البث المباشر

تفسير موجز للآيات 1 الى 14 من سورة المزمل

السبت 24 أغسطس 2024 - 13:12 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 1043

 

بسم الله الرحمن الرحمن وبه تبارك وتعالى نستعين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. مستمعينا الأفاضل السلام عليكم ورحمة من الله تعالى وبركات.. تحية لكم أينما كنتم وأنتم تستمعون من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران إلى حلقة أخرى من برنامج "نهج الحياة" حيث سنشرع فيها بإذن الله تفسير سورة المزمل المباركة بالإستماع الى تلاوة آياتها الأولى حتى الخامسة فابقوا معنا مشكورين..

بسم الله الرحمن الرحيم.. يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ{1} قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً{2} نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً{3} أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً{4} إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً{5}

أيها الكرام، مفردة "التزمل" هي لفّ الإنسان الرداء أو القماش حول نفسه، وقال بعضٌ: إن المراد بها هو رداء النبوة، وقال آخرون: المراد هو أن الرسالة لا تتناسب مع الإنزواء والعزلة؛ وقيل: المراد منها أن الرسالة لا تتناسب مع الإستراحة ويجب عليك أن تنهض بأعباء الرسالة.

والترتيل، مستمعينا الأعزة، هي قراءة القرآن بصورة صحيحة بتريث ومن دون عجلة؛ وأما المقصود من "القول الثقيل" كما جاء في بعض التفاسير، إعلان خلافة وإمامة علي بن أبي طالب (ع)، حيث كان صعباً على النبي، وليس المقصود به القرآن الكريم، لأنه تعالى يأمره بترتيل القرآن، لأنه سيلقي عليه قولاً ثقيلاً، فالقرآن قبل القول الثقيل.

وهنالك إشارة إلى أن الليالي تتناسب مع المناجاة أكثر من النهار، ففي سبيل المثال مع أن النبي موسى (ع) ظل في جبل الطور يناجي ربه أربعين يوماً وليلة، إلا أن الله تعالى لم يذكر سوى الليالي؛ بقوله تعالى (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة..).

ومما نتعلمه من هذه الآيات المباركة يمكن القول أولاً: الليل هو من أفضل الأوقات للعبادة.

ثانياً: كانت عبادة الليل واجبة على النبي (ص).

ثالثاً: أفضل وسيلة لإيجاد الإستعداد الروحي وكسب القدرة هي الصلاة في الليل وقراءة القرآن.

ورابعاً: توجد آداب لتلاوة القرآن وأول آدابه هو الترتيل.

أما الآن، إخوتنا الأكارم، ندعوكم للإستماع الى تلاوة الآيات السادسة حتى التاسعة من سورة المزمل المباركة..

إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءاً وَأَقْوَمُ قِيلاً{6} إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحاً طَوِيلاً{7} وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً{8} رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً{9}

"ناشئة الليل" أيها الكرام، هي الإستيقاظ من النوم، كما ورد في رواية عن الإمامين الصادق والباقر (عليهما السلام).

و"الوطء" هو وضع القدم على الشيء وجعله تحت القدم؛ وفي الآية تعني وضع القدم في طريق العبادة، وعن الإمام الصادق (ع) في تفسير (أشد وطأً) أن المراد هو القيام من الفراش في حال أنه لا يريد غير وجه الله.

وأما "التبتل" مستمعينا الأعزة، هو الإبتعاد عن هوى النفس والتوجه الى الله؛ وعن الإمام الباقر (ع) أن التبتل هو رفع اليدين في تكبير الصلاة، وعن الإمام الباقر عليه السلام أن التبتل هو رفع اليدين في تكبير الصلاة.

ومما تعلمه إيانا هذه الآيات الكريمة أولاً: عتمة الليل تؤمن البيئة المناسبة لعبادة كلها خشوع وخضوع وبعيدة عن الرياء.

ثانياً: يحتاج التوفيق في النهار إلى كسب القوة من مناجاة الليل.

ثالثاً: تقتضي ربوبية الله أن نذكره دائماً.

رابعاً: الذكر في النهار والعبادة في الليل هما مقدمة للإنقطاع الكامل إلى الله تعالى.

إخوتنا الأفاضل، في هذه اللحظات، ننصت وإياكم إلى تلاوة الآيات العاشرة حتى الرابعة عشرة من سورة المزمل المباركة..

وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً{10} وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً{11} إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالاً وَجَحِيماً{12} وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً{13} يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيباً مَّهِيلاً{14}

كلمة "الهجر" عزيزي المستمع، هي بمعنى الإنفصال عن الآخر والإنزواء عنه، سواء أكان الإنفصال بالقلب أم بالجسد وأما "نِعمة" بكسر النون، تعني الشيء الذي أعطاه الله للإنسان، و"نَعمة" بفتح النون، تعني النجاح والعيش والعشرة.

و"أنكال" جمع نكل وتعني العجز، و(النكول) هو العجز عن أداء الدين أو القيام بالعمل، وتطلق كلمة أنكال على السلسلة أو القيود التي تربط بها يدي الإنسان.

و أما "الكثيب" فهو تل من المال، و"مهيل" الرمل الجاري المنهمر.

ويمكن أن يكون التهديد في هذه الآيات ناظراً إلى هزيمة المشركين في مقابل المؤمنين أو إلى العذاب الإلهي في الآخرة.

ومما نستقيه من منهل هذه الآيات المباركة أولاً: ذكر الله والإنقطاع عن الآخرين والتوكل على الله، هي العوامل المساعدة على الصبر في الأزمات.

ثانياً: على القائد أن يتوقع أي نوع من الإتهامات والكلام الجارح.

ثالثاً: من السهل على الذي اتخذ الله وكيلاً لنفسه أن يهجر الآخرين.

رابعاً: على الكافرين ألا يغتروا بنجاحاتهم العابرة، فإن من ورائها قيوداً وسلاسل وناراً مسعرة وطعاماً ذا غصة.

وخامساً: تبديل الجبال إلى رمال متحركة فيه إشارة إلى عظمة اهتزاز الأرض وزلزال يوم القيامة.

بهذا، إخوتنا المستمعين الأكارم، وصلنا إلى ختام هذه الحلقة من برنامج "نهج الحياة" فحتى لقاء آخر وتفسير موجز آخر من آي الذكر الحكيم دمتم سالمين وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة