البث المباشر

في جماليات عبارة العاشورائية للخالق وحرصهم على انقاذ الخلق

السبت 28 سبتمبر 2019 - 09:47 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- ما رايت الا جميلا: الحلقة 6

بسم الله والحمد لله أنيس الذاكرين وحبيب قلوب الصادقين وغاية آمال العارفين.
وأزكى صلواته المتناميات وتحياته المترادفات وبركاته المتتابعات على مظاهر جلاله وجماله نبيه الذي بلغ العلى بكماله وآله المقتفين فعاله.
السلام عليكم أيها الأطائب، وطابت أوقاتكم بكل خير ورحمة وبركة؛ معكم في سادسة حلقات هذا البرنامج تستجلي فيها أجمل صفات عباد الله الصالحين الذي جمعوا بين أسمى صور عبادته وأجمل صور حرصهم على إنقاذ عباده من كل جهالة وضلالة؛ صور تجلت في الملحمة العاشورائية التي قالت عنها بنت أميرالمؤمنين الصدقية الحوراء زينب – عليها السلام -: ما رأيت إلا جميلا.
أيها الأخوات والإخوة، هلموا معنا لنتأمل في المشهد التالي من مشاهد عشية التاسع وقد اقتربت عساكر البغي الأموي من المخيم الحسيني وهي عازمة على تنفيذ أمر الطاغية يزيد في الإجهاز على أهله وهم صفوة عباد الله الذاكرين جاء في تأريخ الطبري وغيره قول الرواة:
قال العباس بن علي لأخيه الحسين – عليهما السلام -: يا أخي أتاك القوم، فنهض الحسين ثم قال: يا عباس إركب بنفسي أنت يا أخي حتى تلقاهم فتقول لهم: ما لكم وما بدا لكم؟ وتسألهم عما جاء بهم؟ فأتاهم العباس – عليه السلام – فاستقبلهم في نحو من عشرين فارساً فيهم زهير بن القين وحبيب بن مظاهر؛ فقال لهم العباس: ما بدا لكم وما تريدون، قالوا: جاء أمر الأمير – يعنون الطاغية ابن زياد – بأن نعرض عليكم أن تنزلوا على حكمه أو ننازلكم، قال: فلا تعجلوا حتى أرجع الى أبي عبدالله – عليه السلام – فأعرض عليه ما ذكرتم.. قال الراوي: فوقفوا ثم قالوا: إلقه فأعلمه ذلك، ثم إلقنا بما يقول، فانصرف العباس راجعاً يركض الى الحسين – عليه السلام – يخبره بالخبر.
ووقف أصحابه يخاطبون القوم، فقال حبيب بن مظاهر لزهير بن القين: كلم القوم إن شئت كلمتهم؟ فقال له زهير: أنت بدأت بهذا فكن أنت تكلمهم؟ فقال له حبيب بن مظاهر: أما والله لبئس القوم عند الله غدا قوم يقدمون عليه قد قتلوا ذرية نبيه – صلى الله عليه وآله – وعترته وأهل بيته – عليهم السلام – وعباد أهل المصر المجتهدين بالأسحار، والذاكرين الله كثيرا.. فقال له عزرة بن قيس: إنك لتزكي نفسك ما استعطت!؟ فقال له زهير: يا عزرة إن الله يا عزرة فإني لك من الناصحين، أنشدك الله يا عزرة أن تكون ممن يعين الضلال على قتل النفوس الزكية قال يا زهير: ما كنت عندنا من شيعة أهل هذا البيت.. قال: أفلست تستدل بموقفي هذا أني منهم؟ أما والله ما كتبت إليه كتاباً قط، ولا أرسيلت إليه رسولاً قط، ولا وعدته نصرتي قط، ولكن الطريق جمع بيني وبينه، فلما رأيته ذكرت به رسول الله – صلى الله عليه وآله – ومكانه منه وعرفت ما يقدم عليه من عدوه وحزبكم فرأيت أن أنصره، وأن أكون في حزبه وأن أجعل نفسي دون نفسه حفظاً لما ضيعتم من حق الله وحق رسوله صلى الله عليه وآله.
وهنا نلاحظ جمال إشراق روح النصيحة في الحسينيين وهم يسعون لإنقاذ حتى أعدائهم من النار تأسياً بإمامهم الحق الحسين – عليه السلام – الذي ما فتأ يدعو عساكر الأمويين الى الإحجام عن قتله حرصاً عليهم من دخول النار، فهو وصحبه عباد الله الذين أخلصوا له العبادة وأحبوها وأقبلوا عليها بكل وجودهم في ليلة عاشوراء فأعطت أطيب الثمار، قال الرواة في جانب آخر من الرواية المتقدمة:
وكان العباس بن علي – عليه السلام – حين أتى حسيناً – صلوات الله عليه – بما عرض عليه عمر بن سعد، يعني النزول على حكم الطاغية الأموي أو القتال، قال: إرجع إليهم فإن استطعت أن تؤخرهم الى غدوة، وتدفعهم عند العشية لعلنا نصلي لربنا الليلة وندعوه ونستغفره، فهو يعلم أني قد كنت أحب الصلاة له وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء والإستغفار، قال الشاعر:

