البث المباشر

الأعلام الغربي والنزعة الفرويدية

السبت 2 فبراير 2019 - 09:43 بتوقيت طهران

الحلقة 208

في الاعلام الغربي والحياة في الغرب ارتفعت في السنوات الاخيرة صيحات تدعو الى اعلاء شأن الجنس والى الاباحة، وقد ساهمت في ذلك وسائل الثقافة والاعلام، كالصحافة والسينما والمسرح والتلفزيون ثم جاءت شبكات الانترنت ومن قبلها الويديو الذي يزيد الطين بلة وتضخم المسألة الجنسية تضخيماً مريباً لافتاً للنظر وبشكل مكثف ومنوع مدروس، فما هي جذور المسألة؟
هذه الازمة، ازمة الجنس غربية صرفة لا علاقة لها تاريخياً وواقعياً بحياة المسلمين والبلاد الاسلامية، انها ازمة اوروبية صرفة عاشتها اوروبا بتسييرات قدمت للمسيحية على انها تكبت النوازع الفطرية وتدعو الى الترهب وانكار العلاقة الجنسية الطبيعية بين الرجل والمرأة، من هذا الانحراف الشديد الذي استمر مهيمناً على الحياة الاجتماعية الغربية قروناً طويلة تولدت الدعوة ‌الى الانطلاق والتحرر والى اعلاء الجنس وتضخيم دوره كرد فعل للكبت مساوي له في القوة ومعاكس له في الاتجاه.
وجاء اليهودي النمساوي سيغمونت فرويد فأعلن نظريته في اطلاق الجنس من كل قيد وانذر بالمرض النفسي وعقد العصاب كل من يعترض على دعوته، وهكذا هدمت سريعاً القيم في الغرب وانتكست الروح الدينية والاخلاقية ودفع الناس دفعاً الى الفاحشة والتحلل والاباحية بشكل كان له آثاراً خطيرة على الغرب والحياة في الغرب، كان منه الاندفاع الجنوبي لارضاء الغريزة بأي شكل من الاشكال.
ان هذا المفهوم الغربي الذي ساد والذي جاهر به فرويد والمخططون له انما يريد ان يحول انسانية الانسان الكريمة الى بهيمية عميقة وان يحيل الطهر الفطري الى دنس شيطاني يدمر الانسان ويحطم الاسرة ويقضي في الحقيقة على المجتمع، هذا المفهوم الشاذ الغريب لا يصور علاقة الرجل بالمرأة الا بعلاقة جنسية فقط وبهذا تنهدم الروابط الروحية والنفسية والاجتماعية بين الرجل والمرأة والتي هي اساس قيم الاسرة. وبهذا ايضاً تتحقق الاحلام الصهيونية اليهودية في السيطرة على المجتمعات والتحكم بها. جاء في احد بروتوكولات صهيون ان فرويد منا وسيظل يعرض العلاقات الجنسية في ضوء الشمس حتى لا يبقى شيء مقدس في نظر الشباب وعندئذ تنهار اخلاقه فتسهل سيطرتنا.
انها فلسفة اللذة والاباحة التي سيطرت على الفكر الغربي والتي خدعت بها المرأة حينما ابيح لها مشاركة الرجل في صالات الرقص والنوادي الليلية، هذه الحرية المطلقة مما كان له ابعد الاثر في انهيار الاسرة وانحلالها وانتشار القلق الاجتماعي وظهور بدعة صديق الاسرة وتبادل الزوجات وغيرها من الادناس التي تدمر الكيان الانساني للمرأة وتجعلها تعيش حياة اشد خطراً وعنفاً من حياة العبيد والرقيق القديمة.
وقد استطاعت الصهيونية احتواء الرأي العام الغربي المسيحي وتجرده من قيمه الروحية والاخلاقية وتمكنت من السيطرة على الفكر العالمي من طريق التعليم والاعلام والصحافة وزرع بذور الشك والريبة، ومن هنا احتضنت كل الدعوات الخاصة بالاباحة والالحاد والوثنية وفي مقدمتها دعوة فرويد وماركس ودولكاين وهي التي تهدم اساساً مفهوم الدين الحق. وكان سيغمونت فرويد هو الذي اراد ان يحطم احترام الانسان لنفسه تحطيماً كاملاً، ومن يقرأ فرويد يدرك تماماً انه ينفذ مخططاً يهودياً جباراً حين اراد ان ينعت الجنس البشري كله بأنه جنس متحلل ينطوي على اسوء النوايا واخس الرغبات، حتى انه اقام مفهوم الجنس على قاعدة‌ ان الطفل يعشق امه ويريد ان يقتل اباه، وكان من نتيجة فكرته ودعوته العمل على تنظيم جماعات من الناس يرون انهم احراراً لا يخجلون من العري حين يجتمعون في نوادي العراة، وقد كانت الماسونية هي الاداة الاولى لنشر هذا الفكر الاباحي الوثني، فقد عمدت الى تكوين شباب الغرب في طفولتهم اسس دعوات الجنس والانحلال وتعليمهم مباديء تقديس الاعضاء الجنسية، ثم كانت الانطلاقة الكبرى في مجال الفن والادب فظهر دعاة ‌الجنس الصارخ والادب المكشوف اميل زولا ولورانس واوسكار وايلد ووبلير وفوليتر انطلاقاً من دعوة فرويد المضللة التي تقول ان الجنس هو الجذر الاصيل لجميع نشاطاتنا وقد ظهر ذلك في آثارهم ونتاجاتهم.
كذلك اتجهت الدعوة الى هدم الاسرة لاعلان كراهية الاب وتحقيره في مختلف المواقف وكراهية الاخ الاكبر واعلان الحرب على الوصايا والتوجيه والابوة والعلاقة التي تقوم بين الاجيال ووصفها بأنها صراع الاجيال لالقاء الاجيال ودعوة‌ الشباب الى التحرر من كل قيود التوجيه سواء من الاباء او من الاساتذة او من رجال الدين.
الاداب المسيحية ماذا كان موقفها من كل هذا التحلل والفساد؟ ان هذه الاداب قد عجزت في الواقع عن معارضة هذا الاتجاه الخطير وذلك حين دمر اليهود التعليم الديني وازعجوا رجال الدين المسيحي بأسلوب التخويف وعملت الاساليب اليهودية على افساد المجتمعات والاستهانة‌ بالعفة والحصانة ودعت الى شيوعية النساء والتسامح بين الرجال والنساء وانتقلت الى مستوى اشد خطراً بأن قامت العلاقات دون قيد شرعي او ضبط اجتماعي وغلب على المجتمعات الغربية صراع كانت الفلسفة تبريراً له وآثارة للتدافع حوله في معارضة كل الضوابط والحدود التي جاء بها الدين مع السخرية اللاذعة في كل المقومات والاسس هذه الصور كلها هي رد فعل التحدي السابق الذي عاشه المجتمع الغربي بالكبت والحرمان وهو ليس مما يتصل من قريب او بعيد بالمجتمع الاسلامي الذي لم يعرف هذه التحديات.
ان الاسلام بواقعيته الاصيلة المبصرة لا يصور المرأة جنساً صرفاً بل هي الى ذلك اخت وام وعقل وارادة والاسلام لا يرى الجنس رجساً بل يقره وينظمه بالزواج ويرقيه في رسالة‌ التربية وبناء‌ المجتمع، والجنس في الرؤية الاسلامية يظل متوازناً مع جوانب النفس الانسانية الاخرى في النفس السليمة ثم انه وسيلة لا غاية، وسيلة في الذرات المادية للتماسك ووسيلة في النبات والحيوان في حفظ النوع، اما في الانسان فهو وسيلة لحفظ النوع وترقيته فالجنس جزء من ناموس الكون الاكبر ومن اخرجه عن وجهه الصحيح بالفرط او الاسراف خرج على هذا الناموس.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة