البث المباشر

الطلاق

السبت 16 نوفمبر 2019 - 08:36 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- من الواقع: الحلقة 13

ضيوف البرنامج عبر الهاتف: الشيخ اديب حيدر الباحث الاسلامي من لبنان والاستاذ حسام شعيب الكاتب والباحث الاجتماعي من دمشق
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أحبائي وأعزائي المستمعين نرحب بكم في حلقة جديدة من حلقات برنامج "من الواقع" قصتنا اليوم تتحدث عن فراق الأبناء بسبب الطلاق.
نستمع الي القصة ومن ثم نعرض تساؤلاتنا حول المشكلة المطروحة فيها علي عالم دين و خبير اجتماعي.
جلست أم عامر خلف الباب تتأمل عودة أبنائها الصغار من المدرسة كما اعتادت كل يوم ولكن هيهات، بعد دعاوى ومحاكم لم تستطع أن تكسب الدعوى لضم أبنائها الى أحضانها و زوجها الذي انفصلت عنه بسبب اهانته لها وضربها لم يعدها سوي بجلب أبنائها في الأسبوع مرة ليقظوا يوماً كاملاً معها وأصبح هاجسها الوحيد هو الإنتظار خلف الباب .. انتظار أبنائها والعودة الى المنزل كما اعتادت منذ أشهر بعد طلاقها من زوجها... أشهر تصارع وتقاوم لكي تكسب الدعوى ولكن دون جدوى فهي بلا مصدر رزق وليس لها سكن محدد بل تسكن مع والديها المسنين وأخيها المتسلط مع زوجته وأولاده..
مرت أشهر وهي على هذا الحال وكلما رحل أبنائها كانت تتجدد لوعتها وحنينها لأولادها الصغار... لذلك قررت أن تجد عملاً تكسب منه مبلغاً يجعلها تعتمد على نفسها وأن لا تكون ثقلاً على أخيها وزوجته. وتقضي على وقت الفراغ التي باتت تعاني منه.. واستطاعت أن تجد عملاً متواضعاً في إحدى الشركات التجارية ومضت الأيام والأشهر فتطور عملها وأصبح لها شأن... والكل يحسب لها ألف حساب فتغيرت شخصيتها و تطلعاتها ولكنها بقيت تتأمل في عودة أبنائها الى حضنها فلا يروي شوقها لهم يوم واحد في الاسبوع على الخصوص وهي ترى أبنائها يكبرون بعيداً عن نظرها، من ناحية أخري كان مؤلماً بالنسبة لأم عمار نجاحها في عملها وفشلها في الحياة الزوجية..
بعد مرور سنتين تقدم لها شخص آخر يعمل معها في ذات الشركة شعرت اتجاهه بشيء من الود .. ولكن كيف يمكن أن تدخل في حياة أخرى وهل سيوافق زوجها السابق على عودة لأبنائها لها مع رجل آخر... وهل سيقبل الزوج المستقبلي بوضعها مع أبنائها، كان الأمر محيراً بالنسبة لها ولكنها حزمت أمرها على القبول ومواجهة الواقع وكسب أبنائها الى صفها فهي تعلمت كيف تكون قوية وتواجه كل الأمور..
صارحت أم عامر السيد علي بوضعها وطلبت منه أن يفكر وأن يكون صريحاً معها وأن يكون قراره واضحا وصريحا هل يتقبلها كما هي مع أبنائها وإن لم يوافق فليكن صريحاً لأن وضعها لا يحتمل فشلا آخر... وجاء رد السيد علي بالموافقة وهو يقول لها أن أبنائها هم أبناؤه وسيكون مسروراً جداً بوجودهم ... هكذا شعرت أن الحياة ابتسمت لها.. ولكنها صدمت بصراع آخر مع أبنائها فقد كان الأبناء يتطلعون الي عودة المياه الى مجاريها بين أبيهم وأمهم
رفض الأبناء بشدة ما طلبته أمه منهم رفضوه وبدأت خطواتهم المعاكسة حيث شجعوا والدهم للتقدم مرة ثانية طالباً يد أمهم للزواج ولم شمل العائلة مرة أخرى... جاء الأب خاطباً ويحمل في جعبته وعود كثيرة بالتغير نحو الأحسن وبأنه سيحسن معاملتها وأنه تغير وأنه سيسمح لها بالإستمرار في العمل ولن يكون عائقاً أمام تقدمها وتطورها بل على العكس من ذلك وووووو... وعود كثيرة هي كانت تدرى بأن وعوده كلها رياح موسمية تأتي وتزول وتخفت بعد مدة قصيرة... تدمر لا تعمر.. وبدأ ضغط الأبناء عليها مع التهديد بمقاطعتها وعدم السؤال عنها أو المجيء إليها أن لم تعد الى والدهم...
هي اليوم بين نارين نار فقدان أبنائها الى الأبد وبين العودة الى نار الزوج الذي رأت معه أنواع الذل والمهانة.. لازال جسدها يؤلمها من كل ما تحمل من الضرب... لا زال قلبها ينزف دماً حين تركها وتزوج من امرأة أخرى لمجرد النزوة العابرة وبعد مدة قصيرة طلقها ليبحث عن نزوة أخرى... لا زالت تذكر كل كلماته النابية التي يطلقها عليها ... كيف لها أن تقبل به مرة ثانية كيف؟
شعرت أم عامر بالعجز التام وهي تقف أمام أبنائها الذين هم أملها الوحيد في الحياة وبين أن تعيش حياة كريمة ليس فيها ذل ولا مهانة وهي متأكدة من أن زوجها السابق لن يتغير، أضف الى ذلك هي لا تشعر بأي حنين أو رغبة في الارتباط به... ثم أن هناك من طرق باب ودها وفتحت له الباب كيف يمكن لها أن تختار .. هل تختار أبنائها أم تختار حياتها.. بين ليلة وضُحاها أصبحت في حيرة لا تدري كيف يمكنها الخروج من هذه الحيرة بأقل الخسائر.
كما عودناكم أعزائي نستضيف اليوم سماحة الشيخ الشيخ اديب حيدر الباحث الاسلامي من لبنان ونرحب به و بعد ما أسمعناه قصتنا سألناه : هل يحق للأبناء فرض مثل هذه الأمور على آبائهم .. وما نظر الشرع في العيش مع زوج لا يحترم كيان المرأة؟
حيدر: بسم الله الرحمن الرحيم طبعاً مسئلة الاولاد عندما ينشأ خلاف بين الزوج والزوجة الاولاد دون سن السنتين للذكر وسبع سنوات للبنت الحضانة وبعد ذلك تصبح الحضانة للاب ويحق للاب ويحق للام بعد ان يستلم الاولاد ان تراهم، لها حق الرؤية ولايحق له ان يمنعها عنهم، اذا بلغ الاولاد سن الرشد يعني البنت فوق العشر سنوات والولد فوق الخمسة عشر سنة الولد يخير بين ان يكون مع امه او مع ابيه فأذا اختار الاب فالام لها حق الرؤية واذا اختار الابناء الام ملزم الزوج بدفع النفقة للام لكن المشكلة كما سمعت من عرضها ان الاولاد كبار، الاولاد مخيرين ولايوجد نص شرعي يلزم الابناء في اي خيار اجباري، هم اذا ختاروا ان يروا امهم فهذا حقهم وان اختاروا ان لايروا امهم فهذا حقهم لكن تبقى الناحية الاجتماعية ان بر الام، بر الوالدين، رعاية الام، نعم اذا كانت الام عاجزة عن الرعاية لنفسها او الرعاية المالية واولادها منتجين يحق لها ان ترفع عليهم دعوى نفقة يعني هم ملزمين بالانفاق على امهم ورعاية امهم الزامياً اذا كانت غير قادرة مالياً ولاجسدياً لذلك مشكلتها مشكلة اجتماعية وانا انصحها ان تتزوج وبعد ان تتزوج وتستقر اولادها لايتخلو عنها بالزيارة وتبدأ بمصارحتهم والاتصال بهم فيزورونها زيارة تامة فأذا وجدوا الاجواء جيدة ممكن ان يبقوا معها وان لم يجدوا الاجواء جيدة فلاتلزمهم، ولها خيار ثالث ان ترجع الى زوجها شكلاً تشترط عليه ان يكون بيتها مستقل فتحفظ اولادها وتكون زوجة لذلك الرجل شرعية فقط دون المعاشرة والمساكنة معه وتسكن مع اولادها وينفق عليهم جميعاً لكن كون هذا الشخص ذا طبيعة غير ملتزمة انا انصحها ان تتزوج وبعد ذلك اولادها سيكون لها علاقة معهم ولايستطيعوا ان يتخلو عن امهم، طبعاً لابد ان تمر فترة قصيرة من الغضب بعد ذلك يصبح الامر واقعاً وتنتهي كل هذه المشاكل. في الخلاصة اولادها كبار ولايلزمها اي نص شرعي يلزمهم بأي شيء.
نشكر سماحته الشيخ الجليل وحضوره معنا والاجابة على الأسئلة كما استضفنا الاستاذ حسام شعيب الكاتب والباحث الاجتماعي من دمشق ونرحب بها أيضا بعد ما أسمعناه قصتنا سألنا الدكتورة : ما الخيار الأنسب لمثل هذه الأم؟ وهل عليها أن تأخذ طلب الأبناء وآرائهم بجدية أم أن عليها أن تواصل حياتها ومن ثم تكسب أبنائها بمرور الزمن؟ وهل يمكنها الرجوع الي زوج يذلها ويهينها بهذا الشكل المهين؟
شعيب: بسم الله الرحمن الرحيم سمعنا جميعاً قصة الاخت ام عامر التي روتها من خلال هذه الاذاعة الطيبة المباركة راديو طهران الذي نفتخر به دائماً وانا اشكر من خلال هذه القصة ومن خلال هذا الوقت القصير اشكر راديو طهران ادارة ومقدمين على مايبذلونه من مساهمة في حل مشكلات المجتمع وايجاد الحلول المناسبة من خلال النقاط الدينية والعلمية والاجتماعية في المجتمعات الاسلامية عموماً. لاشك ان الاخت ام عامر بما سمعناه منها عرفنا انها آست فيما سبق من زوجها السابق الذي كانت قد عاشت معه لفترة طويلة وهي عانت من خلال مالاقت منه من ضرب ومن اهانة وتجريح للكرامة وهي طلقت وتعيش الان في صراع، هل هي تعود الى زوجها السابق ام تتزوج وهي انجبت منه ابناءاً اصبحوا بالغين راشدين يعيشون الان مع ابيهم وفي حضنه، اقول للاخت ام عامر يااختي الكريمة ما اراه لك وما فتحه الله عزوجل علي ومااراني اياه وان شاء الله اكون موفقاً فيما اقول هو ان تلتفتي الى حياتك المستقبلية وان تختاري مايختاره الله عزوجل لك ان كان هناك زوجاً قد تقدم اليك ليطلب الزواج من جديد فألتفتي الى حياتك وهذا خيار لك ولااحد يتدخل فيه بما فيهم ابناءك او زوجك السابق اما مايطرحه ابناءك بأن تعودي الى زوجك السابق وانت مازلت تتخوفين منه وتتذكرين ماعانيت منه فهو حق طبيعي لك ان تخافي وان تخشي على نفسك لأنك قد جربتيه سابقاً والمثل لدينا العربي يقول "من جرب المجرب فعقله مخرب" فلايعقل ان تعودي الى رجل لطالما كنت قد اشتكيت منه زمناً طويلاً من اهانة وضرب وتبريح والخ وماتعرفه اغلب النساء ان الاسم حرص على كرامة المرأة والمجتمع حرص على كرامة المرأة وكرامة المرأة لاتعني ان ترضخ لضغوط الزوج بعد ان طلقها وهو الذي طلقها مختاراً ولم يطلقها غصباً ولم يفرض عليه هذا الطلاق وهنا اقول بعد ان طلقك وثبت الطلاق الان عليك ان تختاري هذا الطريق الجديد والحياة الجديدة، ان توفر انسان يملك من الصلاح ويملك من الاخلاق الكريمة الفاضلة مايعينك في الايام القادمة على ان تكوني عفيفة في المجتمع، على ان تكوني انسانة ذات فاعلية في المجتمع، انسانة لك صونك وكرامتك اما الابناء فعليهم ان يقدروا وان يحترموا هذه الرغبة للام لأن زواج الام لايعني انها خرجت عن دينها ولايعني انها قد ارتكبت نقيصة لاقدر الله او عاراً والاسلام هو الذي رخص لها بل اجاز لها ان تتزوج لأن في زواجها حصناً منيعاً لها وعلى الابناء ان يتفهموا ذلك ومااريد قوله علينا جميعاً ان لانولد من الاختلاف بيننا احقاداً لأن الاحقاد التي تولد بين الازواج احياناً نتيجة الطلاق تورث الى الابناء تصبح المشكلة من مشكلة اسرية الى مشكلة اجتماعية يحقد فيما بعد الابناء على الام وتحقد الام فيما بعد على طليقها وتتوالد الاحقاد في المجتمع وهذا منافي للاخلاق في مجتمعاتنا الاسلامية ومنافي لما اراده الله عزوجل. ان مصلحة الفرد في الاسلام هي غاية في الاهمية مادامت هذه المصلحة لاتتعارض مع مصالح اخرى ان كان للابناء او كان للزوج وهنا ثبت طلاقها لأبو عامر وابو عامر عليه ايضاً ان يلتفت الى انسانة اخرى لعلها تتفاهم معه وتقدر ماهو يريد والاخت ام عامر لعل الله عزوجل ان يكتب لها خيراً بأذن الله وان يوفقها ويوفق ابناءها لما هو خير لها ولأبناءها.
نشكر سماحة الشيخ الشيخ اديب حيدر الباحث الاسلامي من لبنان والاستاذ حسام شعيب الكاتب والباحث الاجتماعي من دمشق علي ما تفضلوا به.
مستمعينا الكرام في ختام حلقة اليوم نرجو أن تكون بألف خير وبركة ونستودعكم الله في لقاء جديد.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة