السلام عليكم أعزاءنا وتقبل الله طاعاتكم في هذا الشهر المبارك، علي بركة الله نلتقيكم في حلقة أخري من هذا البرنامج نتدبر معا فيها في قول الله عزوجل: «وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ»، فما هي الدروس التي نستلهمها من هذه الفقرة النورانية فيما يرتبط بأداء فريضة الصوم بالصورة التي يحبها الله عزوجل لعباده؟
الدرس الاول نستلهمه من قوله تعالي «وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ»، ففي هذا القول بيان لحقيقة أن من الضروري لبناء شخصية الانسان وصلاحه وكماله وسعادته المعنوية في الدنيا والآخرة أن يكمل صيام «الْعِدَّةَ» أي شهر كامل في كل عام. ولذلك فإن الله تبارك وتعالي أعفي المريض والمسافر من الصيام في شهررمضان تخفيفا ورحمة بعباده، لكنه أوجب علي المرضي والمسافرين أن يصوموا بعد زوال أعذارهم بعدد ما أفطروه من شهر رمضان كاملة لأن الانسان الطالب للسعادة الحقيقية لاغني له عن صيام شهر كامل كل عام للوصول الي ما يطلبه. وبناءاً علي هذه الحقيقة ينبغي للمؤمنين أن يهتموا بأن يكون صيامهم في جميع أيام شهر رمضان بالصوره التي يحبها ويرضاها الله لهم، وكذلك عليهم أن يهتموا بقضاء مافاتهم وبالصورة المطلوبة أيضاً ولا يتهاونوا لا في عدة مايقضونه ولا كيفية قضائهم لها.
أما بالنسبة لقوله تعالي «وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ» ففيه بيان مهم لحقيقة أن معرفة أثر صيام شهر رمضان وإكمال عدته بأيام أخر لمن وجب عليه القضاء في تكامل الإنسان وصلاحه الدنيوي والاخروي، أن معرفة ذلك تولد في قلب الانسان معرفة خاصة لعظمة الله تبارك وتعالي وجميل صنعه وحسن تدبيره لشؤؤن الانسان فيكبره تكبيراً وتعظيماً وتمجيداً علي هدايته البشر لهذه الفريضة المليئة بالبركات. وبناء علي ذلك ينبغي للصائمين أن يقرنوا قيامهم بفريضة الصيام بتمجيد الله عزوجل والتعمق في معرفته والخلاص له لكونه الهادي بالاصالة الي كل خير.
وتترتب علي ذلك ثمرة اخري وهي الاستشعار الوجداني لعظمة الإحسان الالهي علي الانسان وهو الاحسان الذي يتجلي في تشريع هذه العبادة المباركة ودعوة الخلق اليها.
وهذا الاستشعار الوجداني يتولد في قلب الانسان إذا أدي فريضة الصيام بالصورة المطلوبة التي يتلمس عمليا بها البركات الكامنة في هذه العبادة القدسية. فإذا تحقق ذلك اندفع الانسان فطريا الي شكر الله تبارك وتعالي علي هدايته العبادة لفريضة الصوم وهذه من أعظم النعم الالهية. وقوله عزوجل «لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» يشير بوضوح الي هذه الحقيقة ويبين أن الصوم بالطريقة المطلوبة يورث الشعور بشكر الله عزوجل وهذا الشكر هو من أقدس الدوافع لعبادة الله جل جلاله.
*******