البث المباشر

علي (ع) في الآية (الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)-۲

السبت 28 سبتمبر 2019 - 10:55 بتوقيت طهران

اذاعة طهران - برنامج : علي(ع) في القرآن- الحلقة : 41

 

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ولي النعم وافضل الصلاة والسلام على النبي الاكرم وعلى آله اصول الكرم. اخوتنا واعزتنا المومنين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته واهلا بكم في تتمة الحديث حول الاية المباركة قوله عزوجل في سورة الشورى: "قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى"، وكان ان اوردنا عددا من النصوص التفسيرية الواردة في ظل هذه الاية تجمع على نزولها في اهل بيت النبوة والرسالة على الخصوص ما ورد في تفاسير علماء السنة ومجاميعهم الحديثية وكتبهم الرجالية والتاريخية، حتى اشتهر ذلك شهرة طاغية وروي رواية متواترة كان من ذلك ما نقله السيوطي الشافعي في (جمع الجوامع) ما يستفاد ان آية المودة اصبحت شاهدا حاكما في المناظرات والاحتجاجات راويا عن الامام علي عليه السلام قوله: (وفينا (آل حم) (اي سورة الشورى) انّه لا يحفظ مودّتنا الا كل مؤمن)، ثم قرأ عليه السلام الآية: "قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى". رواه ايضا المتقي الهندي في (كنز العمّال) فيما روى الحاكم النيسابوري الشافعي في (المستدرك على الصحيحين) انّ الحسن بن علي عليهما السلام خطب بعد شهادة ابيه فجاء بالآية شاهدا حيث قال: (وانا من اهل البيت الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وانا من اهل البيت الذين افترض الله مودتهم على كل مسلم). ثم قرأ: "قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى". ويأتي ابن عساكر الدمشقي الشافعي فيروي في (تاريخ مدينة دمشق) ان الامام الحسين عليه السلام تكلم يوما في احتجاج فقال: (وان القرابة التي اعظم الله حقّها وامر برعايتها وسأل نبيه الاجر له المودّة عليها والمحافظة بها في كتاب الله تعالى قرابتنا اهل البيت). اجل ايها الاخوة الاكارم، ويتأكد ما سبق من خلال ما رواه الفريقان متفقين في عيون مصادرهم وصحاحها وموثوقات رواياتهم وعن مشاهر رواتهم، كما وجدنا ذلك في صحيح البخاري ومسند احمد بن حنبل وكتاب الولاية للطبري وذخائر العقبى للمحب الطبري وتفسير الكشّاف للزمخشري وعشرات المصادر المعروفة مجمعة على انّ آية المودّة او آية القربى نازلة يومها في قربى رسول الله صلى الله عليه واله اوّلا وفي عليٍ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام على وجه الخصوص لا غيرهم ثانيا، وذلك ما اكده ابن جرير الطبري في تفسيره (جامع البيان) والسيوطي في تفسيره (الدّر المنثور) وابن الاثير في (اسد الغابة) وابن حجر في (الصواعق المحرقة) والشبلنجي الشافعي في (نور الابصار) وغيرهم عشرات من اعلام علماء السنّة، فضلا عن مئات من علماء الشيعة ومؤلفيهم وبلغ ذلك من الشهرة مبلغا وسيعا ما شاع وذاع في الاوساط حتى قال قائلهم: 

رأيت ولائي آل طه فريضة

على رغم اهل البعد يورثني قربا

فما طلب المبعوث اجرا على الهدى

بتبليغه الاّ المودة في القربى


وقد اخرج الثعلبي في تفسيره عن ابن عباس في الاية: "وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ"، قال: الحسنة المودّة لآل محمد عليهم السلام. وقد قسّم بعض اهل العلم النصوص المفسرة لآية المودّة الى ثلاث طوائف: الاولى: الروايات المصرّحة باسماء المقصودين من القربى في الآية، وهم: علي وفاطمة والحسن والحسين سلام الله عليهم. والثانية: الروايات التي فسّرت القربى باهل البيت وآل محمد صلى الله عليه وعليهم. والثالثة: الروايات المفسّرة للقربى بقربى النبي صلى الله عليه وآله. وكلّها تؤكد مودة اهل البيت عليهم السلام على نحو الوجوب الذي يستدعي معه السؤال عنه غدا، وفي ذلك يقول الشاعر:

اذا اوجب الرحمان في الوحي ودّهم

فاين عن الوحي العزيز ذهاب؟

واين عن الذّكر العزيز مذاهب

واين الى غير الاله اياب؟!


واخيراً ايها الاخوة الاحبة، اذا كان هنالك فضل في العلم فانما هو في الانتفاع منه عبرة وعملا وموقفا. فماذا نكون قد استفدنا يا ترى من آية المودّة من دلائل ونتائج مهمّة؟. كتب الفخر الرازي وهو من اشهر علماء السنة في (التفسير الكبير) في ظل آية المودّة بعد نقل رواياتها يقول: ثبت ان هؤلاء الاربعة (عليا وفاطمة والحسن والحسين) هم اقارب النبي صلى الله عليه واله فوجب ان يكونوا مخصوصين بمزيد التعظيم. ويدل عليه وجوه، الاول، قوله تعالى: "إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى" وقد وجب ان يكون هؤلاء هم الآل. الثاني، لا شك ان النبي صلى الله عليه وآله كان يحب فاطمة وعليا والحسن والحسين عليهم السلام، فوجب على كل الامّة مثله لقوله تعالى: "وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ"(سورة الأعراف ۱٥۸) ولقوله: "قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ"(آل عمران۳۱)ولقوله: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ"، ثم يستمرّ الفخر الرازي في ادلّته. ونقل الحضرمي في كتابه (وسيلة المال) انّ الواحدي وهو ايضا من علماء السنّة، قوله: هذه الولاية التي اثبتها النبي صلى الله عليه وآله (اي لقرباه علي وفاطمة والحسنين) مسؤول عنها يوم القيامة اي عن ولاية علي واهل البيت لان الله تعالى امر نبيه ان يعرف الخلق انه لم يسألهم عن تبليغ الرسالة اجرا الاّ المودّة في القربى، والمعنى انّهم يسألون: هل والوهم حق الموالاة كما اوصاهم النبي ام اضاعوها واهملوها!؟ فتكون عليهم المطالبة والتبعة!.
واخيرا مع العلامة الحلّي في كتابين له، الاول (كشف الحق ونهج الصدق) حيث يقول في البحث الرابع: روى الجمهور في الصحيحين واحمد بن حنبل في مسنده والثعلبي في تفسيره عن ابن عبّاس قال: لمّا نزلت الاية (آية المودّة) قالوا: يا رسول الله من قرابتك الذين وجبت علينا مودّتهم؟ فقال: (علي وفاطمة وابناؤهما). او: وابناهما. ووجوب المودّة يستلزم وجوب الطاعة). امّا كتابه الثاني (منهاج الكرامة في معرفة الامامة) فقد قال العلامة الحلي فيه، وغير علي عليه السلام من الصحابة لا تجب مودّتهم، فيكون علي افضل منهم ويكون هو الامام ولان مخالفته تنافي المودّة وامتثال اوامره يكون مودّة فيكون عليه السلام واجب الطاعة وهذا هو معنى الامام.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة