البث المباشر

حب العظمة والتكبر

الأربعاء 13 نوفمبر 2019 - 11:45 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- من الواقع: الحلقة 8

خبراء البرنامج عبر الهاتف: الشيخ عقيل زين الدين الباحث الاسلامي من لبنان، الدكتورة وجيهة البهبهاني الباحثة التربوية من الكويت
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومرحباً بكل مستمعي برنامج من الواقع واليوم ستكون قصتنا عن حب العظمة والتكبر.. كونوا معنا لنستمع الى قصة اليوم وسنعود معكم وكما هو معتاد سنستضيف أحد علماء الدين والمختصين النفسانيين او التربويين للإجابه علي التساؤلات التي تطرح... سنلتقي مجددا بعد استماعنا لقصة اليوم...
هدأت العاصفة ودب سكون عجيب بعد أن قالت كلمتها بشكل حازم وواضح عليك أن تختار بيني وبين زوجتك... وأغلقت الباب بقوة... جلست على السلالم متكئاً على مساندها وتمر حياتي كلها بين مد وجزر مع والدة متسلطة تحكم بالحديد والنار كما يقال ليس من حق أحد أن يخرج عن طوعها .. وهل أعيد الكرة مرة أخرى وأترك أبنائي بلا أم كما فعلت في المرة السابقة لمجرد أنها تشاجرت مع زوجتي السابقة وكما تقول أمي أنها خرجت عن طوعي ووقفت في وجهي فعليك أن تختار ما بيني وبينها.. وطبعاً اخترتها هي ودون أن افكر في عواقب الأمر.
اليوم عادت لتعيد الكرة مرة أخرى.. بعد أن وفقني الله ووجدت امرأة تخاف الله في اولادي وفيّ انا .. لقد أمضيت حياتي كلها وأنا أحاول أن أعيش حياة هادئة أما امي التي اعتادت أن تفرض كل شيء عليّ حتى دراستي فرضتها عليّ، عانى جميع افراد الأسرة من تسلطها وحبها للعظمة والأبهة، هي تحب أن تجلس في صدر المجلس ونحن نجلس أمامها نقدم لها تقرير عن كل شيء وبعدها هي توجهنا ما الذي نفعله وما الذي لا نفعله... وكل غريب يدخل منزلنا من رجل كزوج أختي المسكين أو زوجة كزوجاتي تفرض عليهم شروط وأحكام عليه أن ينفذها قبل دخوله منزلنا وبعد دخوله... أمر متعب بالنسبة لنا اعتدنا عليها وهي أمنا في كل الأحوال أما بالنسبة للآخرين كيف نقنعهم بوضعها هذا...
اليوم كانت سبب المشاجرة هي أن أمي كانت تريد أن يرتدي الأولاد زياً رسمياً على العشاء عندما يحضر الضيوف أما زوجتي ولأنها على علاقة وطيدة بالأطفال تعرف أنهم لا يحبون ذلك الزي ويكرهون الظهور فيه .. قررت أن تقول لا سوف اهتم بزي الأولاد اليوم بنفسي .. ولكم أن تتخيلوا ما الذي حدث بعد ذلك... علي أخذ قراراً سريعاً كما طلبت مني أمي وإلا سوف وسوف وسوف... والسوف الأولى هي أنها تحرمني من الميراث والثانية أن تتبرأ مني والثالثة أن تدعو عليّ بقلب غضبان... كيف سأحل هذه المشكلة، من ناحية فزوجتي هي على حق ومن ناحية أخرى هذه أمي... فانا أعرفها وأعرف ما الذي تفعله إن لم انفذ ما قالته... لقد كانت لي تجربة معها أجبرتني على الطلاق في المرة الأولى كما أنها تبرأت من اختي الصغرى لأنها رفضت الزواج من الشخص الذي اختارته هي واختارت شخصا آخر... والى اليوم على الرغم من مرور أعوام طويلة باءت كل محاولاتنا بالفشل لإقناعها وعادت المياه الى مجاريها.
لم يبق أحد من إخوتي حولها أنا الوحيد الذي بقيت معها، الكل هرب من سلطته إلا أنا فقلبي لا يطاوعني على تركها وحيدة في هذا المنزل الكبير.. وفي الواقع أنا اعتدت الحياة معها رغم تسلطها هذا ورغم أنها تجد نفسها أفضل من الكل وإن البقية عليهم الركوع لها... معظم الأقارب قاطعونا بسبب معاملتها الجافة لهم ونظرتها الدونية لهم.. الكل تقريباً ابتعد عنها إلا أنا بقيت معها على الرغم من كل عيوبها هذه... المساكين أطفالي يشكون من سوء معاملتها لهم فهي تفرض عليهم كل شيء الطعام الملبس حتى وسائل الترفيه واللعب تفرضه عليهم لو رأيتم منزلي أيام العطلة أنه شبيه بمعسكر تدريب جيش وأمر صعب المراس يقوده...
أمي كيف لي أن اخرج عن طوعها وكيف لي أن أفهمها أنني تعبت ولم يعد في قابليتي تحمل كل هذا العبء لوحدي بعد أن هرب اخوتي واخواتي باحثين عن حياة طبيعية يحيونها .. هل الهروب هو الحل.. ربما يكون أفضل من خنوعي.. إنني حائر لا أعرف كيف أرضيها وكيف أرضي زوجتي.. ليس من السهل أن أختار زوجة كل يوم وليس من السهل أن أجد زوجة مناسبة لي وتكون اماً لأطفالي وحنونة .. فزوجتي حنونة على أطفالي ولا تفرق بينهم وترى أن الله حق وأنهم ضحايا لخنوع .. وضحايا لتسلط والدتي لهذا قررت أن تقف في وجه أمي وتحمي على الأقل أبنائي إن لم تستطع أن تخرجني أنا من هذا الخنوع..
كيف لي أن أترك زوجة مثل هذه ... الخيار الذي وضعتني أمي فيه خيار صعب لا أستطيع معه أي شيء فهي أمي وعزيزة علي... وتلك زوجتي هي أيضا عزيزة علي وأصبحت أماً لكل اولادي فأنا لم أر منها ما يؤذني أو يجرحني.. كل حياتي القصيرة معها جميلة وهي تفهمني وتفهم الجميع ولكنها ترفض الظلم وتفضل أن تواجه الظلم بكل قوة وحزم ... حتى وإن كلفها سعادتها.. ربما تكون هي على حق تبقى الأخرى أمي... صعب علي الإختيار ... من ناحية هي أمي ولا يمكنني أن أفعل معها كما فعل أخوتي وأتركها... ومن ناحية أخرى لا أريد أن أعيد الكرة مرة أخرى وأن أطلق زوجتي فهذا حرام لم أر منها شيء يستوجب أن أظلمها كل هذا الظلم.. كما وأنني أحببتها كثيراً... من يدلني على الدرب من؟!!!!!!!
كان الله في عونك يا أخي فمشكلتك هذه صعبة بالفعل فبر الوالدين واجب علينا والرفق بالزوجة والأولاد الآخر واجب علينا ولكي نستطيع أن نميز الصحيح من أفعالنا وإن لا نقع في الخطأ استضفنا اليوم الشيخ الجليل عقيل زين الدين الباحث الاسلامي من لبنان و بعد سماع القصه سألناه : ما هي حدود طاعة الوالدين وهل يحق لمثل هكذا امهات او آباء التصرف على هذا النحو شرعاً؟ ثم كيف يمكن لهذا الشاب أن يرضي جميع الأطراف دون أن يغضب الله عليه؟ فأجاب مشكورا :
زين الدين: موضوع بر الوالدين هي من الاعمال التي يرى الانسان اثرها في الدنيا والاخرة، يترتب عليها اثار في الدنيا والاخرة، البر اذا كان باراً بوالديه لايموت حتى يبر به وان كان عاقاً العياذ بالله لايموت حتى يعق به وهي من الاثام التي يبتلى بها الانسان كما ذكرنا ولابد ان يبتلى بها في الدنيا ويعذب عليها في الاخرة، لايجوز له ان يكفر بالله ان يطيعهما في ذلك ولكن في نفس الوقت يجب عليه ان يحافظ على شعورهما هذا من الناحية الشرعية او يدخل الاذى او الاسى عليهما لكن اذا كانت الوالدة مشتبهه في موضوع شخصي ويرى فيه لله رضا وهي لاتستطيع ان تشخص هذا المطلب وظنت انها على حق في طلبها مثل ان تطلب منه ان ينفصل عن زوجته لسوء فهم وقع بينها وبين تلك الزوجة او لاتريد رؤيتها وهنا يقع المشكل الاكبر، وظيفته الشرعية ان لايغضب الام وان يدخل السرور على قلبها ولكن في نفس الوقت من الممكن ان يؤذي تلك الانسانة البريئة وان يظلمها بحيث ان تكون فيه لله معصية فهنا يقع المأزق وتأتي الحنكة وحسن التعامل فيستطيع ان لايجافي الوالدة وان لاينهرها وان لايغضبها وان لايزجرها زجراً وان يفتش عن مخرج لائق الذي يرضي عواطفها او ان يعدها او ان يدخل مع زوجته بطريقة لبقة ان تركن تلك الزوجة لوالدته وتعود عن غي او شيء كرهته والدته فيها اذا استطاع ذلك سبيلاً واذا لم يستطع الى ذلك سبيلاً يجب ان يفتش عن مخرج لائق، ان لايؤذي الوالدة في هذه الحالة، ان يعدهما وعداً ان اصر الوالدان على ذلك فهو سيكون بطاعتهما ولايفضل زوجته عليهما اصلاً وانهم هو الهدف الاسمى وهم المطلب الاول عنده بطريقة لبقة يحاول الاصلاح اذا استطاع الاصلاح بين امه وزوجته وان لم يحاول فلايجوز ان يزجرها زجراً، ان يبحث عن مخرج لائق او حيلة شرعية او اجتماعية يستطيع من خلالها ان يؤمن مخرجاً يحفظ به الام وعواطف الام وان لايكسر خاطرها كسراً اي بمعنى الزجر، ان ينهرها، ان زوجتي اولى منك او غير ذلك، وان استطاع ان يبحث وسيطاً، اباه او اخته او عمته او خالته، انسان من الارحام له موقعاً عند انه ان يدخله كواسطة الى الام ليكسب عطفها وان لايكون قد كسرها امام زوجته فأظهر عدم لياقة في تعامله فيترك في قلبها اثراً فواقعاً هنا المسئلة صعبة في هذا المطلب ولكن لايجوز له على اي حال ان ينهرها نهراً او يزجرها زجراً او يدخل الحزن على قلبها بمعنى هو رافض لطلبها واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.
حضرة الشيخ الجليل نشكر لكم الحضور والإجابة على أسئلتنا نتمنى لكم دوام العافية... أعزائي المستمعين وكما اعتدنا سابقاً استضفنا أيضا الدكتورة وجيهة البهبهاني الباحثه التربوية من الكويت وسألناها: ما هي حدود تحمل الإنسان لمثل هذه الضغوط، وبرأيكم ما هو الخيار الأمثل لصاحبنا هذا، هل ترك الأم وحدها تعيش في المنزل... أم أنه يترك زوجته ويطلق للمرة الثانية طوعاً لأمر أمه؟ وما هي الآثار المترتبة على سلوك الأبناء جراء هذه المعاناة وهذه الحياة القلقة؟
البهبهاني: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين بالنسبة للسؤال المطروح اعتقد ان المشكلة قد تكمن في الخلط بين مفهوم بر الوالدين والطاعة، البر طبعاً مطلوب من الابناء اتجاه آباءهم فحديثنا يكون بالنسبة للام حيث هي موضوع الحديث الان، على الابن ان يعرف كيف يبر والدته اولاً والاهم ان لايقطع الرحم مهما كان الاختلاف بينهما طبعاً بالحد المعقول يعني لايكون التواصل معها على حساب نفسه وزوجته وابناءه لأن هناك بعض الامهات، مثلاً تطلب ام من ولدها دائماً يأكل معها، يشرب معها، يتواجد معها معظم الوقت ويكون ذلك على حساب نفسه واسرته، طبعاً يتحدث معها برفق واحترام، لايعلي صوته على صوتها ويبتعد عن الاسلوب العصبي في النقاش مهما كان الاختلاف في وجهات النظر بل بالعكس يستخدم القول الطيب، القول الكريم "فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً"(سورة الإسراء۲۳) ولكن احياناً يتطلب الامر عدم طاعتهما هذا الذي اقصده يعني يبرها بما اوضحته ولكن الطاعة تختلف احياناً عندما تتدخل الام في بعض خصوصيات حياته الزوجية يحتاج ان لايطيعها في بعض الاحيان مثلاً لو نفرض ان ام تتدخل في وقت خروج ابنها وزوجته، في نوعية الاشخاص الذين يتواصلون معهم، في تربية الابناء، حتى في لبس الابناء ومأكل، حتى في حاجات الزوجة، طريقة تنظيم سكن الزوجية، لبس الزوجة، كلامها، اختياراتها يعني في المناسبات المختلفة تدخل كبير في خصوصياتهم يعني هذا الامر تراه انه لاتتدخل اما هي تتدخل، هنا انا اعتقد اذا كان هذا التدخل يسبب مشاكل واذى له هو في البداية، هو يكون متضايق وغير متقبل ولزوجته فيمكن ان يتبع اسلوب المصارحة برفق يعني يوجه كلامه ان رأيك ياامي كذا، على عيني وعلى رأسي حتى يقبل رأسها ولكن هذه حياتي وهذه خصوصياتي لااستطيع ان اسايرك والبي رغباتك ورأيك حول هذا الموضوع بمعنى ان لايطيع كلامها ولكن بأسلوب مناسب اذا كان تدخلها يسبب ضرراً له ولزوجته ولأبناءه لأنه رأيها قد يتنافى مع رأيه ويضايق زوجته اذا ماتقبلت هذا الزوجة ورفضته فينعكس ذلك على الابن وعلى الاسرة، احياناً ممكن تطيع الزوجة والدته مثلاً حباً لزوجها او لنقل رغبة منها في التعاون ولكن ان لايتعدى حدود ان تتسلط عليها الام يعني بمعنى ان يفهم الابن معنى بر والدته ويطبقه حتى يتخلص من مشاعر لنقل تأنيب الضمير بما يغضب الله عزوجل فأذا احس انه بر بوالدته ولايشعر بتأنيب الضمير سوف يتعايش مع سلوك وتصرفات والدته المتسلطة بدون ان يشحن نفسه بشحنات التربية اتجاه تصرفات امه. طبعاً كثرة الصراعات بين ام الزوج والزوجة او كثرة تدخل الام في حياة ابنها الزوجية لابد وان تترك اثار سلبية على سلوك الابناء فمن جراء هذه المعاناة يعيش الابناء في قلق وتوتر، من يرضون؟ يرضون الام ام الجدة؟ يعيشون حالة من الخوف من المستقبل، يفكرون هل امي بعد هذه الصراعات ستنفصل عن ابي؟ وهذا طبعاً له تأثيره السلبي، ممكن هذا يؤثر على انخفاض مستوى التحصيل الدراسي وممكن ان يؤثر على الحالة الصحية يعني هناك ابناء يغطون على ضيقهم وتأثرهم النفسي في الاكل الكثير او بالعكس فقدان الشهية وتتأثر عليه اثار مرضية، ممكن من كثرة الصراعات يولد العنف لأن العنف يولد العنف فكثرة الصراعات تجعل من الابناء عنيفون، يفرغون احاسيسهم المنزعجة في اقرانهم سواء كانوا في البيت او في المدرسة او حتى الشارع.
نشكر حضوركم معنا دكتورة وجيهة البهبهاني ونتمنى لك الموفقية ودوام العافية كما ونشكر حسن استماعكم مستمعينا الكرام ونرجو قد استفدتم من لقاء اليوم فحتي اللقاء القادم نستودعكم الله و السلام عليكم....

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة