البث المباشر

تفسير موجز للآيات 19 الى 35 من سورة المعارج

السبت 24 أغسطس 2024 - 13:11 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 1036

 

بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين ثم أفضل الصلاة وأتم التسليم على أشرف الخلق محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. أعزاءنا المستمعين السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.. تحية لكم أينما كنتم وأنتم برفقتنا وهذه الحلقة من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" حيث سنستأنف فيها تفسير آيات سورة المعارج المباركة بداية بالإستماع الى تلاوة آياتها التاسعة عشرة حتى الثالثة والعشرين..

إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً{19} إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً{20} وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً{21} إِلَّا الْمُصَلِّينَ{22} الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ{23}

الهلوع، أيها الأفاضل، هو الإنسان عديم الصبر والحريص، وهنا نتساءل بأن الله سبحانه قد ذكر في بعض الآيات أنّ خَلقَ الإنسان هو الأحسن ولكن هذه الآيات تقول إن الإنسان خلق هلوعاً وبخيلاً، فكيف يمكن جمع المعنيين معاً؟

والجواب هو، عزيزي المستمع، جُعلت في الإنسان أمور متضادة عند خلقه، وهذا هو سر التكامل؛ نفس الإنسان تسوقه إلى الشر ولكن عقله يمنعه، ويصل الإنسان إلى الرشد باختياره بين هذه الأضداد، وهذا ما يؤدي إلى التربية والتزكية. وبالنسبة للآية الثالثة والعشرين تفيد الروايات بأن أحسن الأعمال هي ما نداوم عليها.

ومن تعاليم هذه الآيات الكريمات أولاً: الدليل على الحرص أمران: الجزع عند المصيبة والبخل عند الغنى.

ثانياً: المداومة على الصلاة هي طريق النجاة من الأخلاق السيئة.

ثالثاً: يميل طبع الإنسان المادي إلى الحرص والبخل، وتلجم الصلاة وذكر الله ذلك الطبع.

رابعاً: يكون الإنسان مضطرباً من دون الصلاة.

وخامساً: تظهر آثار الصلاة عند المداومة عليها.

أما الآن، أيها الأكارم، ندعوكم للإستماع الى تلاوة الآيات الرابعة والعشرين حتى الحادية والثلاثين من سورة المعارج المباركة..

وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ{24} لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ{25} وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ{26} وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ{27} إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ{28} وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ{29} إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ{30} فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ{31}

مستمعينا الكرام، يرى عدد من المفسرين أن هذه الآيات نزلت قبل تشريع الزكاة والخمس.

ونقرأ في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين (ع): (إن الله سبحانه فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء؛ فما جاع فقير إلا بما مُتّع به غني والله تعالى سائلهم عن ذلك).

وحول الآيتين السابعة والعشرين والثامنة والعشرين ورد في رواية عن الإمام علي (ع) أنه قال لولده: (خَفِ الله خوفاً لو أتيته بحسنات الثقلين لعذبك، وارجُ الله رجاءً لو أتيته بذنوب الثقلين لعفا عنك).

ومما تعلمه إيانا هذه الآيات الشريفة أولاً: ثمة علاقة غير منفكة بين الصلاة ومساعدة المحتاجين.

ثانياً: يُعدّل الإنفاق من خُلُق الحرص والبخل.

ثالثاً: المحتاجون شركاء للمقتدرين في أموالهم ولهم فيها حق.

رابعاً: سعادة الفرد ليست بمعزل عن سعادة المجتمع.

وخامساً: الدين الجامع يعني الإهتمام بالمسائل الإجتماعية والفردية.

والآن، إخوتنا الأكارم، نصغي معاً خاشعين الى تلاوة الآيات الثانية والثلاثين حتى الخامسة والثلاثين من سورة المعارج المباركة..

وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ{32} وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ{33} وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ{34} أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ{35}

أيها الأحبة، رسمت الآيات الثانية والعشرين حتى الخامسة والثلاثين من سورة المعارج، صورة الأمة الإسلامية والمجتمع المثالي؛ حيث عندهم ارتباط دائم وكامل بالله تعالى عن طريق الصلاة ويهتمون بمشاكل المحرومين وتحكم التقوى على أفكارهم ومحافظتهم على الأمانات، كما يثورون لأجل حقوق الناس ويتبعون الطريق الحلال لإرضاء غرائزهم.

وقد يكون المقصود من عبارة (على صلاتهم دائمون) عدم ترك الصلاة؛ والمقصود من (على صلاتهم يحافظون) الإهتمام الجدي بالصلاة، ومراعاة شروط صحة الصلاة وقبولها وكمالها.

وقد جاء في رواية عن النبي الأكرم (ص) أنه عد الخيانة في الأمانة وعدم الوفاء بالعهود والكذب من علامات النفاق.

ومما نتعلمه من هذه الآيات الكريمة يمكن القول أولاً: لا يكون الإيمان فقط بالإنفاق والصلاة، بل إن المحافظة على العهد والإلتزامات الإجتماعية من شروط الإيمان كذلك.

ثانياً: السكوت عن علم، جريمة، والشهادة بالحق، دليل على الإيمان.

ثالثاً: التوجه إلى الصلاة هو أساس كل الكمالات ومنتهاها.

ورابعاً: أهل الجنة مؤَمَّنون من الناحية المادية والمعنوية.

الى هنا، إخوتنا المستمعين الأفاضل، وصلنا الى نهاية حلقة أخرى من برنامج "نهج الحياة" شاكرين لكم طيب إستماعكم وكرم متابعتكم فحتى لقاء آخر وتفسير ميسر آخر لآي الذكر المبين نستودعكم الباري تعالى والسلام خير ختام.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة