ومقارنة بتلك الأزمنة القديمة، حيث كانت فيها الأرض يافعة، فإنها تبدو اليوم جميلة للغاية، لكن عالمنا عبارة عن كوكب ديناميكي متغير، حيث ما يزال هناك الكثير مما يمكن اكتشافه، يتعلق بتاريخ الأرض أو العمليات المستمرة في الحدوث على اليابسة أو في المحيطات، وفيما يلي بعض الأمثلة القليلة للأحداث التي وقعت خلال العام 2018، والتي تقدم نتائج جديدة حول الكرة الأرضية "الغريبة" التي نعيش عليها.
1- القارة المنفصلة:
في 19 مارس 2018، انفتح صدع كبير في الأخدود الإفريقي العظيم في كينيا، عقب هطول أمطار غزيرة وحدوث نشاط زلزالي في المنطقة.
وبلغ طول هذا الصدع عدة أمتار وعرضه يزيد عن 50 مترا، وهو يمثل تحولات تجري حاليا في مكان عميق تحت سطح الأرض، في الصفائح التكتونية تحت القارة الإفريقية.
وتقع إفريقيا على صفيحتين، حيث أن القارة تعتمد أساسا على الصفيحة النوبية، فيما يقع جزء من شرق القارة على الصفيحة الصومالية.
وتعمل التحولات التكتونية التي تحدث بسبب الوشاح النشط، على فصل الصفائح عن بعضها البعض، الأمر الذي قد يؤدي إلى انشقاقات في السطح.
ومع ذلك، فإن الأمر سيستغرق عشرات الملايين من السنوات لتنقسم القارة إلى قسمين.
2- غرق قاع البحر:
مع ارتفاع درجة حرارة الأرض، فإن ذوبان الأنهار والجبال الجليدية سيرفع من مستويات البحار حول العالم، وفي الوقت نفسه، فإن وزن هذه المياه الإضافية يدفع قاع البحر إلى الأسفل.
وأجرى الباحثون مؤخرا تحقيقا في كيفية تأثير تدفق الثلوج المنبعثة من اليابسة على شكل قاع المحيط في الفترة ما بين عام 1993 ونهاية عام 2014.
واكتشفوا أن أحواض المحيطات العالمية تغير شكلها بمعدل 0.1 ملم سنويا، مع تغير إجمالي قدره 2 ملم على مدى عقدين.
ويقول الباحثون إن هذه النتائج تشير إلى أن بيانات الدراسات السابقة ربما تقلل من تقدير ارتفاع مستوى سطح البحر بنحو 8%.
3- المعدن الغامض:
ظهر مؤخرا معدن، لم يسبق له مثيل في الطبيعة من قبل، يتمثل في ألماسة صغيرة استُخرجت من منجم كولينان بجنوب إفريقيا.
وعلى الرغم من أن طولها لم يتجاوز 3 ميلليمترات، إلا أن الألماسة تحمل ثروة من المعلومات للجيولوجيين حول هذا المعدن النادر، المعروف باسم "سيليكات الكالسيوم بيروفسكايت" (CaSiO3).
وفي حين يبدو المعدن المكتشف نادرا للغاية على سطح الأرض، إلا أن هناك اعتقادا بأنه شائع جدا تحت سطح الأرض، وربما يكون رابع أكثر المعادن شيوعا في باطن الأرض.
ولكنه غير مستقر، ولذلك، يصعب تحديد موقعه فوق سطح الأرض، ومن المحتمل أن تكون الألماسة المكتشفة حديثا قد نشأت على عمق حوالي 700 كلم، ومكن هيكلها القوي من الحفاظ على المعدن النادر.
4- قطعة من القارة:
كشفت مقارنات صخرية بين قارتين بعيدتين، أن قطعة من أميركا الشمالية ملتصقة حاليا بأستراليا.
ولا تتشابه الصخور الرسوبية الموجودة بمنطقة جورج تاون في شمال كوينزلاند مع الصخور الأخرى الموجودة في أستراليا، ولكنها كانت متشابهة بشكل مثير للدهشة، مع الصخور الموجودة في كندا حاليا.
واقترح العلماء أنه منذ 1.7 مليار سنة، انفصل جزء من ما يعرف الآن بأمريكا الشمالية، وانجرف إلى الجنوب حيث تصادم مع شمال أستراليا بعد حوالي 100 مليون عام، ومن المحتمل أن هذا التصادم هو ما أدى إلى نشأة سلاسل الجبال في المنطقة، مثلما تشكلت جبال الهيمالايا منذ حوالي 55 مليون عام، بعد تصادم الصفائح الآسيوية والهندية.
5- مطر الفيروسات:
تركب مليارات الفيروسات التيارات الهوائية حول الكوكب، والتي تسير أحيانا لآلاف الكيلومترات، ثم تهطل مع الأمطار على سطح الأرض.
وتحمل الرياح الفيروسات على ارتفاع يتراوح بين 2500 و3000 متر فوق مستوى سطح البحر، وتتحرك الفيروسات على بخار رذاذ البحر وجزيئات صغيرة من التربة.
واكتشف العلماء أنه في يوم واحد فقط، يمكن أن يمطر 1 متر مربع من الأرض بمئات الملايين من الفيروسات وعشرات الملايين من البكتيريا.
6- آكل المحيط:
الحركة بين الصفائح التكتونية للأرض هي "اختطاف" المياه من المحيطات ودفعها إلى باطن كوكب الأرض.
وينصت الباحثون إلى تمتمات زلزالية في خندق ماريانا، حيث تنزلق صفيحة المحيط الهادئ تحت صفيحة الفلبين، وتسمى منطقة الاندساس.
وأشارت سرعة الأصوات الآتية من تحت سطح الأرض، إلى كمية المياه التي تُحمل أثناء احتكاك الصخور ببعضها.
وكشفت قياسات درجة حرارة الماء والضغط، إلى جانب سرعة الأصوات الزلزالية، أن مناطق الاندساس من المحتمل أن تسحب 3 مليارات تيراغرام (التيراغرام يساوي مليار كيلوغرام)، من الماء كل مليون سنة، وهذه الكمية تساوي حوالي 3 أضعاف الكمية التي تم قياسها سابقا.
7- من الأسفل إلى الأعلى:
لطالما كان يعتقد أن الأعاصير تتشكل من الأعلى إلى الأسفل، وتتشكل من دوامات التيارات الهوائية خلال العواصف القوية.
لكن الأبحاث الجديدة تقلب هذه الأفكار رأسا على عقب حرفيا، ما يشير إلى أن الأعاصير تكتسب تطورها من الأسفل إلى الأعلى.
وبحث العلماء في 4 أعاصير تشكلت من العواصف الشديدة بين عامي 2011 و2013، واكتشفوا أن جميعها كوّنت أشكال قمع على الأرض قبل أن تمتد إلى الأعلى لتصل إلى السحاب.
8- البحر الصخري:
توجد مواد غامضة في الطبقة العميقة من الأرض، قد تكون بقايا محيط من الصهارة القديمة التي يعود تاريخها إلى 4.5 مليار عام، والتي تشكلت بعد الانفجار الكوني الذي أوجد القمر.
وتسمى أحواض الصهارة القريبة من قلب الكوكب، بالمناطق ذات السرعة المنخفضة للغاية، لأن الموجات الزلزالية التي تسير في باطن الأرض تبطئ من سرعتها كثيرا عندما تعبر هذه المناطق.
واقترحت التجارب المعملية أن هذه السوائل قد تكون مكونة من معدن غني بأكسيد الحديد يسمى "magnesiowüstite"، وجاءت من محيط الحمم الذي نشأ بعد اصطدم جسم فضائي كبير بالأرض منذ مليارات السنين.
وعندما فقد المحيط حرارته المتولدة من التصادم، تبلور هذا المعدن وأنتج جيوبا من أكسيد الحديد، غرقت حتى وصلت إلى قاع الوشاح، لتشكل السوائل التي ظلت إلى اليوم.
9- أصوات النبات:
يمكن سماع أصوات النباتات وهي "تتنفس"، إذا استمعت بعناية إلى الطحالب الحمراء تحت الماء، ومع قيام الطحالب بتنفيذ عملية التمثيل الضوئي، فإنها تنتج فقاعات صغيرة تتجمع على أسطحها.
واكتشف الباحثون مؤخرا أنه عندما تنفصل الفقاعات إلى سطح الماء، فإنها تصنع صوتا مثل "الطنين". ورصد العلماء هذه الأصوات، لأول مرة، في المياه حول الشعاب المرجانية بالقرب من هاواي.
وفيما كان الباحثون ينسبون هذه الأصوات في البداية إلى عضات الجمبري، أدركوا بسرعة وجود علاقة بين الصوت ووجود الطحالب.
ويمكن أن تختنق الشعاب المرجانية إذا كانت مغطاة بالكثير من الطحالب، وبإمكان أصوات الطحالب (الطنين)، أن تقدم تحذيرا مبكرا لنمو الطحالب الجامح الذي يمكن أن يعرض الشعاب الضعيفة للخطر.
10- المحيط الحيوي العميق:
على مدى العقد الماضي، اكتشف العلماء العديد من المجتمعات الميكروبية التي تعيش تحت سطح الأرض، في بيئة تُعرف باسم المحيط الحيوي العميق.
وكشف الباحثون مؤخرا، أن هذه المنطقة قد تكون موطنا لملايين الأنواع غير المعروفة، وربما بدأت هذه الكائنات الحية هناك بالتطور منذ أن كانت الأرض يافعة.
وتقدر كمية الكربون الحيوي بالمحيط الحيوي العميق، وهي كمية الكربون التي تعود لجسيمات حية، بنحو 300 إلى 400 ضعف كمية الكربون الحيوي لكل البشر على هذا الكوكب.
ومع ظهور هذه السلالات المثيرة للفضول، والتي نجت وازدهرت تحت سطح الأرض، تتوفر بواسطتها معلومات قد تساعد في البحث عن حياة مجهرية في عوالم أخرى.
المصدر: لايف ساينس