البث المباشر

فاطمة (ع) في آية سلام على آل ياسين - ۱

الثلاثاء 1 أكتوبر 2019 - 08:47 بتوقيت طهران

اذاعة طهران - فاطمه في القرآن والسنة: الحلقة 47

 

بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمدُ للهِ المنعمِ المفضل، المعطي المجزل، وأزكى صلواته على حبيبه المصطفى الأمين، وعلى آله الأئمّة الميامين. أيّها الإخوة الأحبّة المؤمنون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً في لقائنا المتجدّد هذا معكم، وأفقٍ آخر من آفاق القرآن الكريم، فيه أيضاً منقبةٌ أخرى من مناقب آل رسول الله صلى الله عليه وآله. وتلك الآية المباركة هي قوله تعالى في سورة الصافّات: "سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ" (الصافات الآية۱۳۰)، هكذا على القراءة الأصيلة التي تسالم عليها المسلمون وتعاهدوها قبل استحداث القراءات الغريبة، والشاذّة في بعضها. فأقدم القراءات بعد قراءة البيت النبويّ الشريف أيها الإخوةُ الأكارم هي قراءةُ ابن عبّاس، الصحابيّ المعروف، وقد روى عنه الكلبيّ، عن أبي صالح أنّ ابنَ عبّاس قال في بيانٍ له حول قوله عزّوجلّ: "سلامٌ على آلِ ياسين": أي السلامُ من ربّ العالمين، على محمّدٍ وآله صلى اللهُ عليه وعليهم، والسلامةُ لمن تولاهم في القيامة. وفي روايةٍ بالاسناد السابق نفسه أنّ ابن عبّاس قرأ الآية هكذا: "سلامٌ على آل ياسين" ثمّ قال مفسّراً: سلامٌ على آل محمّدٍ عليهم السلام): هكذا روى الشيخُ الصدوق في كتابه الموثّق (معاني الأخبار)، مضيفاً إلى الروايتين السابقتين هذه الرواية بهذا السند: عن عبد العزيزبن يحيي الجلوديّ، عن محمّد بن سهل، عن إبراهيم بن معمّر قال: حدّثنا عبداللهِ بنُ داهر الأحمريُّ قال: حدّثني أبي قال: حدّثنا الأعمش، عن يحيى بن وثّاب، عن أبي عبد الرحمان السّلمّي، أنّ عمر بن الخطّاب كان يقرأ: "سلامٌ على آل ياسين". ثمّ قال السّلميُّ بعد هذا: (آل ياسين، آل محمّد عليهم السلام). ونحن نقول: أجل هُم واللهِ آلُه الأطهرون الطيبون، هم عليٌّ وفاطمة والحسنُ والحسين، والتسعةُ الأئمة الأكرمون، عليهم وعلى نبيّ الهدى أفضلُ الصلاة والسلام.
والآن قد يتفاجيءُ الكثير، ثمّ يتساءل: من أين جاءتنا هذه القراءة: "سلامٌ على آل ياسين"؟ والجواب: إنّ هذه هي القراءةُ الأساس، والأولى، وهي الأصيلة في قراءة القرآن، ونحن نتساءل: من أين جاءتنا بعد ذلك هذه القراءاتُ الغريبة، وبعضها عجيبة: "سلامٌ على ال ياسين"، "سلامٌ على الياسين"، "سلامٌ على إدريسين"، "سلامٌ على أدراسين"؟! ثمّ نسبت إلى عبد اللهِ بن مسعود وغيره، نسبةً غير موثّقة!
تعالوا أيها الإخوة الأفاضل إلى كتب القراءات مثلاً فنقرأ في كتاب (النَّشر في القراءات العشر) للحافظ أبي الخير محمّد بن محمّد الدمشقيّ، الشهير بابنِ الجزريّ، فنجده يقول في الجزء الثاني: واختلفوا في (الياسين)، فقرأ نافع، وابنُ عامرُ ويعقوب:
(آل ياسين) بفتح الهمزة والمدّ وقطع اللاّم من الياء وحدها، مثل: آل يعقوب، وكذا رسمت في جميع المصاحف. ونقرأ في (تحبير التيسير في قراءات الأئمّة العشرة) لمحمّد بن محمّد الجزريّ أيضاً أن نافعاً وابن عامر ويعقوب وهؤلاءِ مشاهير القرّاء قرأوا الآية الكريمة هكذا: "سلامٌ على آل ياسين" منفصلاً مثل: آل محمّد.
هكذا على التحقيق الشيخ عبد الفتّاح القاضي ومحمّدِ الصادق قمحاوي. وقد صدر عن منشورات معهد المخطوطات العربية في الكويت سنة ۱٤۰٥ هجرية/۱۹۸٥ ميلادية كتابٌ يحمل هذا العنوان: (التبصرة في القراءات) لأبي محمّد مكّي بن أبي طالب القيسيّ (المتوفّى سنة ٤۳۷ هجرية) وقد جاء على صفحته الثلاثمائة وعشرة هذه العبارة: قرأ نافعٌ وابنُ عامر: "سلامٌ على آل ياسين" بفتح الهمزة والمدّ وكسر اللّام، غير أنّ مدّ (ورش)- القاريء المعروف أشبع قليلاً. وفي كتابه (الوسيط في تفسير القرآن) كتب الواحديّ في ظلّ الآية المباركة: قرأ نافعٌ: "سلامٌ علي آل ياسين"، ثمّ قال الواحديُّ معلّلاً: وحجّتُه (أي حجّةُ نافع في قراءته هذه) هي أنّ (آل) في المصحف مفصولةٌ عن (ياسين).
وإلى هذا أيها الإخوةُ الأعزّة ذهب ابنُ الجوزيّ في كتابه (طيبةُ النَّشر في القراءات العشر)، والطبرانيُّ في (المعجم الكبير)، وابنُ أبي حاتمِ في تفسيره، والشوكانيّ في (فتح القدير)، وهكذا وردت في المصاحف العثمانيةِ القديمة: "سلامٌ على آلِ ياسين"، وهكذا رسمها العالمُ السنيُّ الموثّقُ عند أهل السنّةِ وعلمائها: الحاكمُ الجشميّ أبو سعد محسن بن كرّامة المتوفّى سنة ٤۹٤ هجرية في كتابه (تنبيهُ الغافلين عن فضائل الطالبيين)، حيث كتب على الصفحة (۱٦۱): قوله تعالى: "سلامٌ على آل ياسين" قيل: آل محمّد، وياسين: اسمٌ من أسماء النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم، فكأنّه قيل: سلامٌ على آل محمّد). ونحن أيها الإخوة الأحبّة نسلّم بهذا كما تعاهده الأوّلون، وتحقّقه الآخرون، حتّى تسالم عليه الشعراء، ففاضت قريحةُ أحدهم يخاطب النبيَّ وعلياً وفاطمة والحسنين، صلوات الله عليهم أجمعين، فيقول لهم:

ألا يا آل ياسين ارحموني

أُحييكم.. فردّوا واسألوني

بأن: من أنت؟ حتّى أخبرنكم

بأنّي من محبّيكم.. خذوني

ثناءً قد أردتُ لكم، ولكن

لساني قاصرٌ عنه اعذروني

جمالُكم جمالُ اللهِ يا من

بهم خُتم الجمالُ.. فجمّلوني

ذللتُ إذا انقلبتُ إلى سواكُم

بكلتا النشأتين.. فثبّتوني

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة