موضوع البرنامج:
التقوى واجتناب الجهالة
أدعياء الخلافة المحمدية وظهور المهدي
إنا لا نترك أصحابنا
يا من لطلعتك اللهفات ما فتئت
تصبو وتستبق الأيام والطرقا
ما لي إليك سوى قلب أنازعه
نبض الولاء الذي بالروح قد علقا
ومهجة لربيع العهد قد حفظت
عشقا تشرب حتى خالط الرمقا
أرنو وتحضرني النجوى يجاهدها
أسر الحنين يسوم القلب والحدقا
بسم الله وله الحمد غياث المستغيثين وحبيب قلوب الصادقين والصلاة والسلام على صفوته الرحماء سيد الأنبياء وآله الأوصياء.
السلام عليكم أيها الأطائب ورحمة الله وبركاته..
أهلاً بكم في لقاء جديد من هذا البرنامج نعرفكم بمحطاته الرئيسة وهي:
تربوية عن تكاليف عصر الغيبة عنوانها: التقوى واجتناب الجهالة
ثم إجابة عن سؤال مستمعنا الكريم الأخ عبدالكريم السماوي بشأن: أدعياء الخلافة المحمدية وظهور المهدي
وأخيراً حكاية موثقة عنوانها: إنا لا نترك أصحابنا.
ونقرأ لكم بين هذه المحطات أبيات مهدوية مؤثرة لسماحة العالم العاملي الأديب السيد محمد هادي الحسيني.. تابعونا وأولى فقرات لقاء اليوم من برنامج (شمس خلف السحاب) وعنوانها هو:
التقوى واجتناب الجهالة
نقل العلامة الورع السيد هاشم البحراني في كتابه (المحجة فيما نزل في القائم الحجة) ما روي مسنداً عن الإمام جعفر الصادق – صلوات الله عليه – قال: (جاء رجل الى أمير المؤمنين – عليه السلام – فشكى إليه طول دولة الجور فقال – صلوات الله عليه: والله لا يكون ما تأملون حتى يهلك المبطلون ويضمحل الجاهلون ويأمن المتقون، وقليل ما يكون، حتى لا يكون لأحدكم موضع قدمه وحتى تكون الدنيا على الناس أهون من الميتة عند صاحبها، فبينما أنتم كذلك جاء نصر الله والفتح وهو قول ربي عزوجل في كتابه "حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا").
مستمعينا الأفاضل، (ترسيخ التقوى) هو أحد التكاليف المحورية لمؤمني عصر الغيبة خاتم الأوصياء المحمديين خليفة الله المهدي – أرواحنا فداه – وهذا الواجب المحوري هو ما يهدينا إليه مولانا الإمام علي المرتضى – سلام الله عليه – إبتدأ كلامه بالقسم بالله جلا جلاله، وهذا ما لا يلجأ إليه أئمة العترة المحمدية – عليهم السلام – إلا في الموارد المهمة التي يريدون تنبيه المؤمن الى أهميتها وحثهم على الإلتزام بمقتضايتها؛ قال – عليه السلام -: (والله لا يكون ما تأملون – يعني ظهور المهدي الموعود وانتهاء حاكمية الظلم – حتى يهلك المبطلون ويضمحل الجاهلون ويأمن المتقون).
إذن فالقيام بواجب ترسيخ التقوى في عصر الغيبة خاصة هو الذي يحصن الإنسان ويمنحه الأمان من السقوط في الفتن التي يعج بها هذا العصر سياسية كانت أو أخلاقية أو أمنية.
وهذا يعني أن الله تبارك وتعالى يحفظ بلطفه الخاص المؤمن الساعي لترسيخ التقوى في قلبه وسلوكه من جميع الأخطار التي يقع فيها الآخرون سواء كانوا من المبطلين أو الجاهلين.
أيها الإخوة والأخوات؛ أما الواجب الثاني الذي نستفيده من الحديث العلوي المتقدم، فهو أن على مؤمني عصر الغيبة أن يجتهدوا في تحصيل المعارف الإلهية التي تنجيهم من السقوط في فتن عصر الغيبة والوقوع في مصير الجاهلين والإنخداع بشعارات وتضليلات الأئمة المضلين من أدعياء المهدوية وغيرهم.
والقيام بهذا الواجب يستلزم السعي لمعرفة ثوابت وأصول منهج أهل البيت – عليهم السلام – ووصاياهم فيما يرتبط بالمواقف التي ينبغي للمؤمنين اتخاذها تجاه الحوادث التي يشهدها عصر غيبة خاتم الأوصياء المحمديين – أرواحنا فداه – وكذلك معرفة العلامات التي بينتها الأحاديث الشريفة لأولياء الله الصادقين والعلماء الصالحين وما يميزهم عن الأئمة المضلين والأدعياء بمختلف تياراتهم وصورهم، والتدبر خاصة في الأحاديث الشريفة التي تبين صفات الدجالين سواء من الذين ينتحلون الإنتماء الى منهج النبوة المحمدية أو الذين يدعون الإنتماء الى منهج أهل البيت المحمدي – عليهم السلام -.
مستمعينا الأطائب، أما التكليف الثالث من تكاليف مؤمني عصر الغيبة المهدوية، والذي نستنبطه من كلام مولانا أميرالمؤمنين – صلوات الله عليه – فهو الذي يشير إليه قوله (يهلك المبطلون) وهو يهدينا الى ضرورة الأخذ بعرى الإحتياط والحذر في جميع سلوكياتنا وعقائدنا وفهمنا للإسلام من أن نقع عقائدياً وسلوكياً فيما فيه إبطال لشيء من القيم الإسلامية النقية عبر تفسير القرآن وسائر النصوص الشريفة بالرأي والقناعات المسبقة أو المتأثرة بالقراءات غير الأصيلة للإسلام.
ويمكننا أن نفهم أهمية القيام بهذا الواجب من خلال ملاحظة كثرة هذه القراءات في عصرنا الحاضر وفيها ما يستهوي الكثيرين بشعاراتها البراقة.
ولذلك نفهم سر كثرة تأكيدات النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – في التحذير من التفسير بالرأي في أحاديث مشهورة مروية من طرق الفريقين، ففي هذه التحذيرات النبوية ما يشير الى خطورة القراءات غير الأصيلة على استقامة المؤمنين في السير على الصراط المستقيم الذي يمثله نهجه الأصيل – صلى الله عليه وآله الطاهرين -.
أقلب الطرف كي ألفيك في أفق
بالنور يزهو سناً برقا
أمني القلب والآهات تعصف بي
صبراً أجرعه الأشواق والعلقا
مات التصبر أم عاثت به غير
وأحدثت في لعاث الوجد مفترقا
مستمعينا الأكارم..
من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران نتابع تقديم حلقة اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب).
أيها الأحبة، من أخينا الكريم عبدالكريم السماوي وصلت للبرنامج رسالة يعرض فيها السؤال التالي:
ما معنى ما ورد في الأحاديث الشريفة من أن المهدي المنتظر – عجل الله فرجه – لا يظهر حتى يخرج ثلاثون كذاباً كل منهم يدعي أنه رسول الله – صلى الله عليه وآله -؟
الإجابة عن سؤال أخينا السماوي نستمع لها معاً من أخينا الحاج عباس باقري..
الباقري: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم أيها الأحبة وسلام على الأخ عبد الكريم السماوي، أخ عبد الكريم بالنسبة لسؤالكم في الواقع هذا التعبير أنا لم أجده في مصادر مدرسة اهل البيت سلام الله عليهم. نعم ورد بصراحة وبوضوح في المصادر المعتبرة عند بقية المذاهب الاسلامية. في مصادر اهل البيت ذكرت الرايات المشتبه بها، ذكرت إدعاء النبوة من قبل بعض الأشخاص أما أن يظهر ثلاثون كذاباً يدعي أنه رسول الله صلى الله عليه وآله هذا المعنى ورد من طرق الجمهور وهناك رواية للبخاري في صحيحه ايضاً نقلت في عدة مصادر اخرى مثل عقد الدرر او غيره. هذا الحديث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال "لاتقوم الساعة حتى تقتتل فئات عظيمتان يكون بينهما مقتلة عظيمة دعواهما واحدة حتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله وحتى يقبض العلم وتكثر الزلازل.." وغير ذلك الى نهاية الحديث. أما معنى أنه يدعي كل منهم أنه رسول الله صلى الله عليه وآله هذا الأمر يتطبق عليه ما إنطبق على الإجابة عن سؤال سابق فيما يرتبط بإدعاء النبوة، مما لاشك فيه أنه لايمكن أن يكون إدعاء صريح أنا محمد بن عبد الله مثلاً، انا رسول الله صلى الله عليه وآله. مثل هذه الدعوة يمكن ردها بسهولة ولاتنطلي على المسلمين لما ورثوه تاريخياً بشأن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله اذن هو إدعاء يتمثل ما لرسول الله صلى الله عليه وآله سواء كانت موقعية ومنزلة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله في الأمة يعني يدعون أن لهم ما لرسول الله صلى الله عليه وآله، يدعون أنهم على منهاج رسول الله صلى الله عليه وآله وهذا الأمر رأيناه في امثال حركة داعش في طبيعة خطاب أبي بكر البغدادي وطبيعة أدبيات هذه الحركة، خلافة او دولة اسلامية على منهاج النبوة وعلى منهاج رسول الله صلى الله عليه وآله. اذن المستفاد ظهور ثلاثون دجالاً، لاحظوا التعبير "دجالون كذابون" يعني ليس كذباً عادياً، كذباً مقنعاً، كذباً فيه حالة من الدجل وحالة من الإضلال. هذا الكذب يكون بإدعاء ما لرسول الله، إدعاء تمثيل رسول الله صلى الله عليه وآله وهذا ما نشهده الان في جملة من الحركات أما هل نقول إن هذا الأمر لايشكل علامة من الظهور بإعتبار على مر التاريخ الاسلامي إدعى الكثير تمثيل رسول الله، الكثير من ائمة الضلال إدعوا تمثيل رسول الله، إدعوا أنهم خلفاء رسول الله فكيف يكون علامة من علامات ظهور الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه؟ الاجابة عن هذا الاشكال واضحة وهي أن ظهور هذا العدد عندما يقبض العلم تنتشر حالة من التغييب للقيم الاسلامية السليمة الصحيحة، يقبض العلم يعني حياة القيم الاسلامية في الأمة تضعف فإذا ضعفت تكون النتيجة أن يدعي الأدعياء إدعاءات معينة مضللة يمكن أن تنطلي على الآخرين، هل يمكن أن يظهر أشخاص يدعون أنهم رسول الله بلغة صريحة؟ اذا كانوا من غير العقلاء هذا أمر محتمل ولكن على أي حال لايشكل خطراً، لايكونوا دجالين بحيث تصدق عليهم حالة الدجل. نعم ممكن أن يظهروا أشياء معينة ويكون دجلهم بإظهار أشياء معينة تؤكد إنتماءهم لرسول الله صلى الله عليه وآله. لاحظتم أن أبا بكر البغدادي مثلاً زعيم داعش عندما ظهر وبويع بالخلافة قبل ذلك مهد بالإدعاء بأنه سيد رضوي يعني من ذرية الامام الرضا سلام الله عليه وحسيني وقرشي، مثل هذه الإدعاءات هي من مصاديق الدجل فإدعاء أنه يكون رسول الله بهذا المعنى إظهار بعض الدجل للمخادعة وليس الإدعاء الصريح بأنه رسول الله. أجارنا الله وايكم من مضلات الفتن ببركة موالات محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم اجمعين.
نشكر أخانا الحاج عباس باقري على هذه التوضيحات،وننقلكم أعزاءنا الى رحاب الحكايات الموثقة التي تزيدنا معرفة بإمام زماننا بقية الله المهدي ورأفته ورعايته للمؤمنين.. عنوان حكاية لقاء اليوم هو:
إنا لا نترك أصحابنا
أعزاءنا.. الحكاية التالية نقلها سماحة الشيخ ماجد ناصر الزبيدي في كتابه المطبوع في لبنان تحت عنوان (أروع القصص فيمن رأى المهدي – عليه السلام – في غيبته الكبرى).
وقد سمعها مؤلف الكتاب مباشرة عن صاحبها وهو المؤمن المتقي الحاج حسين عبد الزبيدي – رحمه الله – .. قال – رحمه الله – مع بعض التصرف التوضيحي في عباراته:
(في نهاية عقد السبعينات من القرن الميلادي المنصرم عزمت أنا وبعض أصحابي على السفر الى ايران لزيارة الإمام علي بن موسى الرضا طلباً لشفاعته – عليه السلام – يوم القيامة.
وعندما وصلنا مدينة مشهد المقدسة إستأجرنا منزلاً في منطقة قريبة من الحرم الرضوي، كنا مشتاقين أشد الإشتياق لزيارته – عليه السلام – ولذلك فقد سارعنا الى وضع متاعنا وجميع ما نملك في المنزل خوفاً من ضياعها، لأن المدينة – وكسائر المدن الإيرانية – كانت تعج في تلك الأيام بالإضطراب وازدياد المخاوف الأمنية في ظل تصاعد التظاهرات ضد النظام الملكي إبان تصاعد حوادث قيام الثورة الإسلامية.
وبعد وضع متاعنا، ذهبنا للزيارة بشوق أنسانا التثبيت من عنوان المنزل الذي استأجرناه، وهذا ما انتبهنا له بعد خروجنا من حرم الإمام الرضا – عليه السلام – فقد أضعنا الطريق الموصل الى المنزل.. لقد تورمت أقدامنا من كثرة السير وسيطر علينا الإضطراب إذ لم نكن نعرف ما نفعل خاصة وإن جميع وثائقنا وما نملك بقيت في المنزل..
جلسنا عند حائط على جانب الطريق، وانهمرت عيوننا بدموع بكاء صامت.. وفي تلك الحالة ونحن نتطلع الى رحمة الله ونتوسل إليه بمرشد الضالين وإذا بشاب وسيم ذي هيبة غير عادية.. شاهدنا يقف أمامنا، سلم علينا وصافح كلاً منا وقال: لم هذا البكاء.. أجبنا: لا ندري ما نفعل الآن، نحن زوار غرباء، إستأجرنا منزلاً وضعنا فيه كل ما نملك من نقود وأمتعة وقد ضللنا الطريق إليه..
فقال لنا بكل طمأنينة: لا بأس عليكم، قوموا معي أدلكم على المنزل..
فسرنا معه وهو يسير في الطرقات بوقار الى رفع يده مشيراً الى المنزل وقال: هذا هو المنزل، واعلموا إنا لا نترك أصحابنا.
غمرتنا الفرحة ونحن نشاهد المنزل.. فغفلنا عمن أرشدنا لحظات ثم التفتنا إليه لنشكره فلم نر غرته الحميدة وطلعته الرشيدة فغمرنا الأسف على فراقه والحمد لله رب العالمين.
يا غرة المجد في أزهى شمائله
وصفوة النور خلقاً كان أو خلقا
أشكو إليك زماناً أنت صاحبه
وأمنيات لها في النفس ما احترقا
فيم انتظارك والآمال قد أزفت
وأينع الحلم عزماً هادراً سمقا
كي تزرع الأرض قسطاً والسماء هدى
كفاك جودا وبحراً زاخراً دفقا
يستلك الملأ الأعلى حسام سناً
وكوكباً في ختام العقد مؤتلقا
أجمل الشكر لكم أيها الأطائب على جميل متابعتكم لحلقة اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب).
ولكم دوماً أطيب الدعوات من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران دمتم بكل خير.