بسم الله وله الحمد حمد الشاكرين على نعمائه سيما نعمة الهدى والإيمان، ثم أفضل الصلاة والسلام على خاتم الأنبياء سيدنا محمد وعلى آله الأطيبين الأطهرين.. حضرات المستمعين الأفاضل سلام من الله عليكم ورحمة من لدنه تعالى وبركات.. تحية طيبة مباركة لكم أينما كنتم في هذه الحلقة من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" حيث سنقدم لحضراتكم فيها تفسيراً ميسراً لسورتي الشرح والتين المباركتين فابقوا معنا مشكورين..
بداية، أحبة الخير والإيمان، ننصت وإياكم الى تلاوة سورة الشرح المباركة..
بسم الله الرحمن الرحيم...
أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ{1} وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ{2} الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ{3} وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ{4} فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً{5} إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً{6} فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ{7} وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ{8}
يقول تعالى في السورة السابقة لهذه السورة أي سورة الضحى (ما ودعك ربك) ويقول في هذه السورة: كيف يتركك من أنعم عليك بأكبر لطف ونعمة ألا وهو شرح الصدر.
و"شرح الصدر" أيها الأكارم، يعني توسيع الصدر وارتفاع مستوى تحمل الإنسان حتى يقدر على تحمل الأزمات والصبر عند المشكلات والمصاعب.
ومن لطائف هذه الآيات أنه عندما اختار الله تعالى النبي موسى (ع) للرسالة كان أول ما طلبه من الله هو سعة الصدر حين قال (رب اشرح لي صدري) ولكن نبي الإسلام حاز اللطف الإلهي دون أن يطلب وأعطاه الله سعة الصدر.
أما المقصود من الحمل الثقيل أو "الوزر" الذي رفعه الله تعالى عن النبي بشرح صدره هو مسؤولية الرسالة ودعوة الناس إلى التوحيد ومحاربة الفساد والشرك والخرافات.
والمصداق لقوله تعالى (وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ ..إلى.. وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) هو أن الناس كانوا يدخلون في الإسلام أفواجاً أفواجاً؛ وانتصر الإسلام في غزوات بدر والخندق وحنين ومع أن بعضهم كان منافقاً أو جباناً، إلا أن الإسلام كان في نمو مستمر. وكان الإمام علي (ع) في أغلب الأوقات يرفع هذا العبء عن كاهل النبي الأكرم (ص).
كما تشير الآيات إلى أن العسر سبب لليسر، وقد تكون كلمة (مع) بمعنى سبب، أي أن كل صعوبة تحمل في طياتها التجارب البناءة.
ومن تعاليم هذه السورة المباركة أيها الكرام، يمكن الإشارة أولاً: سعة الصدر عامل مهيئ للقيام بأعباء الرسالة الثقيلة.
ثانياً: محاربة الخرافات والعادات والتقاليد الجاهلية، أمر ثقيل جداً.
ثالثاً: السمعة الحسنة والمقام الرفيع من لوازم النجاح في قيادة المجتمع.
رابعاً: يجب على الإنسان بعد أن ينتهي من أي مسؤولية، أن يهيئ نفسه لتحمل مسؤولية أخرى وسعي آخر.
خامساً: ينبغي على المرء بذل أقصى ما في وسعه في سبيل الوصول الى الله عزوجل.
وسادساً: الله وحده هو من يستحق الرغبة فيه والميل إليه.
أما الآن، أيها الأفاضل، ندعوكم للإستماع الى تلاوة سورة التين المباركة..
بسم الله الرحمن الرحيم..,
وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ{1} وَطُورِ سِينِينَ{2} وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ{3} لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ{4} ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ{5} إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ{6} فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ{7} أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ{8}
طور سينين، أيها الأطائب، هو نفسه وادي سيناء الواقع بين مصر وفلسطين؛ وجاء في بعض الروايات، أن (طور سينين) و(البلد الأمين) هما إشارة إلى مكانين مقدسين وأن المقصود من (التين والزيتون) هو محل نمو هاتين الثمرتين المفيدتين وفي بعض الروايات أن هذه الآية تشير إلى المدينة المنورة وبيت المقدس.
والمقصود من (ثم رددناه أسفل سافلين) إبتعاد مجموعة من البشر عن الفطرة الإلهية التي وضعها الله في تكوين البشر وكل من يفعل ذلك، يجعله الله عزوجل في أدنى مقام ويبتليه بالشقاء والعذاب.
ومما تعلمه إيانا هذه السورة المباركة أولاً: من أهم إحتياجات الإنسان المادية، الصحة الناتجة عن الطعام والأمن في محل عيشه.
ثانياً: تسري قداسة الوحي إلى الأراضي التي ينزل فيها.
ثالثاً: الإنسان هو أحسن المخلوقات؛ وعندما يسقط يكون سقوطه أسفل من كل المخلوقات.
رابعاً: لا يوجد إنسان وضيع في أصل الخلقة؛ ولكنه يسقط في مراحل الحياة المختلفة.
وخامساً: مع أن الله هو خالق الإنسان وله الحق في معاملة مخلوقه كيفما شاء، إلا أنه يحكم على أساس العدل وهو أحسن الحاكمين.
إلى هنا، إخوة الإيمان، نصل وإياكم الى ختام حلقة أخرى ضمن برنامج "نهج الحياة" قدمناه لحضراتكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، فحتى لقاء آخر وتفسير موجز لآيات القرآن الكريم، تقبلوا تحياتنا وفي أمان الله وحفظه.