فأقام ليلته يناجي ربه

طوراً ويسجد في الظلام ويركع


إضطر ابن سعد الى الموافقة على طلب الحسين – عليه السلام – بعد تلكؤ طويل فكانت عبادة ليلة.. عبادة ملأت أنوارها الخافقين منطلقة من المعسكر الحسيني حيث أقبل جميع أفرادها رجالاً ونساءً على التهجد لكي تبقى أنوار تلكم العبادة الخالصة متجددة في ليلة عاشوراء من كل عام يستنشق المؤمنون أريجها التوحيدي العطر.
روي عن الإمام علي بن الحسين – عليه السلام - أنه قال: إن أباه قام الليل كله يصلي، ويستغفر الله ويدعو ويتضرع، وقام أصحابه كذلك يدعون ويصلون ويستغفرون؛ وقال الرواة لمشاهد ليلة عاشوراء: ما نام في هذه الليلة الحسين – عليه السلام – ولا أحد من أصحابه وأعوانه الى الصبح، وكذلك النسوة والصبيان وأهل البيت كلهم يدعون ويتلون القرآن ويصلون ويأنسون بذكر أنيس الذاكرين.
قال السيد الأمين – عليه الرحمة -: 

باتوا وبات إمامهم ما بينهم

ولهم دوي حوله ونحيب

من راكع أو ساجد أو قارئ

أو من يناجي ربه وينيب


وأخيراً نلتقي بمشهد جميل آخر يعرفنا بطيب ثمار تلكم العبادة الخالصة، فقد نفذت أنوارها الى قلب المعسكر الأموي لتنقذ من شاء الله أن يهديه وينقذه وتنقله من ظلمات الظلم والجهالة والضلالة الى نور الله المتشعشع من مضارب المخيم الحسيني.. قال السيد بن طاووس في كتاب (اللهوف في قتلى الطفوف):
(وبات الحسين – عليه السلام – وأصحابه تلك الليلة ولهم دوي كدوي النحل ما بين راكع وساجد وقائم وقاعد فعبر عليهم في تلك الليلة من عسكر عمر بن سعد إثنان وثلاثون رجلاً وكذا كانت سجية الحسين – عليه السلام – في كثرة صلاته وكمال صفاته).
وختاماً تقبلوا منا إخوة الإيمان جزيل الشكر على جميل الإستماع والمتابعة لحلقة اليوم من برنامجكم ما رأيت إلا جميلا.
ولكم دوماً خالص الدعوات وأجملها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، دمتم في رعاية الله ونوره تستنيرون بمصابيح هداه محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين في أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة