البث المباشر

الكسل

السبت 16 نوفمبر 2019 - 13:39 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- من الواقع: الحلقة 34

خبراء البرنامج عبر الهاتف: السيد حسن الكشميري الباحث الاسلامي من مدينة قم المقدسة والدكتورة غادة زيدان المستشارة التربوية من لبنان
مستمعينا الكرام أهلاً وسهلاً بكم في برنامج من الواقع الذي نقدمه لكم كالمعتاد من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، موضوع حلقة اليوم أعزائي المستمعين هو الكسل الذي يُعد آفة من آفات المجتمع وهو يحول دون أن يعتمد الإنسان على نفسه او يتطور او يُبدع فقد ذمه الإسلام حين قال سبحانه وتعالى في محكم تنزيله "وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى" صدق الله العلي العظيم وسيعتمد البرنامج عرض قصة مرتبطة بالموضوع الذي نختاره ثم نطرح الإشكاليات المطروحة على ضيفين من الأخصائيين لمعرفة رأيهم في الموضوع وطرق حل إشكالياته، اما الآن فلنستمع الى القصة.
السلام عليكم أحبتي المستمعين الكرام
كان هناك ثلاثة اخوة يعيشون في بيت واحد أكبرهم رائد وأوسطهم فاضل وأصغرهم مؤيد وكانت العلاقة فيما بينهم وطيدة جداً، لم لا وهم اخوة تعاهدوا على المحبة دائماً وأبداً فهذه كانت وصية الأم قبل وفاتها حين طلبت منهم أن لايتفرقوا وأن لايتخاصموا. كان يجمع هؤلاء الأخوة ايضاً دكان كبير تركه لهم أبوهم بعد وفاته لكن الأخ الصغير مؤيد لم يكن يُبالي او يحرص على التواجد او العمل فيه مثل اخويه رائد وفاضل بل كان بين الحين والاخر وعندما يحتاج النقود يذهب الى الدكان فيشاهد أخاه الكبير رائداً منهمكاً في تلبية طلبات المشترين وعندما يسأله عن فاضل اخيه الأوسط يقول له إنه مع العمال يحمل معهم البضاعة الى المخزن او يقول له إنه ذهب الى السوق لتصفية حسابات الزبائن وهكذا ولم يُبادر مؤيد يوماً الى مشاركة اخويه بالعمل في الدكان لأنه كان كسولاً جداً ولو طلب منه رائد او فاضل أن يقوم بعمل ما فهو يقوم به بتثاقل ويحاول أن يتحجج او يخرج من الدكان بسرعة بل كان رغم ذلك وبكل بساطة يأخذ بعض النقود من حصته المخصصة له بصفته وريثاً معهم وفي هذه الحالة لم يكن يُجادله أخواه في يوم او حتى يطلب أحد منهم أن يعمل أسوة بهما عطفاً عليه من ناحية وخجلاً من إحراجه كونه أخاهم الأصغر من ناحية اخرى. مرت الأيام والسنون ومؤيد يعيش بنفس الأسلوب الذي إعتاده مع اخويه لايعمل ولايُبالي كسولاً مهملاً، همه الوحيد أن يأخذ من النقود لينفقها على نفسه وعلى أصدقاءه حتى اُجبر في يوم الأخوان رائد وفاضل على بيع الدكان والإستقلال بالعمل في دكان مستقل لكل واحد منهما ذلك أنهما قررا الزواج بعد طول إنتظار فإتفقا أن يبوحا بفرحتهما هذه الى أخيهما مؤيد وعند عودتهما الى البيت كان طبيعياً أن يجدا مؤيداً إنما نائماً او جالساً يشاهد التلفاز او منشغلاً مع بعض أصدقاءه الذي تعودوا زيارته الى البيت وقضاء أوقات طويلة في الحديث واللهو.
وفعلاً لما وصلا البيت وجدا مؤيداً منشغلاً مع مجموعة من أصدقاءه يأكلون ويمرحون وبعضاً منهم يستمع الى بعض الأغاني والآخر يشاهد التلفاز، لم يُظهر فاضل او رائد إنزعاجهما او غضبهما من هذا الوضع لأن لايشعر أخوهم بالخجل او الحرج، إنتظرا حتى غادر الأصدقاء وبعدها قال رائد لأخيه مؤيد: ياأخي يامؤيد أنت تعلم كم احبك وتعلم كم يحبك فاضل ايضاً، أولاً يجب ان تعرف بأنني وأخيك قررنا الزواج وهذا يتطلب منا أن نستقل لوحدنا في حياتنا الجديدة. أليس كذلك؟ أجاب مؤيد والدهشة والفرحة بادئ الأمر كانت واضحة عليه: نعم نعم وهل غير الفرحة في قلبي توجد لكما؟
شكره رائد ثم قال له: ولذلك فقد قررنا أيضاً أن نبيع الدكان وكل واحد منا يأخذ حصته. وهنا قال فاضل: نعم قررنا أن نبيع الدكان وأنت ستكون لك حصتك ومنذ اللحظة تستطيع أن تعمل لوحدك مثلما تشاء. زالت الفرحة من قلب مؤيد بسرعة وبان عليه التوتر والإرتباك فهو يعلم جيداً أنه لايفهم بأمور التجارة ولايعرف ماذا يفعل بنصيبه من النقود، حاول أن يُقنع اخويه بأن يبقى مع أحدهما شريكاً لكن محاولاته باءت بالفشل لأن الأخوين قررا أن يتركا اخويهما لوحده كي يمارس نشاطه في التجارة والعمل في السوق على عكس ما كان عليه في السابق وهذا بطبيعة الحال قرار في صالحه وليس بضرره.
