البث المباشر

قراءة القرآن تنمّي القدرات اللغوية

الخميس 26 يناير 2023 - 21:57 بتوقيت طهران
قراءة القرآن تنمّي القدرات اللغوية

قال القارئ اللبناني هلال وفيق عواضة أن القرآنَ الكريم ينمّي ويطوّر القدرات اللغوية عند مَنْ يتدارسه ويداوم تلاوته، نطقاً وكتابةً، لأنه جمع بين دفّتيه مختلف الأساليب البيانية بشكل رائع ومتقن.

وأجرت مراسلة وكالة "إكنا" للأنباء القرآنية الدولية في لبنان الإعلامية "ريما فارس" حواراً مع القارئ اللبناني هلال وفيق عواضة بدايةً بدأ القارئ بالتعريف عن نفسه قائلاً: "أنا من بلدة حاروف قضاء "النبطية" جنوب لبنان عمري 42 سنة ولدت وترعرعت في بلدتي حاروف في بيت متواضع وفي كنف أسرة مؤمنة تحت جناح والدَيَّ العزيزين، وبين إخوتي وأخواتي".

وأضاف: "كانت دراستي الأولى والمتوسطة في مدارس البلدة، ثمّ انتقلت لمتابعة المرحلة الثانوية في ثانوية الشهيدين الرسمية في بلدة جبشيت، وبعدها أكملت الدراسة الجامعية في كلية الآداب في الجامعة اللبنانية - مدينة صيدا - حيث حصلت على إجازة في اللغة العربية".

وتابع هلال وفيق عواضة حديثه في بدايته مع القرآن الكريم مضيفاً: "منذ الصغر، حيث كنت أرى أخي الذي يكبرني بخمس سنوات كثير الاهتمام بمصحفين، واحدٌ كان جدي يقرأ فيه قبل وفاته، وآخرٌ قد أهداه خالي لوالدتي، وكان يداومُ التلاوةَ فيهما فأشعر أنا بالانجذاب والتعلّق بآيات القرآن، وخصوصاً أنّ والدتي كانت تحكي لي قصةَ نبيّ الله يوسف(ع) فكنت أتأثر بها وأبكي وكان عمري حينها لا يتجاوز العشرة أعوام، وتخبرني والدتي أنّني عندما كنت في سنّ السادسة كان جارنا يحملني بين ذراعيه ويتلو القرآنَ عليّ فكنت أبكي أيضًا عند سماعه".

وأضاف: "قد عزّز مجاورة منزل والديّ للمسجد والحسينية من انشدادي وتعلقي بالقرآن أكثر حيث كنت أسمع التلاوة منهما في مختلف المناسبات. في العام 1998 شاركت في أول دورة تجويد، وبقيت أتابع التلاوة والتحصيل في مجال القرآن حتى حصلت على إجازة قراءة وإقراء".

وفي معرض رده على سؤال حول إنعكاس القيم القرآنية على شخصية القارئ؟ أجاب: "من الطبيعي إذا كان القارئ يتلو القرآن بتدبّر وخشوع وتفكّر، يصبح نَفَسُهُ نَفَسًا قرآنيًّا وتصبحُ شخصيّتُه شخصيةً قرآنيّة ويصبح سلوكُه سلوكًا قرآنيًّا، فمثلًا عندما يتلو قولَ الله تعالى ( يومَ ينفعُ الصادقين صدقُهم) . تنغرس قيمةُ الصّدق في نفسه ويجد أن لا مجالَ إلا لقول الصدق لأنه هو الذي سينجّيه في الدنيا وسينفعه في الآخرة. وهذا يسري على سائر القيم القرآنية، ولا ننسى أنَّ القرآنَ يكون مربّيًا بحدِّ ذاتِه وهو يعودُ بالطمأنينة والاستقرار على النفس الإنسانية".

وعن شخصية القارئ هل يستطيع أن يكون رسول القرآن، أي المبلّغ؟ قال القارئ اللبناني هلال عواضة: "إنّ أهمَّ عنصر في التبليغ هو شخصيّة المبلّغ، ويليها المعارف والعلوم، وكما قلنا إنَّ قارئ القرآن إذا تدبّرَ في التلاوة، ينعكس ذلك على سلوكه وشخصيته، ويستطيع من خلال ذلك أن يكون مربّياً قرآنياً عبر أهم عنصر وهو ( التربية بالسلوك)، ومن خلال تطبيقه لأحكام القرآن وتحلّيه بالأخلاق القرآنية، يستطيع أن يكون رسولاً للقرآن لِمَا سيجسّده فعليّاً أمام الناس، كما كان رسولُ الله (ص) حيث كانت كل حركة من حركاته قرآنية وكل سَكَنَة من سَكَناتِه قرآنية".

وطلبنا من القارئ "هلال" أمثلة عن قصص واقعية حصلت (مشكلة وما شابه) معه وتمّ حلّها من خلال آية قرآنيّة؟ فأجابنا: "أذكر أنّ صديقين لي حصلَ بينهما خلافٌ نتيجة سوء تفاهم، وقد تعاديا فترة من الزمن، فكنت أشعر بالضيق لهذا الأمر، خصوصاً أنهما مؤمنان، والأخلاق الإسلامية لا تتوافق مع هذا التعادي والافتراق، ففكّرت مليًّا بكيفية تعيدهما إلى سابق صداقتهما، وقد ساعدني على ذلك قولُ اللهِ تعالى ( إنّما المؤمنون إخوةٌ فأصلحوا بينَ أخويكم) فقمت بدعوتهما إلى طعام الفطور دون أن يعلمَ أحدُ الطرفين أنّ الطرفَ الآخر مدعوٌّ أيضًا واستقبلتهما استقبالًا أخويًّا، وأثناء الحديث خلال اللقاء ذكرنا الآية الكريمة ( إنّما المؤمنون إخوةٌ...) إضافة إلى العفو والصفح ( فاعفوا واصفحوا) الذين كانا من خُلُق رسول الله (ص)، وجديرٌ بنا نحن أن نعمل بهذه الأخلاق ونطبقها، وقد عاد صديقايَ العزيزان كما كانا صديقين حبيبين فيما بينهما، فكانت هذه الآية خير مصدَاق للصلح وعودة الالتئام".

وفي السؤال عن كيفية ترسيخ الأنغام القرآنية لتحلّ مكان ألحان أهل الفسق وخاصة عند الشباب والصبايا اليافعين؟ ردّ القارئ "هلال عواضة"  أن الأنغام على قسمين منها ما هو للفرح ومنها ما هو للحزن، وكِلَا القسمين يطبّقان في التلاوة، فعلى مُدرّس النغم أن يلفت انتباه طلابه في استعمال المقامات والأنغام في التلاوة القرآنية، حيث يجب عليهم استعمال المقامات الحزينة في الآيات التي تدعو إلى الحَسْرَة والنّدم وفي آيات الوعيد، ويقتصرون المقامات والنغمات المفرحة على آيات التبشير والوعد بالجنّة والنعيم، بحيث يُستخدَم النغم في مكانه الصحيح ليُوصِل المعنى المراد من الآية، وأن يبتعدوا عن التغنّي بالآيات والتطريب، يعني أن تتناسب الأنغام المستخدمة مع طبيعة القرآن وقداسته".

فقد وردَ عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) أنّه قال: "إنّ القرآنَ نزلَ بالحزن، فاقرؤوه بالحزن". وعندما سأل القارئ هلال عن تطوير قدرات القارئ في اللغة العربية من خلال كتابة النص والصياغة والقراءة والفصاحة من خلال القرآن الكريم؟ كان رده - القرآن الكريم نزل باللغة العربية، وقد تشرفت هذه اللغة من بين اللغات بأنها لغة القرآن الكريم ولغة أهل الجنّة، ونجد الكثير من أبناء أمّتنا ممّن لا يقرؤون القرآن لديهم ضعفٌ كبير في اللغة العربية نطقًا وكتابةً وتعبيرًا، وعلى العكس تمامًا نجد أنّ مَنْ يداوم ويُزاوِل قراءة القرآن لغتُه متينة ومسبوكة وفصيحة، فممّا لا شكّ فيه أنّ القرآنَ الكريم ينمّي ويطوّر القدرات اللغوية عند مَنْ يتدارسه ويداوم تلاوته، نطقًا وكتابةً، لأنه جمع بين دفّتيه مختلف الأساليب البيانية بشكل رائع ومتقن، حيث إنّه يسهب في مواضع الإسهاب ويطنب في مواضع الإطناب، وأيضًا من خلال كلماته وعباراته المستخدمة، كل مفردة في مكانها وكل عبارة في موضعها، وهذا من شأنه أن يوجّه الإنسان والقارئ إلى طريق المعرفة والفهم والتعبير والكتابة بشكل صحيح ومُتْقَن.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة