرج من عندي
فخرجنا؛ فلم نر أحداً، فعدنا إليه وسألناه، فقال:
دخل علي شخص وقال: يا عطوة، فقلت: من أنت؟ قال: أنا صاحب بنيك، قد جئت لأبرئك مما بك.
ثم مد يده فعصر قروتي [أي محل غدة الأدرة التي ظهرت فيه] ومشى، فمددت يدي فلم أر للأدرة أثراً!
قال السيد باقي: وبقي والدي مثل الغزال ليس به علة).
قال الشيخ علي بن عيسى الأربلي – رضوان الله عليه – بعد أن نقل ما قاله السيد باقي الحسيني:
(وقد اشتهرت هذه القصة وسألت عنها غير إبنه فأخبروني عنها وأقروا بها والأخبار عنه – عليه السلام – في هذا الباب كثيرة، وأنه رآه جماعة قد انقطعوا في طرق الحجاز وغيرها فخلصهم وأوصلهم الى حيث أرادوا، ولو لا التطويل لذكرت منها جملة، ولكن هذا القدر الذي قرب عهده من زماني كاف).
يوم اللقا، إن اشتياقي نحوه
شوق العطاشا للروى تتلهف
في طلعة تمحو الظلام وينزوي
ليل بغيض عز فيه المنصف
تتلهف الأبصار رؤيته كما
شوق السقيم إذا رأى من ينصف
جعلنا الله وإياكم مستمعينا الأطائب من خيار أنصار إمام زماننا بقية الله المهدي في غيبته وظهوره – عجل الله فرجه – اللهم آمين.
وبهذا ننهي حلقة اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب) إستمعتم له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران..
تقبل الله منكم حسن الإصغاء ودمتم في رعاية سالمين والحمد لله رب العالمين