البث المباشر

قول الامام الكاظم (ع): المصيبة للصابر واحدة وللجازع اثنتان

السبت 9 نوفمبر 2019 - 08:45 بتوقيت طهران
قول الامام الكاظم (ع): المصيبة للصابر واحدة وللجازع اثنتان

إذاعة طهران- نور وبلاغة: الحلقة 263

نص الحديث

قال الامام الكاظم عليه السلام: "المصيبة للصابر واحدة، وللجازع اثنتان".

دلالة الحديث

الحديث المتقدم يجسد صورة استعارية، حيث يخلع على (الجزع) طابع المصيبة، وهو في واقعه اي الجزع مترتب على مصيبة ما، وليس مصيبة مستقلة، ولذلك جعلنا هذا الحديث استعارة وليس كلاماً مباشراً، والمهم هو: ملاحظة نكتته البلاغية، وهذا ما نبدأ بالقاء الاضاءة عليه.

بلاغة الحديث

من البين، ان العبارة الفنية أو البلاغية لاتنحصر في عناصر التخيل او الايقاع أو الانتماء اللفظي او التركيب المحكم بل تتجاوزها الى كل ما هو طريف من الدلالة، فالحوار القصصي مثلاً قد لا يحمل بعداً تخيليا بقدر ما هو محادثة بين طرفين او مع النفس ولكنه يتسم بالفن نظراً لحيويته وهكذا. وبالنسبة الى حديث الامام الكاظم (ع) يظل حاملاً نفس الحيوية من زاوية بلاغته المتمثلة في عدها ما ليس بشدة كالشدة مثل فقد العزيز أو الامن أو القدرة المالية او الصحة، حيث تعتبر الحالات المتقدمة شدائد، ولكن الاستجابة حيالها اي ردود الافعال قبالة الشدة اذا كانت تتسم بالجزع منها: حينئذ تتماثل مع الشدة، بل تصبح شدة بذاتها، وتكون الشدة الواحدة شدتين، وهذا ما يخلع على التصور المذكور طابعاً فنياً، كما قلنا.
والسؤال الجديد هو: ما هي المعطيات المترتبة على ممارسة (الصبر) بدلاً من ( الجزع) حيال الشدة المتمثلة في فقد العزيز او المال او الامن او الصحة؟ الجواب: ان الفن او البلاغة مادامت تعني: التعبير عن الحقائق بلغة ثانية او معدولة أو انزياحية كما يعبر الحداثيون عنها، حينئذ فان جعل ما هو ليس مادة تنتسب الى الشدة، واكسابها طابع (الشدة) يظل انزياحياً او عدولاً عن لغته الحقيقية الى لغته المجازية، وفي ضوء هذه الحقيقة نصل الى التحليل االنفسي لمفهوم الشدة بمعناها المجازي حيث تصل في الواقع الى نفس الاستجابة الانفعالية المتمثلة من الجزع اي: عدم تحقيق التوازن الداخلي للشخصية بحيث يجعلها مضطربة ويفقدها طابع الاتزان أو التوازن او السواء في السلوك.
نخلص من ذلك (من الزاوية النفسية) الى ان الصبر وليس (الجزع) هو القدر الوحيد للشخصية مادام السلوك اساساً قائماً على تأجيل الاشباعات التي يطمح اليها الانسان، حيث يتعذر بل يمتنع ويستحيل التحقق لما يصبو اليه الانسان من الاهداف.
اذن: ادركنا مدى ما تجسده عبارة الامام الكاظم (ع) من الصياغة البلاغية التي تخلع على الاستجابة او ردود الفعل حيال الشدائد طابعاً يتماثل مع الشدائد ذاتها، وهو مايدفعنا الى تعديل سلوكنا والتوسل الى الله تعالى بان يوفقنا الى ممارسة الصبر وممارسة الطاعة انه سميع مجيب.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة