البث المباشر

شرح فقرة: يا مفزع الملهوفين

الثلاثاء 3 سبتمبر 2019 - 15:42 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا مفزع الملهوفين " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الأدعية المباركة، ومنها دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الذي ورد منه: (يا مفزع الملهوفين، يا منجي الصادقين، يا أقدر القادرين، ...). ونقف عند عبارة (يا مفزع الملهوفين)، اولاً:المفزع تعني: الملجأ، واما الملهوف تعني: الحزن والتحسّر، وبهذا تكون العبارة دالة علي ان الله تعالي هو ملجأ المحزونين والمتحسرين.
والسؤال هو: ما هي النكتة الكامنة وراء العبارة (يا مفزع الملهوفين)؟
الجواب: مما لا ترديد فيه ان شدائد الحياة متنوعة؟ كما ان انعكاساتها علي الشخصية متنوعة ايضاً، والحزن والتحسر يشكلان احد انماط الاستجابة لشدائد الحياة، كمن يحزن مثلاً علي ما صدر منه من المعاصي، او يتحسر علي فرص الطاعة التي لم يستثمرها، وهذا فيما يتصل بالشخصية المتقية، وهناك شخصيات عادية تحزن وتتأسف علي ما فاتها من الصحة او المال، او تحزن وتتأسف علي فقدان الاعزّة وهكذا.
اذن الحزن والتحسرله موارد متنوعة، ولكن في الحالات جميعاً فان الله تعالي يظل لأمثلة هؤلاء ملجأ يحتمون به من الشدائد المذكورة، فالملتزم مثلاً يلجأ الي الله تعالي ليخفف عن إحساسه بما ضاع من الطاعة، او بما صدر من المعصية، وعندها يجد الله تعالي تواباً، حينما يقبل التوبة عن عبده.
والمتحسرّ علي المال او الصحة، يجد كذلك ان الله تعالي ملجأ له، يبثه شكواه من الفقر والمرض، فيخفف عنه بلجوئه الي الله احساس المرض او الفقر. كما ان الفاقد لاحد الاعزة، يلجأ الي الله تعالي ليخفف عن اثر الحزن او التحسر علي موت العزيز وهكذا.
بعد ذلك نواجه عبارة (يا منجي الصادقين) وهي عبارة تتطلب جانباً من الشرح مع انها واضحة، ولكن ورودها في سياق الملهوف مثلاً تتطلب القاء الاضاءة عليها.
ان الصادق له أهمية كبيرة في ميدان السلوك بعامة، حيث اوضحنا - في لقاء سابق- كيف ان الصادق في كلامه مع الناس يظل صادقاً في تعامله مع الله تعالي، والعكس هو الصحيح ايضاً.
واذن نتجاوز اهمية الصادق لنتحدث عن انعكاسات سلوكه، او الآثار المترتبة علي الصدق، حيث ترد نصوص شرعية تقررّ بان النجاة في الصدق، وهذه النجاة يمكن تصورها علي المستويين، الدنيوي والأخروي، وهناك قصص وامثلة علي نجاة الصادق دنيوياً وان كان بعض الظاهر يضاد ذلك، ولكن النتيجة هي: النجاة حتي علي مستوي الأثر النفسي، اي: تحقق التوازن النفسي لدي الشخصية، وهي ما يطلق عليها بالشخصية السوية واما النجاة أخروياً، فأمرلا يحتاج الي توضيح.
بعدها نواجه عبارة (يا اقدر القادرين)، وهي عبارة تبدو وكأنها بمعزل عماّ سبقها مثلاً، ولكنها ذات صلة بما يلحقها وهي (يا اعلم العالمين)، حيث ان العلم والقدرة تظلان من ابرز صفات الله تعالي، المهم ان عبارة (يا اقدرالقادرين) تظل علي صلة لسابقتها من حيث ان العبارة السابقة مثلاً اوضحت بان الله تعالي منجي الصادقين، والعبارة الاسبق لها بأن الله تعالي هو: ملجأ الملهوفين، وهذا يتداعي بالذهن الي انه تعالي (قادر) علي أنجاء وألجاء هؤلاء الملتجئين إليه والناجين بسلوكهم، فضلاً عن ان القدرة - كما اشرنا - تظل من ابرز صفاته تعالي بخاصة من لاحقتها وهي (العلم) في عبارة (يا اعلم العالمين): كما سنوضح ذلك لاحقاً ان شاء الله تعالي.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة