السلام عليكم...
تحية طيبة لكم
وسأكون معكم في الحلقة الأخيرة من بودكاست "عشر خرافات عن إسرائيل".
في الحلقة السابقة من هذا البودكاست والذي يستند إلى كتاب يحمل نفس العنوان من تاليف إيلان بابيه، كشفنا عن ثلاث أكاذيب إسرائيلية حول غزة:
الأولى أن "حماس" منظمة إرهابية؛
ثانيا: أكذوبة انسحاب إسرائيل من قطاع غزة في العام 2005 كانت تهدف إلى السلام وقد ردت عليه "حماس" بالعداء والعنف.
وثالثا: إن الإجراءات التي تتخذها إسرائيل ضد غزة هي جزء من الحرب الدفاعية ضد الإرهاب.
وفي الحلقة الأخيرة سوف نكشف عن الخرافة العاشرة للكيان الصهيوني من خلال كتاب إيلان بابيه.
إنها أسطورة مألوفة ولكنها بعيدة المنال. أسطورة تقول أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد للمضي إلى الأمام.
ويذكّرنا بابيه فيما يتعلق بهذه الأسطورة مرة أخرى بموقف الاستعمار الإسرائيلي في فلسطين كواقع حالي.
إن الاستعمار المستمر لأجزاء كبيرة من الضفة الغربية من قبل إسرائيل يجعل أي حل يقوم على تشكيل دولتين غير مرجح تماما.
تابعوا معنا الحلقة العاشرة والأخيرة من بودكاست "عشر خرافات عن إسرائيل".
************ الموسيقى **********
يعتبر إيلان بابيه المؤرخ اليهودي والناشط الاجتماعي والأستاذ في كلية العلوم الاجتماعية والدراسات الدولية بجامعة إكستر بالمملكة المتحدة (University of Exeter) أن حل الدولتين هو اختراع إسرائيلي بمثابة محاولة رسم دائرة مربعة لذلك فهو مستحيل.
كان هذا الاختراع بمثابة إجابة على سؤال حول كيفية إبقاء الضفة الغربية تحت السيطرة الإسرائيلية دون وجود السكان الفلسطينيين. فاقترحت إسرائيل إعطاء الحكم الذاتي أو السلطة للفلسطينيين على جزء من الضفة الغربية، أي أن تصبح دولة جديدة بين عشية وضحاها. وفي المقابل يجب على الفلسطينيين أن يتنازلوا عن كل آمالهم في عودة اللاجئين والحقوق المتساوية داخل إسرائيل ومصير القدس في المستقبل ونسيان الحياة الإنسأنية الطبيعية في وطنهم الأصلي.
فأي انتقاد لهذه الأسطورة والتي لا أساس لها من الصحة، غالبًا ما يُوصف بأنه معاداة للسامية. لكن الصحيح هوعكس ذلك تماما. وبالمناسبة هناك علاقة بين معاداة السامية الحديثة ونفس هذه الأسطورة. كما ويرتكز حل الدولتين على النظرية القائلة بأن وجود دولة يهودية هي الحل الأفضل للمشكلة اليهودية في أوروبا وأنه يجب على اليهود أن يعيشوا في فلسطين، أي في دولة يهودية بدلا من العيش في أي مكأن آخر في العالم. وهذه النظرية قريبة جدا من رغبة معاداة السامية. والواقع أن فلسطين ليست دولة يهودية بل هي دولة عربية.
ومن جهة أخرى فإن حل الدولتين يعزز الافتراض بأن إسرائيل واليهودية واحدة بشكل غير مباشر. ولذلك تصر إسرائيل على أنها ما تفعله هو باسم اليهودية ونيابة عن جميع اليهود. وعندما تتم إدانة سلوك إسرائيل من قبل شعوب العالم فإنه يكتب ضد اليهودية.
ويواصل إيلان بابيه حديثه بتقديم مثال للمقارنة بين اليهود والصهيونية، ويقول: إن زعيم حزب العمال البريطاني قال الكلام الصحيح، وهو ما كان بالطبع هدفا للعديد من الانتقادات حيث قال إن إلقاء اللوم على اليهودية في سياسات نتنياهو يشبه إلقاء اللوم على الإسلام في سلوك داعش. وبحسب بابيه فإن هذه المقارنة صحيحة ودقيقة.
ويرى بابيه أن حل الدولتين يشبه جثة تخرج بين الحين والآخر من المشرحة وتلبس ملابس جميلة لكي تبدو أنها حية. وفي كل مرة يتبين أنه لايوجد حياة في هذا الجسد يعيدونه مرة أخرى إلى المشرحة.
وفي المستقبل الشيء الوحيد الذي قد يتغير هو أن تعترف الأمم المتحدة بعضوية كاملة لفلسطين وعند ذلك من المحتمل أن نرى إسرائيل وهي تكمل احتلال المنطقة (C) المنطقة المذكورة في اتفاقية أوسلو وهي التي تشمل خمسين بالمائة من الضفة الغربية.
ولكن ما هوالحل؟
يرى إيلان بابيه أن أفضل سيناريو يمكن تصوره هو أن يعود الجميع إلى الخارطة لرسمها من جديد ويفكروا مرة أخرى في حل لهذه الحرب من مبدأها الأساسي والأصولي. ربما سيتم حل لغز فلسطين إما سلميا أو بالعنف ولكن في كلتا الحالتين سيكون الأمر مؤلما. فلا يوجد حاليا ما يمنع إسرائيل من استكمال استعمارها للضفة الغربية أو مواصلة حصارها لغزة.
فعلى الرغم من أن إسرائيل تحتاج لتنفيذ رؤيتها العدائية إلى العنف والوحشية مثل ضم نصف الضفة الغربية وسياسات "العزل" أو الفصل القسري على أساس العرق والحصار المطلق لقطاع غزة بأكمله والنصف الآخر من الضفة الغربية وفرض سياسة التمييز العنصري ضد المواطنين الفلسطينيين. ولكن في مثل هذا الوضع فإن أي حديث عن حل الدولتين سيصبح نقاشا عبثيا وحديثا عفا عليه الزمن.
ففي العصور القديمة كان يتم دفن الموتى مع مجوهراتهم المفضلة. كما نحن اليوم وفي مراسم دفن إسرائيل ينبغي أيضا أن ندفن جملا مثل الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط أو الدولة التي تبحث عن السلام والمساواة أو الحلول الإنسانية لمشكلة اللاجئين.
يجب إعادة تعريف الصهيونية على أنها دولة استعمارية ويجب إعادة تعريف إسرائيل على أنها كيان معتدٍ ومليء بالتمييز العنصري ونعرف يوم النكبة في عام 1948 باعتباره تطهيرًا عنصريًا لأصحاب الأرض الأصليين. فلا يمكن إطلاق أي اسم آخر عليهم سوى هذه الأسماء التي يطرحها إيلان بابيه.
***************** الموسيقى *********************
ويعرب إيلان بابيه عن أمله في أن يتم التخلي عن الخرائط التي قلصت مساحة فلسطين إلى عُشر مساحتها التاريخية الحقيقية إلى الأبد وهي التي يتم تقديمها كخريطة سلام إلى العالم؛ ويرى أن فلسطين يجب أن تعود إلى خريطتها الجغرافية المعتادة، نفس الخريطة التاريخية.
فإن الصراع العنيف والحرب الصهيونية والإبادة الجماعية لاتغير الواقع بأي شكل من الأشكال. على الرغم من أن هذه العناوين تتغير باستمرار في مناقشات السياسيين الليبراليين والصحفيين والآكاديميين الصهاينة، لكن الحقيقة هي ما ذكرناها.
لقد كانت فلسطين دائما أرضا بين البحر والنهر، ولايزال الأمر كذلك. إن الممتلكات المتغيرة لفلسطين لاتحدد بالجغرافيا بل بالتركيبة السكانية. فالمستوطنون الصهاينة وصلوا إلى فلسطين في أواخر القرن التاسع عشر وحاولوا تشكيل نصف السكان الفلسطينيين والسيطرة عليها. كما وسيطروا على النصف الآخر من السكان الفلسطينيين الأصليين من خلال إيديولوجية عنصرية وسياسات قائمة على التمييز العنصري. لكن في الواقع قضية السلام هي إزالة هذه الإيديولوجيات والسياسات من الأساس.
وفي صيف عام 2012 احتجت أعداد كبيرة من اليهود الإسرائيليين من الطبقة المتوسطة ضد السياسات الاجتماعية والاقتصادية لكيانهم. فحينها لم يجرؤ قادة ومنسقو هذه التظاهرات على ذكر الاحتلال الإسرائيلي والاستعمار والتمييز العنصري. فكان المتظاهرون يقولون بأن سياسات إسرائيل لا تسمح للعرق الإسرائيلي المتفوق أي اليهود بالاستفادة الكاملة والمتساوية من ثمار العدوان على فلسطين وأيضا ثمار مصادرة الممتلكات الفلسطينية. إنها كانت المطالىب السخيفة والتافهة التي تظاهر الصهاينة من أجلها.
والواقع أنه حتى التوزيع العادل لغنائم الحرب في فلسطين لم يمكن يضمن حياة طبيعية وهانئة لليهود. فوضع حد لنهب الممتلكات الفلسطينية وإنهاء الاعتداءات المتواصلة عليهم ربما تضمن لهم ذلك. كما ويجب على القوى اليهودية المتقدمة أن تنضم إلى حركات وحملات التعاطف مع الشعب الفلسطيني بدل هذه السياسات العدائية.
ويشير بابيه إلى أنه حان الوقت لتغيير النقاش حول حل "الدولة الواحدة" من مجرد الكلمات والحجج إلى الخطوات السياسية العملية وإنشاء قاموس جديد من أجل هذه الأهداف.
فعندما يوجد نزع ملكية الأراضي والممتلكات واغتصابها في كل مكان، فإن إعادة الملكية والمصالحة يمكن أن تحل محلها في كل مكان. وإذا تمت استعادة العلاقات بين اليهود والفلسطينيين على أساس عادل وديمقراطي، فلن تتم الموافقة على خطة حل الدولتين القديمة والمدفونة ولا ما يسمى بالحل المنطقي للتقسيم.
وهنا ينبغي التمييز بين اليهود الذين هم على استعداد لمناقشة الصيغة الجديدة للعلاقات وتغيير البنية والوضع المتساوي مع الفلسطينيين وليس مع اليهود الذين لا يرغبون في القيام بذلك؛ بغض النظر عن المكان الذي يعيشون فيه في المستوطنات أو في أي مكان آخر.
كما ويشير إيلان بابيه إلى عدة عقود من الاحتلال الإسرائيلي ويخلص إلى أن إسرائيل كيان قائم على "الاستعمار الاستيطاني" في القرن الحادي والعشرين.
ويمكن وصف الاستعمار الاستيطاني بأنه حركة الأوروبيين إلى أجزاء أخرى من العالم لبناء أمم جديدة وذي بشرة بيضاء. وهذا في بلدان كان يتمتع أصحابها برؤساء وحكومات على مدى الزمن.
فكان المستعمرون يستخدمون سببين منطقيين على حد زعمهم لتنفيذ خططهم الاستعمارية:
"عنصر الإقصاء، أي التخلص من السكأن الأصليين بكل الوسائل الممكنة بما في ذلك إبادتهم تماما من الوجود".
"والعنصر الثاني هو القائم على "التجريد من الإنسانية" ما يعني اعتبار غير الأوروبيين أشخاصا أقل شأنا ومن الدرجة الثانية وبالتالي لايستحقون الحصول على حقوق متساوية مع السكأن الأصليين.
وفي جنوب إفريقيا أدى هذان العنصران العدائيان إلى إنشاء نظام للتمييز العنصري. وأيضا في فلسطين تم وضع القواعد رسميا لهكذا نظام في عام 1948، أي في نفس العام الذي نفذت فيه الحركة الصهيونية عنصري التصفية والتجريد من الإنسانية بشكل عملي بصياغة التطهير العنصري في هذه المناطق.
كما وتحدث انتهاكات حقوق الإنسان في العديد من الأماكن الأخرى، لكن إسرائيل تعد رائدة وصاحب تجربة قديمة في هذا المجال. "فالاستثنائية" التي تتمتع بها إسرائيل وقبلها الحركة الصهيونية التي كانت تستغل هذه الاستثنائية في تطبيق جرائمها، لا تغير من الواقع شيئا.
فهي تحول أي أنتقاد غربي لانتهاكات حقوق الإنسان في العالم العربي إلى مزحة، أي أنه من المضحك أن يتحدث الغربيون عن انتهاكات حقوق الإنسان في العالم العربي وغرب آسيا.
فيقول بابيه:
"إن المستوطنين اليهود أصبحوا جزءا أساسيا وثابتا من أرض فلسطين ولا يمكن إخراجهم منها ويجب أن يكونوا جزءا من المستقبل. ولكن ليس على أساس القمع المستمر والاعتداء على السكان الفلسطينيين الأصليين وسلب ممتلكاتهم.
****************** الفاصل *****************
قدمنا لكم الحلقة العاشرة والاخيرة من بودكاست "عشر خرافات عن إسرائيل" والذي تطرقنا فيه بناءا علي النظرة البحثية للمؤرخ الىهودي واستاذ جامعة اكستر البريطأنية ايلأن بابيه محأولا كشف الاكاذيب المخترعة من قبل الصهيونة والتي تشكلت عليها اسرائيل.
ورغم علمنا بأن إيلان بابيه وكما يقول بنفسه في مقدمة كتابه أنه إسرائيلي ومع انتقاده الموجه للكيان الصهيوني، إلا أنه كيهودي وصهيوني يؤمن باستمرار وجود الكيان على الأراضي الفلسطينية.
فهو لايري دليلا مقنعا على إنهاء الكيان الصهيوني وعودة الأرض الفلسطينية لأهلها، فيقدم اقتراحه النهائي بأن يصبح المستوطنون اليهود جزءا أساسيا وثابتا من الأرض الفلسطينية لايمكن إزالتهم من هناك ويجب أن يكونوا جزءا من المستقبل في هذه الأرض.
لذلك فليس من المستغرب أن يتحدث بابيه خلال كتابه صراحة عن استعمار المشروع الصهيوني وبنائه على أساس القمع والحرمان وملكية السكان الأصليين لفلسطين، ولكنه يعتبر المستعمرين أو أحفادهم جزءا أساسيا من فلسطين.
ولكن نحن وبناءا على النظرة الواضحة والديمقراطية للمقاومة نؤكد ونقول:
"على كل الحركات الاستعمارية أن تعود إلى بلدانها وإنهاء هذه السياسة الظالمة. أي يعني العودة إلى نفس المكان الذي غادروه وهاجروا منه أو هاجر آبائهم وأجدادهم منه إلى فلسطين، حيث يجب أن تعود فلسطين لأهلها الأصليين.
الشكر لكم لحسن استماعكم إلى هذا البودكاست ومرافقتكم إيانا طوال الحلقات الماضية...
إن كان هذا المقطع قد نال إعجابكم فنرجوا مشاركته مع أصدقائكم ....
كما وننتظر آرائكم ومساهماتكم البنّاءة التي تبعثونها إليىنا عبر طرق التواصل المختلفة لإذاعة طهرأن العربية...
شكرا لطيب المتابعة وجميل الإصغاء
ودمتم في رعاية الله وحفظه.