البث المباشر

شرح فقرة: يا رازق البشر

الأربعاء 4 سبتمبر 2019 - 09:08 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا رازق البشر " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نواصل حديثنا عن الأدعية المباركة، ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن أحد مقاطعه الذي ورد فيه: (يا رازق البشر، يا مقدر كل قَدَرٍ، ...)، بهذين المظهرين من مظاهر عظمة الله تعالي، ينتهي احد مقاطع الدعاء، ويجدر بنا الآن ان نحدثك عنهما، حيث نبدأ ذلك بعبارة (يا رازق البشر)، فماذا نستلهم منها؟ 
قد يتساءل قارئ الدعاء قائلاً: ان عبارة (يا رازق البشر) لا تحتاج الي بيان، فلماذا نحاول ان نستلهم منها الدلالات؟ 
ونجيب: مع وضوح العبارة المذكورة، فانها من أعمق النصوص الشرعية دلالة من حيث (الرزق) وطبيعة إيصاله الي البشر، انالرزق يظل اهم مصدر لأستمرارية الحياة، ومن ثم: لتحرير الهدف العبادي الذي خلق الله تعالي الانسان من اجل ممارسته واذا كان الأمر كذلك، فان الطبيعي جداً ان يتكفل الله تعالي توفر هذا الرزق حتي يختبر تعالي هذا الانسان ومدي استعداده للطاعة أو العكس. ان توفير الرزق يظل حقيقة يلمسها المؤمنون جميعاً، حتي انه ورد بان الرزق يتبع الانسان كظله اي: لامناص منه، كل ما في الامر ان الرزق رزقان، رزق نطلبه ورزق يطلبنا، والرزق الاخير هو المعني بدلالته في النصوص الشرعية، من هنا فأن عبارة(يا رازق البشر) تنطوي علي فلسفة وجود الانسان، وخلافته في الارض، اي: ممارسته العبادية، حيث ترتبط هذه جميعاً باستقرار الشخصية حتي تستطيع ممارسة عملها العبادي، والا اذا ظلت جائعة وعطشي فلا يمكن استمرارية حياة الشخصية. 
اخيراً نواجه عبارة (يا مقدر كل قَدَرٍ)، هذه العبارة ترتبط لسابقتها من جانب، وتحدد لنا مفهوماً مهما من جانب آخر، لقد وردت نصوص قرآنية وحديثية متنوعة تشير باجمعها الي ان الله تعالي خلق كل شيء قَدَرٍ، ولنقرأ الآية «إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ»ولنقرأ «وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ» ولنقرأ «نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ» ولنقرأ «وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ». 
ان هذه النصوص تتحدث عن (القدر) وهو ينسحب علي ما يرتبط بتكييف الحياة للانسان وسواه، كما يرتبط - من جانب آخر - للفرد او المجتمع بما يتناسب مع الشخصية او الكيان الاجتماعي سواء آكان لا لك ايجابياً (كما هو الواقع) آو ما كان كرها (كما يتصور القاصرون). 
المهم في الحالات جميعاً، تظل عبارة (يا مقدر كل قَدَرٍ) تشمل جميع الوجود: افراداً ومجتمعات، مادة او معني، والاهم من ذلك هو: ضرورة تعميق علاقتنا بالله تعالي ورضانا بما قدره تعالي في الحالات جميعاً، فضلاً عن تعميق معرفتنا التوحيدية. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة