الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

عنقاء قا في المجد والفخار

جعفر المنعوت بالطيار

فانه الطيار في جوف الازل

ولايزال طائراً ولم يزل

تقاصرت عن قدره المفاخر

كيف وللطيار صيت طائر

من عظماء الاسلام ورجال ساحات الجهاد جعفر بن ابي طالب(ع) وجعفر بن ابي طالب هو احد اولاد ابي طالب الاربعة ابوه طالب عبد مناف وامه فاطمة بنت اسد وهي اول هاشمية ولدت بهاشمي، طبعاً اول اولادها طالب وبعده عقيل وبعده جعفر وبعده وليد الكعبة امير المؤمنين، علي بن ابي طالب(ع) طبعاً هي اول امرأة بايعت النبي من النساء هذه ام جعفر بن ابي طالب يعني ام الامام امير المؤمنين اول امرأة بايعت النبي من النساء بعد ما نزلت الآية "اذ جاءك المؤمنات يبايعنك" والبيعة طريقتها كانت طشت ماء كانت تتم بهذه الصورة في نصفه ستار تضع المرأة يدها من جهة ويضع النبي يده من جهة اخرى لان عندنا مصافحة المرأة الاجنبية حرام كل الفقهاء والمذاهب الاسلامية لا يجوز للرجل ان يصافح امرأة اجنبية فبالطشت كانت تتم البيعة بين النبي وبين النساء المؤمنات. واما الرجال فكان يضع يده بيد النبي.
هذه الام الصالحة وهذا الاب الصالح وهو ابوطالب رجل الجهاد في هذا البيت ولد جعفر بن ابي طالب، وفتح عينيه على هذين الابوين وتعلم منهما الطهر والايمان فلا غرابة ان ينشأ مؤمناً صالحاً فاضلاً طاهراً.
وبالفعل كان سيدنا جعفر بن ابي طالب بطلاً كريماً شجاعاً وكل خصلة توجب له الفضيلة خيرت له خصوصاً قرابته مع رسول الله، سبقه للاسلام، كونه من الدعاة الى الله، من الموحدين كأباءه، وما انحرف بتيار الجهالة ابداً ولم يعبد صنماً، لم يتناول خمراً، لم يكذب، لم يزني، بعيد عن سفاسف الجاهلية وكان من السابقين للاسلام يعني جعفر بن ابي طالب من الزمرة الاولى التي استجابت لضميرها واستنارت بعقلها وهو جعفر بن ابي طالب ايضاً من الذين يشبهون رسول الله لان عندنا الذين يشبهون رسول الله قلائل طبعاً في طليعتهم الحسين(ع) في طليعتهم مولاتنا فاطمة وفي طليعة هؤلاء علي الاكبر ابن الحسين وممن شابه رسول الله جعفر بن ابي طالب بحيث النبي كان يقول يا جعفر اشبه خلقك خلقي وخلقك خلقي فانت مني ومن شجرتي، وهو اول من اسلم ومن اوائل من صلى مع رسول الله(ص) وطبعاً الصلاة بمكة كانت تتم في تكتم وفي تعتيم شديد وكان ابوطالب يهيأ المكان ويأمن الحراسة والاجراءات الامنية وشاهد ابوطالب رسول الله يصلي وخلفه علي فصاح لولده جعفر تقدم وصل جناح بن عمك، فصلىجعفر خلف النبي الى جانب اخيه علي وفرح بذلك ابوطالب(رض).
قلت جعفر يلقب بالطيار، ما هو سبب تسمية جعفر بهذا وهذه الشهرة؟ في الحقيقة ان جعفر بن ابي طالب قائد من قواد المسلمين وهو الذي قاد فيلق الهجرة المهاجرين من مكة الى الحبشة وله دوره هناك لما وقف امام النجاشي وشرح له حقيقة الامر وما يجري في مكة وسبب لجوء المسلمين الى الحبشة واقنع النجاشي بواقع الامر بعدما اعطاه المفردات والوحدات عن خصوصيات الرسول وعن احكام الاسلام ودوافع ثورة النبي تفاعل معه النجاشي واعطاه المكان ووفر لهم الامان ليعملوا من هناك لصالح حركة الاسلام وتقوية الاسلام، لماذا سمي جعفر بالطيار وهذا المعنى يرد في عدة مناسبات مثلاً الامام امير المؤمنين يكتب في احدى رسائله لمعاوية يكتب ويتفاخر امير المؤمنين:

محمد النبي اخي وصهري

وحمزة سيد الشهداء عمي

وجعفر الذي يسمي ويضحى

يطير مع الملائكة ابن امي

اذن يطير مع الملائكة طيار او الامام الحسين افتخر يوم عاشوراء يقول: 

انا ابن علي الطهر آل هاشم

كفاني بهذا مفخراً حين افخر

وفاطمة امي سلالة احمد

وعمي يدعى ذوالجناحين جعفر

هناك الطيار وهنا يعرف بذو الجناحين.
الامام زين العابدين في مجلس يزيد بن معاوية قال في خطبته من جملة ما قال: "وفضلنا بأن منا النبي المختار محمداً ومنا الطيار جعفراً" في الواقع ان جعفر بن ابي طالب اختاره رسول الله لقيادة جيش المسلمين في واقعة موتة وطبعاً قبر جعفر في الاردن له مزار مشهور وعكف بعض المؤمنين وبمساعدة الدولة هناك وبنوا بناءاً جديداً ومناسباً في شأن هذا البطل المجاهد وبخصوص هذه السنة جموع كبيرة من الزوار زاروا قبر جعفر بن ابي طالب في الاردن لانه اصبح علم ومعلم من معالم الاسلام ومركز تتجلى فيه آثار الاسلام وآثار الجهاد.
فسمي بالطيار لان رسول الله اختاره لقيادة الجيش الاسلامي في واقعة موتة طبعاً كان جيش المسلمين آنذاك ثلاثة آلاف ووضع النبي له اميراً جعفر بن ابي طالب ثم بعده زيد بن حارثة ثم عبدالله بن رواحة، جيش الروم مئة الف ذلك اليوم والتحق بهم مئة الف من الاعراب وغيرهم تقدم جعفر بقيادة ذلك الجيش وكما يقول حسان بن ثابت:

غداة مضوا بالمؤمنين يقودهم

الى الموت ميمون النقيبة ازهر

وفي الواقع خاض جعفر غمرات الموت بكل بسالة وابدى من الشجاعة والبطولة ما اظهر العقول واطاش الالباب وكان يردد. يعني ابدى اضخم مثال للتضحية فنزل عن الفرس، فرس شقراء عقرها ويقال في التاريخ انه اول من عقر فرسه في الاسلام، تجرد عن التفكير في كل شئ سوى لقاء الله والفوز بنعيمه فكان مستمراً في الحرب وبتلك البسالة يردد:

يا ضدا الجنة واقترابها

طيبة وبارد شرابها

والروم روم قد دنى عذابها

علي اذا لاقيتها ضرابها

وكان يقاتل قتال البطل الباسل، قطعت يمينه اثناء القتال فلما قطعت يمينه لم يجبل، لم يفل عزمه بل اخذ الراية بيساره وهو غير مكترث لقطع يمناه قاتل بنفس البطولة والبسالة حتى قطعت يده اليسرى فضم اللواء الى صدره الى ان ضرب بالسيف على رأسه.
وانا هنا اذكر اللقطة هذه والتي من خلالها نكتشف صفحة اخرى من جهاد هذا الرجل وايمانه جعفر بن ابي طالب قال بعض الرواة لما خر جعفر صريعاً الى الارض اتيته وهو مستلق آخر النهار وكانت جراحاته بالغة فأتيته بماء باعتبار الجريح اول مايسعف، يسعف بالماء يقول لما همست في اذنه تشرب فقال اني صائم، هنا الرجل الذي يجمع بين عبادات متعددة في آن واحد يقول له اني صائم ضعه عند رأسي فان بقيت حياً الى الغروب افطرت على هذا الماء فمات قبل الغروب شهيداً صائماً والنبي يقول فأبدل الله جعفراً بجناحين بدل يده يطير بهما مع الملائكة في الجنة فسمي بجعفر الطيار رحمة الله يوم استشهد ورحمه الله يوم يحشر. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******