البث المباشر

شرح فقرة: "يا من هو بالمنظر الأعلى والأفق المبين..."

السبت 9 إبريل 2022 - 15:34 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- شرح دعاء علقمة: الحلقة 3

 

لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الموسوم بـ"دعاء علقمة" او صفوان وهو دعاء يقرأ بعد زيارة عاشوراء وقد حدثناك عن مقطعه الاول حيث تضمن فقرات من نحو (يا من هو اقرب الي من حبل الوريد، ويا من يحول بين المرء وقلبه)، وقد حدثناك عن هاتين الفقرتين ونحدثك الان عما بعدها وهي ويا من هو بالمنظر الاعلى وبالافق المبين، ان هذه الفقرة من الدعاء تحتاج الى القاء أضاءة كبيرة لانها تعتمد الصورة المنتسبة الى الرمز أي ان عبارة المنظر الاعلى وعبارة الافق المبين ليست الا رموزاً تشير الى دلالات خاصة ولعلنا نعرف جميعاًَ بان الله تعالى موجود ازلي لا يحد ولا يجسم بقدر ما يحس بآثاره المنسحبة على الوجود واذا كنت متذكراً لقاءنا السابق حيث حدثناك فيه عن فاعلية الله تعالى ومقربته من العبد في مناجاته وشدائده واستجابته تعالى لحاجات المتجهين اليه بهذا الدعاء وبسواه حينئذ نجد ان هذا الدعاء قد جسد عبارات امتدادية لما سبقها كل ما في الامر ان الجديد فيها هو انه انتقل من صور تشبيهية حيث اوضح بان الله تعالى اقرب الى عبده من حبل الوريد، تعبيراً عن رعايته تعالى للعبد اتجه بعد ذلك الى تجسيد دلالة اضافية الى رعايته وهي استماعه لما يطرحه عباده من الدعوات وتطلعهم الى انجازها، وهذا ما عبر عنه الدعاء بفقرة (يا من هو بالمنظر الاعلى وبالافق المبين)، وهي الفقرة التي نبدأ بالقاء الاضاءة عليها فنقول ان من يمتلك تذوقاً فنياً سوف يستلهم سريعاً دلالات عميقة تكمن وراء الرمزين المذكورين، وهما المنظر الاعلى والافق المبين، ان المنظر الاعلى يرمز بوضوح الى عظمة الله تعالى ورفعته انه الاعلى بطبيعة الحال تبعاً لعبارة سبحان ربي الاعلى او سبح اسم ربك الاعلى، وسواهما مما تشير بوضوح الى علو الله تعالى، وهو ليس علواً مادياً لانه منزه عن المادية ولكنه علو معنوي وقد يسأل قائل لماذا تستخدم سمة العلو؟ هنا من خلال العلو المادي او المشهد المادي تبعاً لعبارة "يا من هو بالمنظر الاعلى"؟ الجواب هو ان المنظر او المشهد هو رمز كما اشرنا الى علوه المعنوي ومن ثم فان استخدام الرموز المادية انما هي توضيح لما هو خفي علينا الم تشر النصوص المتنوعة الى ان التفكر بذات الله تعالى لا يمكن ان يحيط البشر به لانه تعالى يجل عن الادراك؟

وهذا فيما يتصل بعبارة او برمز بالمنظر الاعلى، ولكن ماذا بالنسبة الى عبارة وبالافق المبين؟ طبيعياً ان النظر الى الاعلى هو نظر عمودي بينما النظر الى الافق هو نظر عرضي او افقي، والنكتة هنا هي ان النص يستهدف الاشارة الى علو الله تعالى ووضوح عظمته العلو يتمثل في النظر الى الاعلى واما وضوح عظمته تعالى فيتمثل في وضوح الافق أي ان الافق رمز لوضوح الرؤية المعنوية او المعرفية لعظمة الله تعالى.

وبهذه المعرفة ووضوحها يظل الدعاء بهما ربما سبق من العبارات المبدوءة بياء النداء يا الله يا مجيب المضطرين، يا من هو بالمنظر الاعلى نقول يظل التوسل بمعرفتنا او ببداهة تصورنا لله تعالى وانه عند حسن ظن عبده، بهذا كله يخلص قارئ الدعاء الى نتيجة هي انه تعالى يرعى عباده ويحقق حاجاتهم وانه قريباً منهم دون ادنى ريب.

بعدما تقدم نتجه الى فقرة جديدة من الدعاء او لنقل اننا نستكمل بعبارة جديدة هي يا من هو الرحمن الرحيم، على العرش استوى، نستكمل بها المقطع الاول من الدعاء حيث نواجه رمزاً جديداً هو انه تعالى رحمان ورحيم، وانه على العرش استوى ترى ما هي النكات الكامنة وراء العبارة المتقدمة؟ الجواب هو ان كل ما تقدم من التوسلات بالله تعالى من سمات المجيب والكاشف للكرب، والغياث للمستغيث والصريخ للمستصرخ، اولئك جميعاً تفي الى ما هو حق الا وهو انه تعالى رحمن ورحيم، رحمان بجميع خلقه، ورحيم عباده المؤمنين، ثم ماذا بعد ذلك؟

بعد ذلك نواجه عبارة او فقرة هي على العرش استوى ومن الواضح ان هذه العبارة هي رمز للقدرة والهيمنة على الكون وتعني هذه الهيمنة والقدرة في سياق الدعاء والتوسل بالله تعالى بان يرعانا تأتي هذه الهيمنة جواباً لنا بانه تعالى قادر على انجاز حاجاتنا انه رحمان ورحيم، وهو قادر من خلال رحمانيته ورحيميته بان يرحمنا ما دمنا قد استرحمناه.

اذن تبين لنا جانباً من هذا الدعاء وهو المقطع الاول منه ونواجه المقطع الثاني وهذا ما نحدثك عنه في لقاء لاحق انشاء الله تعالى. اما الان فحسبنا ان نتوسل جديداً بالله تعالى بان يشملنا برعايته وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة