نتابع حديثنا عن الزيارة الجامعة للأئمة عليهم السلام حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة من الزيارة الخاصة للائمة عليهم السلام فيما يطلق عليها اسم "الجامعة الكبيرة" ونواصل الان حديثنا عن مقاطع جديدة منها. المقطع الجديد الذي نحدثك عنه الان سبق ان حدثناك عن قسم منه، ونحدثك في هذه الحلقة عن القسم الآخر منه ولكن بعد الاستماع الى حوار زميلنا مع ضيف البرنامج سماحة الشيخ باقر الصادقي بشأن معنى امر الله الذي يعمل به الائمة الهداة عليهم السلام فكونوا معنا.
المحاور: تكرر في النصوص الشريفة ومنها الزيارة الجامعة الاشارة او التصريح او الحديث عن امر الله تبارك وتعالى امر الله الذي يعمل به ائمة اهل البيت عليهم السلام الذي يتولونه عليهم السلام ما المقصود بهذا التعبير؟
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، بلا شك ولا ريب ان القرآن الكريم ارجعنا الى الارتباط باهل البيت الى طاعتهم يا ايها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم، وهم ولاة الامر بلا شك هم الباب الى الله هم الطريق الى الله وامره اليكم كما ورد في الزيارة الجامعة الكبيرة يعني نحن كيف نعرف الآوامر الالهية يعني هناك الفرائض اقبلت في القرآن بشكل مجمل يعني لم تبين ولم توضح بشكل من الاشكال هذه التفصيلات هذه نعرفها من النبي في حياته وبعد النبي هم الائمة عليهم السلام لانهم الامتداد الطبيعي لرسول الله صلى الله عليه وآله، وخلال الادعية هناك تلقين نقرأ في ايام شهر شعبان هذا الدعاء الوارد عن الامام زين العابدين هذا الدعاء (اللهم صلى على محمد وآل محمد اولي الامر الذين فرضت علينا طاعتهم)، والتلقين ليس في هذا الدعاء فقط وانما هناك ادعية كثيرة؟
المحاور: يعني اقتران بين امر الله لكونهم اولياء لامر الله تبارك وتعالى او ولاة امر الله وبين وجوب طاعتهم؟
الشيخ باقر الصادقي: بلا شك هناك تلازم يعني هم لم يلزم طاعتهم الا لكونهم هم ولاة الامر.
المحاور: هل يمكن ان يفهم ان ولاة الامر يشتمل على المعنى الذي تشتمل عليه معنى او مصطلح الخلافة الالهية لكونهم خلفاء لله تبارك وتعالى منفذو اوامر الله خطة الله في عباده؟
الشيخ باقر الصادقي: بلا شك هذه من ابرز مصاديقها الواضحة بلا شك هم ولاة الامر هم اعرف الناس باحكام الله ارادة الرب في زيارة الامام الحسين الزيارة الاولى التي ينقلها المحدث القمي في المفاتيح ارادة الرب في مقادير اموره تهبط اليكم تصدر من بيوتكم.
المحاور: هذا فيما يرتبط عن ارادة الله يعني اعم من الاحكام الشرعية؟
الشيخ باقر الصادقي: نعم وعلى وجه الخصوص الاحكام الشرعية لا شك هم من مراتبها.
المحاور: وارتباط ذلك بالتعبيرات القرآنية عالم الامر يعني ادارة شؤون الخلق؟
الشيخ باقر الصادقي: نعم هم ساسة العباد كما نقرأ في الزيارة الجامعة الكبيرة فهم ساسة العباد.
المحاور: يربط ذلك بالاحاديث التي تبين او تصرح بانه لو لا الحجة لساخت الارض باهلها؟
الشيخ باقر الصادقي: نعم نعبر في دعاء الندبة عن الحجة اين السبب المتصل بين الارض والسماء.
المحاور: يعني هنا الامر يكون شمولياً له مراتب ومظاهر متعددة؟
الشيخ باقر الصادقي: نعم بلا شك لكل تكليف ولكل حكم ولكل واقعة ولكل امر بما يخص ذلك الامر وما ريرتبط بالناس والاحكام الشرعية وما شابه ذلك.
*******
نتابع معكم برنامج امناء الرحمان، ان مقطع الزيارة الذي تمت الاشارة اليه في لقائنا السابق هو ما يرتبط بسمات الائمة عليهم السلام من حيث اضطلاعهم بعملية التبليغ او الدعوة الى الله تعالى.
لقد استهل المقطع بهذه العبارات (الى الله تدعون وعليه تدلون وبه تؤمنون وله تسلمون)، هذه العبارات حدثناك عن تسلسلها وترتيب كل واحدة منها على سابقتها حيث قلنا ان الدعوة الى الله تعالى تحتاج اولاً الى من يدل عليه وثانياً الى من يؤمن اساساً باوامره ونواهيه ومن ثم ان يسلم له بذلك وهذا ما تكفلت العبارات المتقدمة به اما الان فنواجه عبارات ثلاثاً تترتب على سابقتها ايضاً وهي وبأمره تعملون والى سبيله ترشدون وبقوله تحكمون؟
ان هذه العبارات الثلاث تظل من الاحكام والطرافة والعمق بمكان كبير فيما يحسن بنا ملاحظتها بدقة، لنلاحظ اولاً بان العمل لله تعالى بعد ان نكون قد آمنا بمبادئه ينبغي ان يكون المبلغ اليه تعالى عاملاً بما يأمرنا به او ينهانا الله تعالى عنه ولذلك وردت العبارة القائلة وبأمره تعملون حيث ان العمل بامره هو المسوغ لعملية التبليغ سواءاً كان المقصود من ذلك هو ما قلناه أي العمل بمبادئه تعالى او كان المقصود هو ان نؤدي الوظيفة التبليغية متمثلة في العمل بما يأمرنا به من التبليغ أي الوظيفة التي نمارسها. ثم ماذا؟ بعد ان يكون الامام(ع) قد عمل بأمر الله تعالى عندئذ فان الامر او المبادئ التي يعمل بها تحتاج الى سبيل يسلكه الاخرون للوصول الى تحقيق المبادئ الالهية وهذا ما تكفل به الكلام او تكفلت العبارة الآتية به وهي (والى سبيله ترشدون) أي انهم عليهم السلام يرشدون الناس الى الطريق الذي ينبغي ان يسلكه الناس في تحقيق ما يرشدون اليه من مبادئ الله تعالى.
واخيراً ماذا؟ بعد ذلك جميعاً نواجه عبارة ختامية تقول (وبقوله تحكمون) وهذه العبارة تحتاج الى توضيح خاص وهذا ما نحاول الحديث عنه الان.
هذه العبارة (وبقوله تحكمون) خاصة بواحدة من اهم متطلبات الدعوة الى الله تعالى والعمل بمبادئه لقد لاحظنا في الفقرة الثالثة من المقطع ان الزيارة تقرر بان الائمة عليهم السلام يعملون بامر الله تعالى ولكن العمل بامره تعالى شيء والحكم بما يقوله تعالى شيء آخر، كيف ذلك؟
ان الحكم او الفصل بين القضايا المرتبطة بالناس تظل من اهم الممارسات الدالة على ان احكام الله تعالى يعمل بها ولذلك ورد في النص القرآني الكريم بان من لم يحكم بما حكم به الله تعالى فهو الخاسر بلا شك سواءاً كان الحكم يتعلق بالحقوق مثلاً كالفصل مثلاً بين الخصوم في حق مالي او غيره او كأن يتعلق بالجزاءات مثلاً كاقامة الحدود الشرعية والمهم هو ان يكون الحكم في هذه القضية او تلك يحكم بها وفقاً لما يقرره تعالى.
ولا نحتاج الى التدليل على اهمية هذه الاحكام بقوله تعالى ما دمنا نواجه ونشاهد باعيننا ما طبع المجتمعات العلمانية من فساد اجتماعي وتفكك في العلاقات نتيجة عدم العمل بمبادئ الله تعالى وهذا كاف وحده لان يشعرنا باهمية الحكم وفق المبادئ التي رسمها الله تعالى حيث ان الله تعالى هو الخالق لنا وهو العارف بما يصلحنا من السلوك الفردي والاجتماعي حيث رسم لنا مبادئ السلوك المذكور.
اخيراً نسأله تعالى ان يوفقنا الى العمل وفق ما عمل به الائمة عليهم السلام لانهم الاسوة لنا ماداموا هم الخلفاء للرسول(ص) وما دام الله تعالى امرنا بان نتبعه في السلوك والله ولي التوفيق.
*******