كرر مؤيد محاولاته لكن أخويه رفضا الإستماع الى كلامه وهنا بدأت المشكلة.
ماذا يفعل مؤيد الآن؟
وكيف سيواجه حياته لوحده؟
أية بضاعة سيشتري وبأي سعر سيبيع؟
من هم زبائنه؟ والسبب بكل تأكيد هو أن مؤيداً لم يكن جاداً في العمل مع اخويه دائماً، كان كسولاً وقد إستغل حسن تعامل اخويه معه ولم يسعى الى بذل جهد بسيط في العمل بل ظل متكأ على عطف وحنان اخويه رائد وفاضل فإضطر مؤيد للذهاب الى السوق والعمل لوحده بعد أن إتفق مع أحد أصدقاهء على شراء محل تجاري وكان يظن انه سينجح بادئ الأمر مادام يمتلك نقوداً كثيرة خاصة وأن صديقه قد اوهمه أنه قادر على مساعدته لكن بعد مضي فترة على شراكتهما بدأت النتائج السلبية تظهر وكشف مؤيد حجم الخسائر التي مُني بها محله فحاول أن يُجرّب حظه في مشروع آخر ولكن ايضاً لم ينجح ولهذا وبسبب خيبة الأمل الكبيرة التي أصابته ساور الشيطان عقله بأن ينتحر تخلصاً من سوء حاله وفشله وعدم تمكنه من العمل مثل اخويه.
المحاور: أعزاءنا المستمعين بعد أن إستمعتم الى قصة مؤيد وكيف أنه حاول الإنتحار بسبب فشله إلا أن رحمة الله وعنايته تبقى دائماً حاضرة فتمكن البعض حينها من إنقاذه.
المحاور: أيها الأفاضل نتوجه الى سماحة السيد حسن الكشميري الباحث الإسلامي من مدينة قم المقدسة ليحدثنا عما جاء في القرآن الكريم عن الكسل والكسالى وعواقب هؤلاء الذين لايعملون ولايحاولون العمل وكيف سيؤثرون هؤلاء سلباً على الآخرين سواء من الأهل او من الأصدقاء.
الكشميري: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين
من الامور الواضحة في تربية الاسلام وفي ثقافة الاسلام هو تأكيد الاسلام على العزة والكرامة للانسان، هناك صنفان من الناس صنف الله يحبهم ومن الاصناف الذين الله سبحانه وتعالى يكرههم هم البطالون او هم الكسالى او هم الذين يعيشون عبئاً على الغير بينما في المقابل الله سبحانه وتعالى من الاصناف التي يحبها صنف الكسبة، هذا الكاسب، هذا العامل الذي يعمل من اجل ان يكون غنياً من ان يمد يده لهذا وذاك "لنقل الصخر من قلل الجبال أحب اليّ من منن الرجال" الله سبحانه وتعالى خلق الارض وملأها بالخيرات وقال تعالى في محكم كتابه "بسم الله الرحمن الرحيم الذي جعل لكم الارض ذلولاً فأمشوا في مناكبها وكلوا من رزقه". الامام الرضا عليه الصلاة والسلام يبين لنا بوضوح ان من الطبقات الذين يكرههم الله عزوجل الذين يعيشون عبئاً متكئين على الغير، اتكاليين، انهزاميين، كسالى. يقول عليه السلام "ان الله يكره العبد فاغراً فاه ويقول ياربي ارزقني". امامنا الصادق عليه السلام دخل عليه ابو عمرو الشيباني فوجده يعمل في بستان والعرق يتصبب منه فقال ياابا عبد الله هل انت بحاجة الى هذا يعني هل انت معوز مادياً؟ الامام اجابه انه يعمل لتحقيق واقع غير المادة، واقع يرتبط بالمجتمع وببناء المجتمع الكريم، قال عليه السلام: ياابا عمرو أن الله يحب أن يرى العبد فيما يحب وان الله سبحانه وتعالى يحب ان يرى عبده يزرع. لأن الزراعة حقل مهم لتأمين الاكتفاء الذاتي ولذلك مسئلة التأكيد على العمل والكسب والنهي عن الكسل والانهزامية والاتكال على الغير هذا امر يتعلق بكرامة شعب بكامله، بكرامة امة بكاملها لذلك جعل الله تعالى الكسب والعمل من اقدس الاعمال حتى ان الامام الصادق عليه السلام سأل رجلين عن صديق لهما قد افتقده وعادة الامة يسئلون عن اصحابهم فقالوا ياابا عبد الله انه لاينتهي من صلاة الا الى صلاة ومن صيام الا الى صيام يعني يقوم بالعبادة، بالنوافل. سألهم الامام من يكد لعياله؟ فقالا نحن ياابا عبد الله! فقال الامام انتم والله اشد عبادة منه. هذه يعني صورة مقتضبة عن رأي الاسلام بالنسبة الى تقديس العمل وتكريم العمل وتكريم العامل وبنفس الوقت رفض ان يعيش الانسان متكلاً على غيره ويكون كسولاً وبهذا يشكل ثغرة للمجتمع الذي هو جزء منه.
المحاور: أيها الفاضل بعد أن إستمعنا الى ماقاله سماحة السيد حسن الكشميري نتوجه الآن الى الدكتورة غادة زيدان المستشارة التربوية من لبنان حيث سألناها عن أسباب الكسل وهل الأخوان رائد وفاضل هما السبب منذ البداية في تشجيع اخيهم مؤيد على عدم العمل أم السبب يعود الى مؤيد نفسه وما الحل لذلك؟
زيدان: بسم الله الرحمن الرحيم اولاً الكسل اكيد له اسباب غير الاسباب التي تولد مع الانسان، ابتداءاً هناك نوع التربية والتربية التي يتحمل مسؤوليتها بالدرجة الاولى الاهل ومن ثم المدرسة ومن ثم المجتمع الذي حولنا فبداية الاهل مثل ثواب وعقاب فهناك شيء اسمه تشجيع وشيء اسمه توبيخ يعني بالتشجيع اذا الانسان عمل عملاً يدل على نشاط وحيوية يعني نحن واجبنا كأهل نشجع وننمي هذه القدرة عند الولد فبداية الاهل هم الذين يتحملون جزءاً من المسؤولية التي هي التربية منذ الصغر والعكس صحيح يعني عندما يعمل الولد اي تصرف يدل على الكسل اويساعد على الكسل فنحن بالعكس نتوقف عندها ونعلم الولد ان هذا كسل وهذا يمكن ان يكون سبب لشغلات كثيرة. نخرج اكثر للمجتمع ونأتي على الحياة الدراسية والمدرسة يمكن ان يعطى اول مرة وظيفة دراسية فلايكتبها الولد لأول مرة ولايعاقب عليها وتكون في نظره انه ليس له مشرف، نعود الى بعد المدرسة في الحياة الاجتماعية بين الاصدقاء والرفقة فهنا كذلك هناك ناس يشجعونه على عمل ما او هناك ناس تحطم فيه هذا العمل فهذا كل معناه انه يرجع الى التربية بعدة فترات وبفترات معينة، هذا بالنسبة الى اسباب الكسل، اسباب التربية عند الصغر وعند الاهل وعند المدرسة وفي المجتمع. الحقيقة السبب يكون من جهتين يعني ليس هو المقصر فقط بل انه مربى ان يقصر وان لايعاقب عليه وان لايلفت نظره فهنا الانسان المؤخر الذي يمكن ان نساعده بالعكس الترجيع اكثر وتحميله المسؤولية فأذا الطرف الثالث لم يعمل بواجباته نتيجة كسل معناه ان هذا يجب ان يتحمل المسؤولية ويأخذ نتيجة العواقب او الكسل الذي عمله وليست فقط نتيجة العمل بالعكس يمكن انا اهيء له الظروف اكثر فيكسل اكثر. في هذه الحالة هناك في الحقيقة عدة حلول اهمها اولاً اذا وصل الى هذه المرحلة ولم يستطيع ان يغيرها نحن نعمل تدريجياً وليس سريعاً ان نقول انت كسول وانت السبب لأنه هو ليس السبب والحالة اتت بشكل تصاعدي كذلك يمكن ان تخفف بطريقة تصاعدية ويمكن تدريجياً، اول مرة يأخذ عقاب لهذا العمل فيمكن يخسر مادياً مثل الطفل الذي يمكن أن تحرميه من شيء يحبه فنعالج الامور بطريقة تدريجية.
المحاور: نشكركم مستمعينا الكرام في ختام برنامجكم من الواقع الذي قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران على أمل ان نلتقيكم في حلقات أخرى قادمة بإذن الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة