البث المباشر

الشباب منطلق الحياة

الإثنين 28 أكتوبر 2019 - 07:45 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نبض الحياة: الحلقة 1

مستمعينا الأكارم !
تحيّة خالصة نبعثها إليكم معطّرة بالحب والمودّة والوفاء ونحن نلتقيكم عبر هذا البرنامج الجديد الذي يقدّمه لكم القسم الاجتماعي في إذاعة طهران العربيّة ، صوت الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران ، والذي سنتطرّق فيه إلي القضايا والظواهر ذات العلاقة بالشباب من وجهة نظر علم الاجتماع والنفس عموماً ومن وجهة النظر الإسلاميّة بشكل خاص ، وكلّنا أمل في أن تقضوا معنا عبر محطّاته أطيب الأوقات الحافلة بعنفوان الشباب وحيويّته ، تابعونا ...
مستمعينا الأحبّة!
سنبدأ حلقتنا الأولي من برنامجكم " نبض الحياة باستعراض خطوط عامّة حول مرحلة الشباب ، مبتدئين بالقول إنّ عمر الإنسان يعدّ من أكبر النعم الإلهيّة وأكثرها قيمة . فالإنسان يجتاز مراحل مختلفة وعديدة منذ ولادته وحتي موته حيث تتميّز كلّ مرحلة بخصوصيّاتها و تتطلّب السلوكيّات المتناسبة مع خصوصيّاتها هذه . ويعتبر الشباب ربيع عمر الإنسان الممتدّ للعديد من السنين كما أنه يشغل مكانة خاصة . والشباب هو عهد النموّ و التوظيف الأمثل للأشياء ومرحلة النشاط و قبول المسؤوليّة والالتزام و الشعور بالاستقلاليّة والاكتفاء الذاتي .
وفي هذه المرحلة تتشكّل شخصيّة الإنسان وتظهر صفات مختلفة . فتتفتّح براعم الحبّ والأمل من جهة و تحيط من جهة أخري عواصفُ الشهوات والأفكار المختلفة بالشاب من كلّ صوب . وتبلغ لديه الشجاعة والجرأة والكبرياء الذروةَ ، و يدعوه من جهة أخري للتطلّع إلي المُثُل و حسن الخلق. فلقد اصطفّت القدرة والقوّة أمام الغرور والزهو في كيان كلّ شاب وكلّ منها يريد إجابة مناسبة من الشاب . والذي يجتاز هذه المرحلة المليئة بالمخاطر بنجاح فإنه سيتجه نحو الاتجاه الصحيح للإنسانيّة والحياة بجناحي العلم والإيمان . ورغم أن الشاب يبدو في بداية طريقه عديم التجربة ويبحث عن هويّته الضائعة ؛ ولكنه إن التفت إلي قواه واستعداداته الفطريّة واستغلّ هذه الفرصة الذهبيّة ، فإنه سيكون بذلك قد عزّز من دعائم حياته وسيبلغ السعادة والكمال . وفي الحقيقة فإنّ الشاب يتمتّع باستعداد ذهني يكون معه كالأرض الخصبة خالياً ومستعدّاً للتربية و تنمية كلّ بذرة تزرع فيها .
أعزّتنا المستمعين !
ويعتبر أحد الباحثين المتخصّصين في مجال الدراسات النفسيّة للشباب ، عهدَ الشباب أجمل مراحل العمر حيث يقول في هذا المجال :
إن مراحل عمر الإنسان تشبه حركة الشمس التي تبدأ بالشروق ، والشباب هو وقت تربّع الشمس في وسط السماء . وهو عهد مفعم بالأنوار والقوّة ، ولا أثر فيه لانعدام التجربة في الطفولة . فعهد الطفولة هو عهد التبعيّة للأم والأسرة . والإنسان يبحث في شبابه عن الهويّة ، وفي كهولته تتصاعد عنده التبعيّة للعمل والمجتمع والمنصب وفي عهد الشيخوخة تشتدّ تبعيّته مرّة أخري بمن يحيطون به . وعهد الشباب يقع بين هذه التبعيّات وهو أيضاً رأس المال الحقيقي في عمر الإنسان حتّي أن الإنسان يدرك بعد اجتيازه أن الشباب كان ربيعاً انقضي ..! .
ويري علماء النفس أن طاقة الشباب العجيبة بحاجة إلي قوّة موجِّهة ومراقِبة . فكما أن السيول الجارفة والمتفرّقة يمكن السيطرة عليها من خلال السدود الكبيرة لتجري في مسارات معيّنة ومدروسة ، ويمكن عبرها تشغيل مولّدات الكهرباء الضخمة ، ليتحول بلد بأكمله إلي بلد مزدهر ، فإن قوّة الشباب الخلّاقة الكامنة في وجود الشباب يمكنها هي أيضاً أن تضيء مجتمعات برمّتها و تعمل علي ازدهارها . وكما أن عالماً شابّاً يمكنه أن يكون مصدراً لأفضل التغيّرات في حياة الإنسان ، فإن بإمكانه وبنفس النسبة أن يكون عرضة للآفات الأخلاقيّة والثقافية والمعنويّة . ولذلك ، فقد اعتُبر الشباب القلب النابض و الثروة لمستقبل كل بلد . وإن نموّ المجتمعات البشريّة في الأبعاد الثقافية والاجتماعية والاقتصادية المختلفة و نموّ القيم المعنويّة في جميع مجالات الحياة ، رهنٌ بالاهتمام بالجيل الشاب و قضاياه . وفي الحقيقة فإن الجيل الشاب المعاصر هم صانعو مستقبل المجتمعات ويؤدّون دوراً كبيراً في المجالات الإيجابية المختلفة في المجتمعات . وللأسف فإن بعض الأشخاص والأحزاب والقوي وغيرها تستغلّ الأحاسيس والمشاعر الطاهرة للشباب وحماسهم وتحرّكهم وقوّتهم البنّاءة لتحقيق مصالحهم الفرديّة والجماعيّة .
مستمعينا الأطايب !
ويري الإسلام أنّ مرحلة الشباب هي أفضل مرحلة لنمو الإنسان وتساميه من الناحية المعنوية . ذلك لأنهم يتمتّعون بروح نقيّة وقلب رقيق . وصدقُهم وإخلاصهم هما أهم أداة لتساميهم و بروزهم . ويدين الكثير من الأنبياء العظام الذين اكتسبوا الاستحقاق لتلقّي الوحي و التشرّف ببلوغ مرتبة النبوّة ، لعباداتهم في عهد شبابهم .
والخصوصيّة التي يتميّز بها الشاب ، النشاطُ والحيويّة من دون التعلّق بالدنيا والمناصب ، والبحثُ عن الحقيقة في نفس الوقت ، ومن المسلّم به أن الشباب يخالفون دوماً حالة الجمود والركود وعدم التحرّك وهم يُعتَبرون بشكل ما خالقين للحركة . وعلي حدّ قول سماحة قائد الثورة الإسلاميّة فإن:
الشاب هو محور الحركة في كل مجتمع وبلد . فإن كانت الحركة ثوريّة و انتفاضة سياسيّة ، فإن الشباب سيتقدّمون الآخرين في الساحة . وإن كانت الحركة حركةَ بناء أو حركة ثقافية ، فإن الشباب هم السبّاقون أيضاً و قدرتهم تفوق الآخرين في هذا المجال . ولقد كان الشباب محور الحركة ومركز السعي حتّي في حركة الأنبياء الإلهيّة . »
أعزّتنا المستمعين !
إن بذور الكمال تزرع في مرحلة الشباب وفي هذه المرحلة يتمتع الإنسان باستعداد أكبر لتلقّي العلم والفن والخير والجمال . وفي الحقيقة فإن الشباب يمثّل نقطة قوّة عمر الإنسان الذي أحيط من طرفيه بالضعف . يقول الله – سبحانه وتعالي – في سورة الروم :
" اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ، ويؤكّد الإمام الصادق عليه السلام في حديث له علي ضرورة البدء من الشباب من أجل إصلاح المجتمع لأنهم أكثر استعداداً لتلقّي كلّ خير و قلوبهم أكثر ليناً . وبناء علي ذلك ، فإن تلقّي الشاب التربية الأصوليّة والتعليم الصحيح ، فإن بإمكانه أن يصنع مستقبلاً سليماً ومزدهراً لنفسه ولمجتمعه في النهاية .
إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات !
استمتعنا كثيراً بصحبتكم خلال الدقائق المخصّصة لبرنامج نبض الحياة الذي يهتم بالشباب وقضاياه ، وحتّي نجدّد اللقاء بحضراتكم في حلقتنا المقبلة التي سنكمل فيها مابدأناه في هذه الحلقة ، لكم منّا كلّ الشكر علي طيب المتابعة ، وإلي الملتقي .

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة