السلام عليكم أعزاءنا، تقبل الله أعمالكم، لنا وقفة أخري في هذا اللقاء من البرنامج عند قوله عزّ من قائل: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ.
وقد تحدثنا في الحلقة السابقة عن الشطر الأول من هذه الفقرة النورانية وبقي منها قوله تعالي «هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ»، فما الذي تحمله هذه الحكمة القرآنية من دروس الهداية للصائمين؟ 
روي الشيخ الصدوق في كتاب معاني الأخبار أن الإمام الصادق سُئل عن القرآن والفرقان أهما شيئان أم شيء واحد؟ 
فأجاب عليه السلام قائلاً: القرآن جملة الكتاب، والفرقان المحكم الواجب العمل به.
في قوله تعالي: «هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ» قال المفسرون أن المقصود حالان من كتاب الله، أي أن القرآن أنزل وهو هداية للناس الي الله ودلالة عليه جل جلاله بأعجاز هذا الكتاب، وهذه هي الحالة المقصودة بقوله تعالي «هُدًى لِّلنَّاسِ»أما الحالة الثانية فهي التي يبينها القرآن بقوله عزوجل «وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ» أي أن القرآن هو عبارة عن آيات واضحة الدلالة تهدي الخلق الي الحق وتميز الحق عن الباطل بما في هذه الآيات الكريمة من الحكم والأحكام.
وعلي ضوء فهم الحقيقة المتقدمة التي تتضمنها العبارة القرآنية المتقدمة يتضح أن علي الصائمين أن يحرصوا وهم يتلون القرآن الكريم وخاصة في شهر رمضان المبارك؛ علي أن يحصلوا علي ثماره الكريمة في كلا الصعيدين المشار إليهما في هذه الآية الكريمة.
أي أن يجتهد الصائمون وهم يتلون القرآن الكريم الي إستجلاء مظاهر كونه «هُدًى لِّلنَّاسِ» بأعجازه يدلهم علي الله جل جلاله، إستجلاءً هذه المظاهر في جميع الآيات التي يتلونها لكي يزداد إيمانهم بأن صاحب هذا الكتاب القدسي هو الحق عزوجل، فيزداد ويقوي إرتباطهم به وتعلق أرواحهم وقلوبهم بنور عزه الأبهج تبارك وتعالي. 
هذا أولاً وثانياً، فإن علي الصائمين أيضاً أن يسعوا الي إستجلاء المعارف التفصيلية الهادية الي الحق وترسخها في القلب والعمل بمقتضياتها وكذلك الحال مع الأحكام التربوية والأخلاقية والعقلية ومعرفة المواقف القرآنية من مختلف الشؤون الفردية والإجتماعية والإلتزام بها لأن القرآن الكريم هو «الْفُرْقَانِ» الذي يُمثل المحكمات التي يجب العمل بها كما أشار لذلك حديث الإمام الصادق (عليه السلام).

*******