وانعكس ارتفاع سعر الدولار على المشتقات النفطية وعلى أسعار السلع الغذائية، وصدرت أسعار جديدة للمحروقات، وأصبحت على الشكل الآتي:
وعبّر اللبنانيون عن قلقهم مما سيؤول إليه الوضع الاقتصادي في البلد في ضوء عدم وجود سقف لسعر الدولار، متحسرين على ورقة الليرة اللبنانية المكللة بأعمدة قلعة بعلبك عندما كانت تنافس أهم العملات الأجنبية وعندما كان يُضرَب بها المثل من خلال القول “متل الليرة”.
وكتب الصحافي صبحي منذر ياغي على فيسبوك “بتتذكري يا ستي وقت كنت تفتحي جزدانك المشغول بالخرز، وتطلعي منو ليرات مجعلكة، تعطيني شي تلات ليرات اشتريلك غراض..وتسامحيني بالباقي، وكيف انا حس حالي “زنكلت”. كانت الليرة شامخة مثل عواميد بعلبك، بتذكر بس كنا نوصف شغلة مرتبة نقول “متل الليرة”.. شو كانت الليرة تشبه أرزتنا بمجدها، وكانت تجذب العمال العرب تيشتغلوا بلبنان، تيحصلوا ع الليرة، وكانت أمنية غنّاها المطربين، وكان يغني ملحم بركات “ايدي لليرات شو مشتاقة”… ويللي كان بخيل ويحب المصاري كنا نسميه “ابو ليرة”، وقت كنا نلعب مع بعض نتحدى مين بيقول بسرعة “ليرة ورا ليرة”، وما بيغلط..كانت الليرة فخرنا لانو صورة عن اقتصادنا وثرواتنا ببلدنا الغني.. بعز الليرة ما بقي شاب من لبنان ما سافر ع الدول الاشتراكية بهيداك الزمن وفشّخ، وكيّف، وجخ وصرف، بعز الليرة ما كان في فقرا بالمعنى الحقيقي بلبنان، كانت الطبقة الميسورة، والطبقة الغنية، عشنا زمن العز، حتى بعز الحرب، ما كنا نسمع بشي اسمو دولار، ما يعنيلنا ولا نتطلع صوبو، طالما نحنا ولاد الليرة..اليوم يا ستي تجعلكت الليرة، اهترت، انقرضت، ولادنا بيسمعوا فيها بس ما شافوها، ما بقي يذكرنا فيها إلا عواميد قلعة بعلبك، ويمكن لو هالعواميد بتنباع، او بتتاكل، كمان كانت اختفت بزمن تسلط على رقابنا رعاع، وشذاذ آفاق، وسماسرة، وبلطجية، ولصوص الهيكل والاقزام، بعدما كنا في زمن الكبار والعمالقة”.
وسجل هذا المستوى القياسي من انهيار الليرة في وقت استأنفت المصارف إضرابا مفتوحا.
وكان سعر الصرف الرسمي حدد عند مستوى 15 ألف ليرة في مقابل الدولار في شباط/فبراير الماضي، مقارنة مع 1507 ليرات سابقاً.
ويبقى سعر الصرف الرسمي هذا أقل بستّ مرات من السعر الفعلي لليرة في السوق الموازية حيث يتم التداول بالعملة اللبنانية الثلاثاء بمئة ألف ليرة في مقابل الدولار، بحسب مكاتب صيرفة.
ويتزامن ذلك مع أزمة سيولة حادة وتوقّف المصارف عن تزويد المودعين بأموالهم بالدولار.
“سرقوا مال البلد”
واستأنفت المصارف، الثلاثاء، إضرابا مفتوحا كانت باشرته في شباط/فبراير احتجاجا على قرارات قضائية ألزم بعضها المصارف بقبول تسديد ديون بالعملة الأجنبية عائدة لها، بالليرة اللبنانية، فيما ألزمتها قرارات أخرى بتسديد ودائع لبعض المودعين بالعملة الأجنبية. ووصفت المصارف هذه القرارات بأنها “تعسفية”، مشيرة الى أنها “تكيل بمكيالين”، بحسب بيان صدر عن جمعية المصارف.
ولم يعد بإمكان المودعين الوصول إلى مدّخراتهم العالقة في المصارف اللبنانية التي فرضت قيودًا على عمليات السحب وتحويل الأموال.
بعد عدة شكاوى، أصدر قضاة قرارات بمنع التصرف بأملاك عدد من المصارف وأموال رؤساء وأعضاء مجالس إداراتها.
وأعادت المصارف فتح أبوابها بعدما تدخّل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في نهاية شباط/فبراير.
في منتصف شباط/فبراير، حطّم عشرات المودعين واجهات مصارف وأحرقوا إطارات في بيروت للمطالبة بالحصول على ودائعهم العالقة.
استدعاء حاكم المصرف المركزي
منذ صيف العام 2019، يشهد لبنان أزمة اقتصادية صنفها البنك الدولي بين الأسوأ منذ العام 1850، وتُعتبر الأسوأ في تاريخ لبنان.
في مطلع آذار/مارس، بدأت محال السوبرماركت تسعير السلع بالدولار بقرار من السلطات إزاء التراجع السريع في قيمة العملة المحلية. وكانت قد سبقتها إلى ذلك قبل أشهر، المطاعم والمتاجر في بلد يستورد 90 % من سلعه.
وارتفعت أسعار السلع الغذائية بشكل هائل منذ العام 2019. ويفيد البنك الدولي أن نسبة التضخم بلغت 332 % من كانون الثاني/يناير 2021 إلى تموز/يوليو 2022، وهي الأعلى في العالم.
ويزيد الشلل السياسي الوضع سوءاً، في ظل فراغ رئاسي منذ أشهر تدير خلاله البلاد حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية، بينها إصلاحات يشترطها المجتمع الدولي لتقديم الدعم من أجل وقف النزيف الحاصل.
ومنذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في نهاية تشرين الأول/أكتوبر، فشل البرلمان اللبناني 11 مرة في انتخاب رئيس جراء انقسامات سياسية عميقة، إذ لا يملك أي فريق أكثرية برلمانية تخوّله إيصال مرشح.
ويأتي تراجع قيمة الليرة اللبنانية إلى هذا المستوى القياسي يوم الثلاثاء غداة إبلاغ القضاء اللبناني حاكم المصرف المركزي رياض سلامة بوجوب الحضور إلى جلسة استماع الأربعاء مع محققين أوروبيين، يزورون بيروت للمرة الثانية في إطار تحقيقات حول ثروته.