ولقد بذلت الماكنة الإعلامية التابعة للحكومات الظالمة منذ عهد الانقلاب على الرسالة السماوية وإلى يومنا الحاضر كل جهدها من أجل تحريف مسار الرسالة الإسلامية وتجميد القرآن الكريم ومحو كلام رسول الله (ص).
وقد تصدى المنبر الحسيني الذي يعتبر من أهمّ القنوات الإعلامية، والتبليغية، والتثقيفية، والتعليمية، والترويجية، والتوجيهية، والنقدية، الى تصحيح ذلك التحريف, فهو منبر دعوة وهو منبر توعية، وهو منبر حركة وهو منبر ثورة، وهو منبر الإسلام كلّه.
وقد ساهم المنبر الحسيني عبر قرون من الزمن باعتباره الوسيلة الأكثر فاعليةً وتأثيراً في الأمة في طرح مختلف الأفكار والعلوم، ومارس عملية التربية والتثقيف للأمة، ومناقشة مختلف القضايا الإنسانية والإسلامية والاجتماعية والاقتصادية، ونشر الوعي والتعليم والتربية والمبادئ والفضائل وغيرها.
لقد جعل المنبر الحسيني من الشعائر الحسينية والتي تعتبر إحدى دعائم التبشير الديني والتبليغ المذهبي باعتبارها المدرسة التثقيفية العملية وليست النظرية أن تكون مزيجاً بين الفكر الثوري للإمام الحسين عليه السلام, والعاطفة الجياشة الحماسية حيث أن الفكر لوحده لا يكفي لتكون الروح الثورية عند الأمة إلا إذا مزج بالمأساة والعاطفة.
فالشعائر بها تقوى شوكة الطائفة وترغم بها أنوف أعدائهم وبها تتوحد الصفوف باجتماع الأفراد وائتلاف الجماعات لأنها تستقطب أعداداً كبيرةً من البشر، ولها القدرة العالية على تهديد عروش الجبابرة وفضح الأساليب المعيبة التي يرتكبها الطغاة سراً وعلناً، وتضع أمامهم مصائرهم التي لا يُحمَد عقباها وقد كان للمنبر الحسيني دور فعال في إحياء الشعائر الحسينية على مرّ العصور.
ومن أجل ذلك وقف الاستكبار العالمي والطغاة والجبابرة ضد المنبر الحسيني على مرّ العصور، حتى سالت دماء على مسرح الحرية والعطاء المنبري وهجّر ونفي العديد منهم في الأمصار والولايات.
ألا إنهم لم يستطيعوا أن يقضوا على المنبر الحسيني أو إخماده، وبقيت جذوته مختزلة في ضمير الأمة الإسلامية تتفاعل مع وجدانها ومشاعرها كظاهرة فطرية أكثر منها حالة شعورية واستطاع المنبر الحسيني أن يهد عروش الطغاة ويهزمهم وحتى يومنا هذا.
فرحم الله شهداء المنبر الحسيني وحفظ الباقين منهم.
السيد محمد الطالقاني
الباحث في الشؤون الدينية