البث المباشر

النفاق

السبت 16 نوفمبر 2019 - 11:38 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- من الواقع: الحلقة 25

نرحب بكم مستمعينا الكرام، ونلتقيكم من جديد مع حلقات برنامجنا(من الواقع) الذي يأتيكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران. وموضوع حلقة اليوم أعزائي أحبتي المستمعين، سيكون عن أحد الظواهر السلبية التي مقتها الإسلام ونهى عنها، ألا وهي ظاهرة النفاق. والنفاق كما تعرفون أعزاءنا المستمعين، يؤدي الى زعزعة الروابط الإجتماعية والعلاقات ما بين الناس.
وقصتنا اليوم ستكون عن سمير، الموظف في إحدى الدوائر الرسمية، الذي اعتاد منذ أن عمل في هذه الدائرة على النفاق بين زملائه الموظفين، ولذلك فقد تسبب في إحداث المشاكل وإثارة الشكوك والضغائن بينهم في أغلب الأوقات.
وكما عودناكم سنستضيف بعد سماع القصة أحد علماء الدين وأحد الخبراء الإجتماعيين أو التربويين أو النفسانيين.
في يوم، حصل أن تغير مدير الدائرة التي كان يعمل فيها سمير، وحلّ محله مدير جديد، وبعد أيام من وصول المدير، بدأ سمير يمارس نفاقه الذي اعتاده، ليخلق المشاكل بين زملائه من جانب والمدير من جانب آخر. فكان يدخل كل صباحا غرفة المدير ليشكو تصرفات بعض الموظفين، وكيف أن فلان وفلان يتأخران صباحاً.
انتبه عدد من الموظفين إلى كثرة تردد سمير على غرفة المدير، فسأله أحدهم عن سبب ذلك، فأجاب بأن المدير كان يوكل إليه بعض الأعمال الإضافية. لكنه رفض بحجة عدم تفرغه وأنه غير مسؤول عن تلك الأعمال. ولما قال أحد زملائه بأن هذا ليس شيئاً صعباً. قال سمير: لا يا أخي، فأنا أعمل ما يخصني فقط، ولست مسؤولاً عن بقية الأعمال. فمن يظن نفسه هذا المدير. إنه لايستطيع فرض أي عمل إضافي عليّ. ابتسم صاحبه وقال له: أنت تعجبني يا سمير، أنت تمتلك شخصية جذابة وقوية. أجابه سمير مرة أخرى: نعم يا صديقي، يجب أن يعلم المدير بأننا بشر مثله، وهو لايمتلك أي سلطة إضافية علينا. قال له صاحبه: نعم، نعم، المدير السابق كان شديد ومتعصب جداً معنا. وأنا شخصياً ما كنت أرتاح له، ولذلك لو طلب مني المدير الجديد أي شيء أيضاً فليكن في علمه أنه لايستطيع ذلك، وأنني لاأعمل أي شيء بعيد عن عملي المخصص لي فقط وإن كان يصر على ذلك.
وفي صباح اليوم التالي، كان سمير كالعادة في غرفة المدير، لينقل بطريقته الخاصة المتملقة، ما قاله زميله ولكن بتحريف بعض العبارات، فثار غضب المدير وأمر باستدعاء ذلك الموظف لسؤاله عن الأسباب التي دفعته الى قول تلك العبارات. وفعلاً لما دخل الموظف غرفة المدير، كان لحد تلك اللحظة لايعلم سبب استدعاء المدير له.
وكان ينتظر لأن ينهي المدير عمله ليتعرف على السبب الذي استدعي إليه. وفعلاً لما أكمل المدير عمله، نظر الى الموظف وقال له بلهجة شديدة: الموظفون هنا كلهم في خدمة الدائرة الرسمية التي نعمل فيها، وأنا وأنت وكل الموظفين الآخرين يشملهم هذا الكلام. تعجب الموظف من كلام المدير، وحاول أن يعرف سبب تشدد المدير بهذه اللهجة، فقال له: عفواً أستاذ، ما ذكرته شيء طبيعي، ونحن نعرفه وقد عملنا على تحقيقه دائماً. رفع المدير نظارته ووضعها على الطاولة، وقال له: أنت يوم أمس كنت تتحدث بطريقة غير لائقة وغير مؤدبة عني، وأنا بصفتي المدير هنا يجب أن أنبهك الى سوء أقوالك التي هي ضد مصلحة الدائرة التي نعمل فيها.
تلعثم الموظف وحاول أن يدافع عن نفسه، لكن المدير لم يسمح له، بل قاطعه بعنف قائلاً له: أنت تحرض الموظفين على عدم الامتثال على أوامري التي هي بالأساس ليست مطالب أو أوامر شخصية، بل هي لصالح الدائرة كما قلت لك. مفهوم؟ ومرة ثانية أراد الموظف أن يوضح للمدير الالتباس الذي حصل، وأنه كان بالأمس يتكلم مع سمير دون عمد أو قصد، بل أن سمير هو من كان البادئ بالتهجم على المدير. لكن المدير لم يصغي جيداً إليه ووجه له انذار رسمي بعدم تكرار ذلك.
أعزاءنا المستمعين، ومثلما تبين لنا بأن ما قام به سمير كانت نتائجه محرجة وسيئة على زميله أمام المدير وأمام الموظفين لايعلمون عن الحقيقة شيء، سوى أنهم علموا بعد ذلك بتوجيه المدير انذار رسمي الى الموظف المسكين.
وبهذا الخصوص توجهنا الى سماحة السيد (حسن الكشميري) الباحث الاسلامي والخطيب المنبري من قم المقدسة ليحدثنا عن حقيقة مساوئ النفاق وموقف الاسلام منه. خاصة وأن هناك من الآيات القرآنية الشريفة التي خص بها الله سبحانه وتعالى مسألة النفاق. فلنستمع معاً الى الإجابة.
الكشميري: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين
تحية للاخوة المستمعين والاخوات المستمعات موضوع النفاق هو من اخطر الامراض التي حذر القرآن الكريم نبينا نبي الرحمة محمد من هذا المرض ومن هذه الحالة، طبعاً القرآن الكريم يصنف الناس الى ثلاثة اصناف، صنف وصفهم بالاحياء وصنف وصفهم بالاموات وصنف وصفهم بالمرضى فأما الاحياء فهم المؤمنون واما الاموات فهم المشركون ولكن المرضى بين هؤلاء وهو الاشد خطراً وضرراً على المجتمع الاسلامي هم المنافقون لذلك القرآن يصفهم "في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً" كما افرد القرآن الكريم سورة خاصة عن المؤمنين افرد سورة خاصة عن المنافقين وللعلم يستحب لأمام الجمعة ان يقرأ سورة المنافقين في الركعة الثانية من صلاة الجمعة وهذا جزء من المستحبات وكل هذا التأكيد على رسول الله وعلى الامة وعلى القادة وعلى الرعية والراعي تأكيد على خطورة هذه الحالة وماتسبب من تهديم للفضائل وللكرامة في المجتمع الاسلامي يعني القرآن الكريم يخاطب النبي صلى الله عليه واله يقول "هم العدو فأحذرهم" هذا الذي يظهر عكس مايبطن وخصوصاً اذا استعمل التحايل والكلام المعسول والمظهر الخداع ولكنه يبطن من وراء ذلك العمل على التهديم وعلى التخريب، هؤلاء لما يتحدثوا لرسول الله صلى الله عليه واله، الله سبحانه وتعالى يقول هؤلاء حينما يصطفون امامك "كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ"(سورة المنافقون الاية ٤) كذا وكذا "هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ" طبعاً انا انوه هنا الى ملاحظة ان من جملة مايتخرص به اعداء الاسلام واعداء اهل البيت على الشيعة الامامية انهم يستعملون التقية والتقية نفاق، طبعاً للتوضيح اقول ذلك هناك ممن ذهبوا بمهمات قوية وخطيرة للنبي وللقيادة الاسلامية ماضياً حاضراً، هذا الذي يذهب بمهمة وغرضه نصرة الاسلام، خدمة الاسلام فهناك اعداء في الطريق وهناك طواغيت يضطر الى النجاة والنجاح بمهمته فيظهر عكس مايبطن لكن الغرض من ذلك خدمة الاسلام لكن هناك من يتحايل على الاسلام ليستفيد من خيرات الاسلام في الموقع المعين لكنه في الباطن مع الكفار ومع الاعداء وربما يكيد للقيادة ويكيد للاسلام وبالتالي يخرب والمجتمع ونعوذ بالله اذا تفشت فيه ظاهرة النفاق من حاكم، من محكوم، من راعي، من رعية، من مسؤول، اياً كانت صفته اذا تظاهر بشيء ولكن في الباطن هو يريد مصالحه ويريد اشباع رغباته كما نبتلي بأشخاص والعياذ بالله يتبوء منصباً في المجتمع، منصباً اجتماعياً، منصباً ريادياً، منصباً ادارياً ويتظاهر بالشعارات وبالاخلاص ولكن في الباطن هو يريد ان يسرق، يريد ان ينهب، يريد ان يملأ جيبه، يريد ان ينمي ويشبع غرائزه هذا نفاق والمجتمع اعوذ بالله سادت فيه هذه الظواهر، ظواهرالنفاق فهذا المجتمع لاتحمد عقباه ونتائجه سلبية والعياذ بالله. نسأل الله سبحانه وتعالى ان يدفع المسلمين والمجتمعات الاسلامية عن شر هذا البلاء ويوفقنا جميعاً ويجنبنا جميعاً هذه الحالة التي قلت هي من اخطر الامراض النفسية التي يصعب علاجها كما يقول القرآن "هُمُ الْعَدُوُّ"، يخاطب النبي "جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ" يعني يضع هؤلاء مع الكفار بطول واحد وبمستوى واحد. اعاذنا الله من النفاق ووفقنا الى العمل بأخلاص لأنفسنا ولمجتمعنا وشكراً.
إذن، وبعد أن استمعنا الى ما قاله السيد حسن الكشميري عن النفاق، نتوجه الآن الى ضيفة البرنامج الاستاذة ميرفت عثمان الناشطة الإجتماعية من دمشق، لسؤالها عن أسباب النفاق والأرضية التي يولد منها النفاق، ولماذا يستجيب البعض له ويمارسوه مع الآخرين حتى وإن كانوا أقرب المقربين؟ وما هي الحلول الناجعة برأي الاستاذة الكريمة؟
عثمان: بداية دعونا نتفق مع السادة المستمعين على مفهوم النفاق يعني مفهوم النفاق بشكل عام هو ان تظهر عكس ما تضمر لكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا نظهر عكس ما نضمر وعكس مانرى في الاخر؟ ولماذا لانقول للاخر ما فيه من صفات وليس فيه من خصال بل احياناً عكس هذه الصفات تماماً؟ طبعاً احياناً نقول للاخر يقال مبدأ المجاملة ولكن انا اراه حقيقة نفاق لنجعل الاخر في حالة رضى عن ذاته وبالتالي ليقدم لنا تعاطفاً مع من جعله في هذه الحالة. على سبيل المثال سمير بالضرورة عندما ينافق وعندما يقول لمديره ماليس فيه من صفات يجعله في حالة رضى عن ذاته وعن شخصيته وربما هذا المدير كان في الاصل لديه نقص داخلي فيأتي هذا الموظف سمير ليحدثه عن اشياء ايجابية بالاصل ليست موجودة في شخصيته فيجعل مديره في رضى عن ذاته ويتعاطف مع سمير وتتقدم الحالة هنا الى تقديم ترقية في العمل او الحصول على نجاح، اختصر لأقول ان المسئلة هنا هي مسئلة مصالح بالتأكيد. المصيبة هنا انه احياناً يحول العيب الحقيقة في هذا الشخص الى تميز يقال له، شخص بالاصل فيه عيب ننافقه لنحول هذا العيب الى حالة من الرضى عن الذات وبالتالي ينسى ان فيه هذا العيب فلايصلحه ولايعدله. فيما يخص الحلول اولاً دعونا نقول ان العاقل المتصالح مع ذاته يدرك تواقصه ويدرك عيوبه بالتالي يفترض انه غير قابل لتصديق ما يقال له عكسها، نبدأ اولاً ان نكون مباشرين، بأن نكون واضحين، بأن نكون صريحين متسلحين على ان نشتغل بأمكاناتنا وان نعمل على تطويرها، ثانياً ان تبنى العلاقات في العمل على اساس الكفاءات وليس على اساس المجاملات، ثالثاُ ان نحاول التخلص من عيوبنا وان نتمتع بالثقة بالنفس لما يجعل انفسنا لاتقع تحت تأثير النفاق بل تنفر منه ولاتتعاطف مع من يمارس علينا النفاق وعلينا اولاً واخيراً ان لاننسى الاية الكريمة "كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ"(سورة الصف۳) ثم الاية الكريمة "الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ"(سورة النساء۱٤٥) فلنتسلح اذن بهذا الايمان والايمان وبثقتنا بأنفسنا نتخلص من التجاوب مع من ينافق اصلاً.
في ختام حلقة اليوم نشكر لكم مستمعينا الكرام على حسن الاستماع الى برنامج من الواقع الذي قدمناه لكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، على أمل أن نلتقيكم في حلقات أخرى قادمة.. نستودعكم الله والى اللقاء.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة