البث المباشر

حديث الامام علي (ع): الزهد ثروة

الإثنين 4 نوفمبر 2019 - 15:43 بتوقيت طهران
حديث الامام علي (ع): الزهد ثروة

إذاعة طهران- نور وبلاغة: الحلقة 190

نص الحديث


قال الامام علي عليه السلام: "الزهد ثروة".

دلالة الحديث

الحديث المتقدم وهو كلمتان فحسب ينطوي على حقائق نفسية وعبادية وصحية يجدر بنا ان نقف عندها، حتى نستطيع من خلالها تعديل سلوكنا الاقتصادي (لا أقلّ)، الحديث كما لاحظنا يتحدث عن الزهد وهو: عدم الحرص او الطمع او الاشباع الزائد عن الحاجة، بمعنى ان الشخصية اذا قدّر لها ان تحيا الكفاف، اي: تتناول من الطعام ما يزيح التوتّر العضليّ للمعدة، حينئذ من الممكن ان نعدّها صاحب ثروة حقاً، بصفة ان صاحب الثروة يستخدم ثروته لاشباع حاجاته الى الطعام ونحوه، وها هو الزاهد بدوره يشبع حاجته الى الطعام ونحوه مادام لا يستطيع الى ما لا حاجة اليه وهذا من حيث الدلالة، امّا من حيث البلاغة، فاليك التوضيح.

بلاغة الحديث

لقد ورد عن الامام علي عليه السلام ايضاً حديث يقول: "القناعة كنز لا ينفد"، والآن مع مقارنة هذين الحديثين: "الزهد ثروة" و "القناعة كنز لا ينفد" نصل الى نتيجة مشتركة، الا أن الطرافة في كل حديث تظل متميزة عن الحديث الآخر، وهذا ما نلاحظه في الطرافة اولاً بين الحديثين من حيث كونهما صورتين (تمثيليتين)، وثانياً من حيث كونهما يفضيان الى نتيجة واحدة هي: عدم الطمع، عدم الحرص، الاشباع بقدر الحاجة، وهذا بالنسبة الى الطرافة المشتركة بين الحديدثين، واما بالنسبة الى استقلالية كلّ منها، فاليك التوضيح.
القناعة والزهد موضوعان مشتركان ولكنهما مختلفان، فالقانع هو من لا يشكو من الحاجة، وقد يميل الى الاكثر، بينما الزاهد لا يشكو بدوره لكنه لا يميل الى الأكثر، ولا يحفل به بل يزدريه ويجده متاعاً عابرا، وهو افضل من القانع في درجة اليقين. بيد ان الاشتراك بينهما هو الآن موضع حديثنا، فماذا نستلهم؟.
قلنا: ان الثروة هدفها تحقيق الاشباع، وكذلك الكنز، فاذا كان القانع والزاهد قد حققا اشباعاً بقدر الحاجة، حينئذ ماذا يترتب عليهما؟ القانع صاحب ثروة، والزاهد صاحب كنز، ومع ان الكنز اكثر مالاً من الثروة المطلقة، ومع ان الكنز يحقق اطمئناناً اكثر من صاحب الثروة: الا ان كليهما، يظفران بعطاء نفس لاحدّ لتصورهما، فاولاً: لا يعانيان قلقاً من الفقر، وهذا يحقق توازناً نفسياً، وثانياً: لا يشغلهما المال عن اداء وظيفتهما العبادية، بصفة ان المشغول بالمال سوف يحتجزه عن ممارسة الطاعة المتمثلة في الذكر لله تعالى مقابل الغافل. وثالثاً: لا يتحملان مسؤولية العطاء للآخرين، حيث ان الزاهد والمكتنز لا يفكران بوجود المال الحقيقي او الكنز الحقيقي، بل يخلعان طابعاً خاصاً يعوضّهما عن المال الحقيقي، كما هو واضح.
اذن: امكننا ان نحدثك ولو سريعاً عن القانع والزاهد، والصياغة الدلالية والجمالية للحديثين المذكورين، سائلين الله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة، انه سميع مجيب.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة