البث المباشر

فتى الأحلام

الثلاثاء 19 نوفمبر 2019 - 07:46 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- من الواقع: الحلقة 78

خبراء البرنامج: سماحة الشيخ جعفر فضل الله أستاذ في الحوزة العلمية من لبنان والأستاذة زهرة الساعدي الأستاذة الجامعية من العراق
أعزائي المستمعين في حلقة اليوم سنقص عليكم قصة الفتاة التي لم يحالفها الحظ بالزواج بفنى احلامها فأضطرت في آخر المشوار الى الزواج برجل فقير الحال متزوج سابقاً مؤهلاته ومواصفاته لم تكن متطابقة مع ماكانت تحلم به. احبتي خلف هذا الأمر مشاكل نفسية لمريم إنعكست فيما بعد على أسرتها،زوجها وإبنها ما اضطر زوجها بعد سنين من علاقتهما الزوجية ورغم تمتعه بصفات رجولية عديدة الى طلاقها. حول تداعيات هذا الأمر وإنعكاساته على مستقبل الأسرة التي تهدمت أركانها وما آلت اليه الأوضاع لمستقبل الإبن المسكين سوف نلتقي وإياكم بعد سماعنا قصة اليوم ضيفين من ضيوف البرنامج هما سماحة الشيخ جعفر فضل الله الأستاذ في الحوزة العلمية في بيروت والأستاذة زهرة الساعدي الأستاذة الجامعية من العراق فكونوا معنا.
حيث كانت مريم طالبة في الكلية كانت الأنظار مشدودة اليها لجمالها وأنوثتها ولباقتها في الحديث وكانت مقابل ذلك ذات كبرياء وأنفة لذلك إنقطعت بعض الأحيان صلتها ببعض صديقاتها لكن الطامة الكبرى التي واجهتها بعد سنين وبسبب رفضها الزواج بكل من كان يتقدم لها هو تقدمها في العمر كثيراً وشعورها بعد ذلك بأن القطار قد فات عليها كما يقال. حتى في الكلية لم تكن ترضى مريم بأن تقيم العلاقات الاجتماعية من أي من الزميلات إلا مع بنات الأغنياء وبنات الذوات، كانت مريم وصديقاتها أمثالها الطلبة يستهزأن بالزملاء من طلاب الكلية ذلك قصير وذلك سمين وذاك ليس بأنيق وذلك فقير الحال فتقول احداهن للأخرى أنظري ياسعاد الى رياض، أنظري كم أن ملابسه قد أصبحت بالية فمنذ مدة طويلة لم أره يغيرها او يشتري موديلات حديثة بدلاً عنها ويضحكن ضحكات طويلة طالما جلبت انتباه الآخرين. في يوم من الأيام جاءت زميلة مريم بلقيس وقالت لها: يامريم إن حظك اليوم قد جاء من السماء. إلتفتت مريم الى زميلاتها يميناً وشمالاً بتعجب ثم وجهت نظرها الى بلقيس وقالت لها: هههه أي حظ هذا ياترى؟ هل فزت بسيارة حديثة أم ربحت جائزة مالية كبيرة؟ قالت لها بلقيس: أنت دائماً تفكرين بالمال والثروة ولاتفكرين بأشياء اخرى تنفعك وتسعدك. ردت عليها مريم وقالت لها وضحكاتها الشيقة لاتفارقها: هههههه ههههههه اذن هيا قولي قولي أرجوك أني اتوسل اليك. قالت الأخريات: هيا يابلقيس قولي بسرعة ماهو هذا الخبر؟
قالت بلقيس: قبل لحظات كان امير يكلمني بشأنك، إنه يتمنى الزواج بك يامريم بأقرب فرصة فماذا تقولين؟
أطلقت مريم ضحكتها في السماء ووسط زميلاتها ردت بإستهزاء: هههه هههه أمير أتقولين أمير ذو الأنف الكبير؟ أمير ذو الجاكيت القصير؟ وعلى أثرها أطلقت الزميلات الأخريات ضحكاتهن الطويلة فأزعج هذا التصرف بلقيس كثيراً وقالت: أمير شاب طموح وشاب مثقف لايعوزه شيء إلا يسر الحال !!!
مرت سنوات الدراسة بلمح البصر وتخرجت مريم من الكلية حالها كحال بقية الزميلات وحصلت على العمل في احدى دوائر الدولة وبدأت مرة اخرى محاولات بعض الزملاء في العمل التقرب من مريم لطلب يدها لكنها كانت تقابل تلك المحاولات بالرفض ايضاً. سألتها في يوم صديقتها نوال: لماذا لاتتزوجين فانت لايعوزك شيء الكل يتمنى الزواج بك؟
ردت عليها مريم قائلة: أوتظني إني أوافق بسرعة بمجرد أن يتقدم إلي أي شاب؟ تعجبت نوال من قولها وقالت لها: وماذا يعوز أحمد وماذا ينقص فريداً وهل تعلمني أن محمداً شاب كامل وينحدر من عائلة معروفة جداً؟ كل هؤلاء ولايعجبك أياً منهم؟
قالت مريم بكل اصرار وثقة: نعم أياً من هؤلاء لايعجبني أن أتزوج به !!!
ويوماً بعد يوم بدأت مريم تفقد صديقة تلوالأخرى بسبب زواجهن وعدم تمكنهن بعد ذلك من الخروج معها إلا في أوقات معينة جداً ويوماً بعد يوم بدأت مريم تشعر بأن قطار الزواج ربما فاتها او ربما سيفوتها لذلك فقد بدأت تتنازل عن بعض كبرياءها وبعض انفتها وراحت تنتظر أن يطرق بابها رجل من الرجال للزواج وفعلاً بعد عودتها ذات مساء الى البيت قالت لها امها يابنيتي: زارتنا اليوم جارتنا أم عباس وطلبت يدك لإبنها عباس!
قالت لها مريم بتعجب وإنزعاج: عباس ذلك الذي طلق زوجته في العام الماضي؟
قالت لها امها: وماذا في الأمر؟ فهل هو الوحيد الذي طلق زوجته؟ أليس هو برجل ويمكن أن يلبي طلباتك ويوفر لك ما لم يتمكن منه العديد من الرجال الآخرين؟ فكري بالأمر يابنيتي ولاتتعجلي حتى لاتضيع عليك فرصة الزواج !!
لما خلت مريم لوحدها راحت تفكر وتفكر ثم بعد برهة خرجت من غرفتها وقالت لأمها: أمي أنا موافقة على الزواج بجارنا عباس!!!
وفعلاً أعزائي المستمعين تزوجت مريم وبعد أكثر من سنتين رزقهما الله سبحانه وتعالى طفلاً جميلاً. فرحت به مريم كثيراً مثلما فرح به الأب لكنها كانت تشعر بالحرج عندما تزورها احدى صديقاتها لمباركتها بالمولود البكر، حرجها كان يكمن في البيت الذي تعيش فيه والرجل الذي تزوجت به لأنها لما تزوجت لم تقم إحتفالاً او ما شابه حتى لاتقع في الحرج وهذا الحرج وهذا التخوف الذي راق مريم خاصة عند زيارة الآخرين لها أشعر بالمقابل زوجها بعدم الراحة والإطمئنان لها فسألها ذات يوم: لاأراك سعيدة معي ولاأراك تفتخرين بي رغم أنني وفرت لك ما إستطعت، أعمل لأجلك ولأجل طفلنا ليل نهار فلماذا هذا التباعد الذي أحسه بيننا؟
أعزائي لم تحاول مريم أن تصلح من الموقف ولم تحاول أن تمحو شكوك زوجها فهي أساساً لم تهتم به يوماً ولم تسع الى ضرورة التقارب معه لأجل تكوين أسرة سعيدة ومحظوظة وهذا ما كان يغضب الزوج في اغلب الأحيان لذلك فقد تطورالأمر في يوم حين رفضت الزوجو طلب زوجها الإستعداد لإستقبال الضيوف بحجة أنها تريد الخروج!
صرخ بها زوجها وقال: بماذا تسمين خروجك من البيت بإستمرار لمجرد سماعك أن ضيوفاً سوف يزورونني؟ لقد سئمت تصرفاتك غير اللائقة ياامرأة، من تظنين نفسك؟
وهنا إنتفضت مريم وراحت تهاجم زوجها بالمقابل بسيل من الكلمات والعبارات التي أثارت أعصاب زوجها كثيراً ما دفعه لأن يهددها بأن لاتبوح بأية كلمة اخرى وإلا سوف يطلقها. وفعلاً أعزائي حدث ما كان يكرهه الرجل وما كانت مريم تخافه ايضاً رغم تكبرها فقد طلق الرجل مريم بعد أن تمادت كثيراً بحقه وبحق عائلته خاصة بعد أن وصفته بالرجل الفقير الحال والفقير الثقافة والفقير في كل شيء!!!
أعزائي بعد أن تابعنا قصة اليوم نتوجه الى سماحة الشيخ جعفر فضل الله أستاذ في الحوزة العلمية من لبنان لسؤاله عما أوصى به الشرع الاسلامي بخصوص إختيار الزوجة زوجها او عريسها وكيف عليها طاعته وإحترامه وماهو حكم المرأة التي تستهزأ بزوجها ولاتقيم له إعتباراً؟ فلنستمع معاً
فضل الله: بسم الله الرحمن الرحيم في الواقع الله سبحانه وتعالى قد خلق الانسان ونوعه الى ذكر وأنثى وجعل لكل منهما شخصيته التي تتكون من عناصر متعددة منها عناصر فكرية ومنها عناصر روحية ومنها عناصر اخلاقية ومنها مهارت وملكات يمكن من خلالها أن يعيش الانسان حياته او يمارس عمله او يتحرك في ميدان إختصاصه وما الى ذلك. وكما أراد من الانسان الذكر أن يتعلم وأن يتطور في الحياة وأراد ايضاً من الأنثى أن تتعلم وأن تتطور في الحياة وتطور ملكاتها وإدراكاتها ومهاراتها وما الى ذلك والله قد كلف كليهما بتكاليف ولن يميز بينهما في أصل التكليف كما لم يميز بينهما في قوة العقل والإدراك والتطور والإختصاص. من هنا نقول إنه على كلا الزوجين او الذكر والأنثى عندما يريد أحدهم أن يقترن بالآخر أن لايعتبر أن على الانسان الآخر أن يندمج فيه، أن يندك فيه، أن يلغي شخصيته لمصلحته بل فلسفة الحياة الزوجية في المفهوم الاسلامي قائمة على أساس أن يقيم كل من الرجل والمرأة، الذكر والأنثى أن يقيما علاقة يمكن من خلالها أن يختبرا التنوع في الوحدة، تنوع كل شخصية وكل مزاج وكل طريقة في النظرة الى الأمور وتنوع الأفكار الموجودة في بينهما في الحياة الزوجية التي هي تؤسس عائلة ويأتي ثمر من هذه العائلة وهي الأولاد. من هنا نقول هذا الأمر وهذه النظرة تفترض أن يكن كل منهما الى الآخر نظرة احترام ونظرة تقدير ونظرة شعور بالغنى من حيث أن كل انسان يغتني بالآخر من خلال العناصر التي يتميز بها ذلك الآخر، الزوج يغتني بالعناصر التي تتميز بها الزوجة عنه والزوجة تغتني بالعناصر التي يتميز بها الزوج عنها وهما يتحركان في هذا وفي ذاك من خلال خط التقوى الذي يقف فيه الانسان عند حدود ما امر الله وعند حدود ما نهى عنه وبيّنه في كتابه وأكده رسوله صلى الله عليه وآله وسلم في سنته لذلك نقول الإحترام المتبادل، التقدير المتبادل هو القاعدة التي يمكن على أساسها أن تنشأ السكينة التي تحدث عنها الله في كتابه.
بعد أن إستمعنا الى رأي الشيخ جعفر فضل الله أستاذ الحوزة العلمية من لبنان نتوجه الى الأستاذة زهرة الساعدي أستاذة جامعية من العراق لسؤالها عن الأسباب النفسية والحقيقية التي تكمن في أنفة وكبرياء هكذا فتيات ورفضهن الزواج بأي شاب إلا بشاب الأحلام او فتى الأحلام مثلما هو شائع وماهي التبعات التي سيخلفها إنفصال الزوجين غير المنسجمين على الأولاد وعلى مستقبلهم؟
الساعدي: أسباب كثيرة ترسم صورة فتى الأحلام هذه الأيام عند فتياتنا ولكل زمان فتى أحلام خاص به او فارس أحلام اذا صح أنه فارس وإن لم يكن زمن الفروسية والخيول ولكن المقصود أن كل فتاة لها حلم برجل مستقبلها والذي سيشتركها الحياة وعادة عوامل كثيرة تدخل في ملامح ذلك الفارس او ذلك الفتى للأحلام. في هذا الوقت اكثر ما يؤثر في فتياتنا هو ما يرونه على شاشات التلفاز والأنترنت والسينما حيث ترسم هذه الأجهزة الإعلامية صورة نمطية لفارس الأحلام غالباً ما تكون ليست حقيقية وليست مايحتاجه مشروع الزواج المقدس الذي يحتاج الى صفات كمالية وصفات معنوية وصفات اخلاقية حتى يكون فتى ورجل يستطيع أن ينهض بما تحتاجه المرأة. عادة هذا الفتى الوسيم، هذا العاشق، هذا الكلام المعسول، الشعر السرح، النظارة الخلابة والأجواء الرومانسية وهذا فتى الأحلام الذي ترسمه المسلسلات والأفلام السينمائية والمواصفات الخيالية غير الموجودة إلا في أذهان كتابها الذين يدفع لهم لكي يظهروا هذه الصورة ويؤثروا على فتياتنا. تغيرت مفاهيم فارس الأحلام، من قبل كان فارس الأحلام الفارس القوي، الرجل الشجاع والشهم الذي يتصف بالبطولة والتضحية كما كانت ترسم لنا من قبل ولكن الآن لا قد تغيرت وقد رسم الإعلام صورة اخرى للشباب المتخنس الميال للراحة والترف والرومانسيات التي لافائدة منها، الآن أكثر ما يؤثر الإعلام في صورة فتى الأحلام. بالنسبة لسؤالكم عن عدم وجود إنسجام وتوافق بين الزوجين اذا كان هناك إنسجام تام بين مخلوقين هذا ضرب من الخيال فلايوجد إنسجام كامل بين شخصين فكل انسان خلقه الله سبحانه وتعالى بميزات فريدة وهي لاتتغير أبداً لكن المطلوب من الزوجين حصول أكبر قدر ممكن من التكيف والتلائم بين طباعهم المختلفة وكل منهما له منظومة خاصة وقد أتى من أسرة تحمل خلفيات ثقافية وانسانية وعادات وطباع بالتأكيد مختلفة لكن المطلوب من الزوجين اذا كانا حكيمين ويريدان أن تتواصل الحياة ويريدان أن يكسبا الأجر والحياة السعيدة في الدنيا والآخرة "ركعتان يصليهما متزوج خير من سبعين ركعة يصليها عزب" من شرفه الله ومتعه أن يجد له شريكاً في الحياة عليه أن يقنع نفسه بعدم وجود إنسجام تام ويحاول أن يتكيف بقدر الإمكان ويتصبر وإن فشل هذا الأمر ولم يجد بداً من وجود إنسجام لسبب او لآخر فحقيقة وجود شخصين تحت سقف واحد لايتوائمان ولايتكيفان معناه أن الحياة تصبح جحيماً وهذا يلقي بظلاله على الأولاد الذين سيكون عند هذين الزوجين المتشاحنين المتخاصمين صورة سلبية على الحياة وعلى المستقبل فيكرهون أنفسهم ويكرهون العائلة وقد يخرجون من هذه التجربة بعقد نفسية كبيرة حتى تجعلهم عندما يكبرون يمتنعون الإقبال على مشروع الزواج. وحقيقة الموضوع ليس هيناً ويحتاج الى تأمل كبير.
في ختام حلقة اليوم نشكر لكم مستمعينا الأعزاء حسن الإستماع الى برنامج من الواقع الذي قدمناه لكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران كما نشكر لضيفينا الكريمين حسن المشاركة، الى اللقاء والسلام عليكم.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة