لقد كانت فاطمة عليها السلام على دين قويم صادق وانقطاع متواصل إلى الله وفي غاية الورع والتقوى والزهد والعفّة والطهارة.
"كريمة أهل البيت" عليهم السلام
وهذا لقب اشتهرت به سلام الله عليها وهناك قصّة منقولة عن السيّد محمود المرعشيّ والد السيّد شهاب الدّين المرعشيّ قدّس سرّهما ورد فيها هذا اللقب وحاصلها: أنّه كان يريد معرفة قبر الصدّيقة الزهراء عليها السلام, وقد توسّل إلى الله تعالى من أجل ذلك كثيراً، حتّى أنّه دأب على ذلك أربعين ليلة من ليالي الأربعاء من كلّ أسبوع في مسجد السهلة بالكوفة، وفي الليلة الأخيرة حظي بشرف لقاء الإمام المعصوم عليه السلام، فقال له الإمام عليه السلام:
"عليك بكريمة أهل البيت"، فظنّ السيّد محمود المرعشيّ أنّ المراد بكريمة أهل البيت عليها السلام هي الصدّيقة الزهراء عليها السلام فقال للإمام عليه السلام: جعلت فداك إنّما توسّلت لهذا الغرض، لأعلم بموضع قبرها، وأتشرّف بزيارتها، فقال عليه السلام: "مرادي من كريمة أهل البيت قبر السيّدة فاطمة المعصومة عليها السلام في قمّ.. "
وبعد ذلك عزم السيّد محمود المرعشيّ على السفر من النجف الأشرف إلى قمّ لزيارة كريمة أهل البيت عليها السلام.(1)
ينقل أيضا السيد أبوالفضل رضوي زاده ـوهو أحد خدام السيدة المعصومة عليها السلامـ عن أحد أصدقائه الخدمة فيقول:
في أوائل وصول آية الله العظمى السيد المرعشي النجفي (ره) من النجف الأشرف إلى قم كان قلقاً جداً حيث كان يتقدم الخاطبون لابنته بكثرة ولكنه لعسر حاله لم يكن يستطيع تجهيزها، وفي أحد الأيام يأتي إلى الحرم ويخاطب السيدة المعصومة عليها السلام قائلاً: يا سيدتي! لماذا لا تتلطفين وتنظرين إلى حالي؟ وبعد ذلك يرى في عالم الرؤيا أحد خدام السيدة المعصومة عليها السلام يقول له: إن السيدة المعصومة عليها السلام تطلبك.
فيقول المرحوم السيد المرعشي عن حلمه هذا: وفي عالم الرؤيا تشرفت بزيارة السيدة المعصومة عليها السلام (في الفور) وعندما أردت الدخول إلى الحرم الشريف من إيوان الذهب (الإيوان القديم) رأيت سيدتين تقومان بالكنس وكانت إحداهما السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام حيث كنت قد رأيتها في منام سابق والأخرى كانت السيدة المعصومة عليها السلام.
وقالت لي: يا شهاب! إنك تحت (رقابتنا) وعنايتنا فلا تقلق حيث ما كنت سواء في النجف الأشرف أو في قم.
ويقول السيد المرعشي النجفي رحمه الله: بعد ذلك تحسنت ظروفي المعيشية يوما بعد يوم. (2)
وفي الخاتمة نقول كما قال الشاعر في فضائلها وصفاتها:
يا بِنْتَ مُوسَى وَابْنَـةَ الأَطْهــارِ أُخْتَ الرِّضـا وَحَبِيبَةَ الجَبَّــار
يـــا دُرَّةً مِنْ بَحْرِ عِلْمٍ قَدْ بَدَتْ لِلَّهِ دَرُّكِ وَالعُــلُوِّ السَّــــارِي
أَنْتِ الوَدِيعَةُ لِلإمامِ عَلَى الوَرَى فَخْرِ الكَرِيمِ وَصَاحِبِ الأَسْرارِ
لا زِلْتِ يا بِنْتَ الهُدى مَعْصُومَةً مِنْ كُلِّ ما يَرْتَضيــهِ البـــارِي
مَنْ زَارَ قَبْرَكِ في الجِنــانِ جَزاؤُهُ هَذا هُوَ المَنْصُوصُ في الأَخْبارِ(3)
******
(1)معلم، محمّد علي: فاطمة المعصومة ص 187.
(2)حياة وكرامات فاطمة المعصومة عليها السلام للبقاعي: ص 117.
(3)الحائريّ، الشيخ محمّد حسين: تراجم أعلام النساء ج 2 ص 355,