ولا يُفوّت المغاربة اقتراب حلول هذه المناسبة الدينية، لاقتناء ما يحتاجونه من أزياء وألبسة تقليدية لهم ولأبنائهم لاستقبال العيد في أبهى حلة، إضافة إلى تحضير الحلويات ك"الغريْبة" و"الفقاص" و"كعب الغزال"، وشراء المكسرات بمختلف أنواعها وغيرها من المستلزمات الضرورية لهذه المناسبة الدينية، لتزيين موائدهم بما لذ وطاب.
ويطلق المغاربة اسم "العيد الصغير" على عيد الفطر، و"العيد الكبير" على عيد الأضحى، حيث تجتمع العائلات مع بعضها، ويحرص كثير من المغاربة على العودة إلى مسقط رأسهم في مدنهم وقراهم
أجواء روحانية وصلة الرحم
بالعاصمة المغربية، استقبل الرباطيون، عيد الفطر في أجواء مفعمة بالروحانية والبهجة. ومنذ الساعات الأولى من صباح اليوم، توجهوا بالآلاف، إلى المصليات والمساجد المخصصة لأداء صلاة العيد مصحوبين بأبنائهم وزوجاتهم، في أجواء طبعها الحبور والسكينة، مرتدين جلابيبهم التي كانت محفوظة في الرفوف، لهذا اليوم.
وعرفت مساجد الرباط ومدينة تمارة المجاورة لها، توافدا غفيرا للمصلين لأداء صلاة العيد، مرتدين الزي واللباس التقليدي المغربي، وتبادل التهاني والتبريكات مع الأصدقاء وتقاسم فرحة العيد مع جموع المصلين، في أجواء تفوح منها روائح الطيب التي أبدع المصلون في وضعها..
ومرت صلاة العيد في أجواء إيمانية خالصة طبعها الخشوع والابتهال والتضرع، وتبادل التهاني والتبركيات بين المصلين بمناسبة حلول الفطر. وقد تراوحت مواقيت صلاة العيد بين السادسة والنصف صباحا بالتوقيت المحلي والثامنة، حسب المناطق.
صلة الأرحام
يحرص المغاربة، يوم العيد على صلة الأرحام وتبادل الزيارات العائلية مع ذويهم وأقربائهم وأصدقائهم وجيرانهم مصحوبين بأبنائهم. كما يقدم الرجال هدايا إلى زوجاتهم، عرفانا بتضحياتهن ويُكرم الكبارُ الصغار بعيديات من دريهمات ترسم البهجة على وجوههم.
وفي أيام العيد، يدب الهدوء إلى المدن الكبرى التي تنخفض فيها الحركة التجارية، وتغلق معظم المحلات أبوابها لبضعة أيام، وذلك بسبب تنقل أصحابها إلى مدنهم الأصلية للاحتفال مع أقرباءهم. بحسب عبد المنعم النحاس القاطن بمدينة طنجة شمالي المغرب، فإن عيد الفطر هو إحدى المناسبات القليلة التي يجتمع فيها مع والده وأقاربه في مدينة فاس.
طقوس أمازيغية عريقة
إذا كانت الأجواء الروحانية القاسم المشترك بين المغاربة في أيام عيد الفطر، فإن لكل منطقة مميزاتها وعاداتها. ففي الجنوب الشرقي المغربي، تكون أجواء عيد الفطر جد مميزة، كما يصفها مصطفى مروان، الباحث في التراث الثقافي الأمازيغي.
ويستيقظ الناس باكرا لأداء طقوس عيد الفطر؛ يتناولون وجبة تقليدية مكونة من القمح والسمن البلدي يسمى "بركوكس ن وودي"، ثم يلتحقون بالموكب المتوجه إلى المصلى مرددين أدعية دينية.
وبعد صلاة العيد، يضيف مروان، تتبادل الجموع التهاني والتبريكات في المصلى، ليلتحقوا بالمنازل التي تكون مفتوحة في وجه العموم، ويمكن لأي شخص أن يزور أي منزل وإن لم يكن يعرف أهله. وفي جلسة شاي مرفوقة بما لذ وطاب من الحلويات إضافة إلى طبق الكسكس في وجبة الغذاء، تتبادل الجموع أطراف الحديث وتستقصي أخبار أفراد العائلة خاصة كبار السن، وهي مناسبة لاسترجاع ذكريات أو طرائف أو لحظات مشتركة أو ما يجمع الأجداد من علاقات متينة، أو نسج علاقات تعارف وصداقة جديدة بين غير المتعارفين، فالهدف الأساس هو ترسيخ أواصر المحبة واللحمة بين أفراد العائلة والقبيلة."
وأضاف المتحدث أنه في المساء، يجتمع الناس في ساحة عامة "إمي ن إغرم"، لمناقشة قضية من القضايا التي تهم القرية كمساعدة محتاج، أو جمع الدعم لمشروع، أو تسوية خلافات، وغيرها من القضايا، ليكون الختم برقصة أحيدوس، حيث تتزين النساء والرجال بالزي التقليدي، لتقرع الدفوف وتنطلق الأهازيج في حفل بهيج".