البث المباشر

شرح فقرة: يا سيدّ المتوكلين

الثلاثاء 3 سبتمبر 2019 - 15:37 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا سيدّ المتوكلين " من دعاء الجوشن الكبير.

 

لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة، ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الذي ورد فيه: (يا سيدّ المتوكلين، يا هادي المضلين، ...).
من البيّن ان لكل مقطع تجانسه من جانب، وتميزه عن مقطع آخر من جانب ثان والمقطع الذي نتحدث عنه يتميز بكونه يربط بيت انماط المتوسلين او الداعين او مطلق المحتاجين وبين الصفة (والمظهر الذي يتصف به تعالي)، فمثلاً نجد هذين المظهرين: مظهر السيّد، ومظهر الهادي، وتجانس مع نمط المتوكل علي الله تعالي، والمضلّ، حيث يتناسب المضلّ ان يتجه الي من وهو الله تعالي، ويتناسب المتوكل مع من يملك السيادة عليه وهو الله تعالي ولذلك جاءت العبارة (يا سيد المتوكلين) والعبارة (يا هادي المضلين)، وهما عبارتان لهما اهميتهما من حيث الصلة بين الله تعالي والعبد وما يترتب عليها من العطاءات الالهية، فالمتوكل علي الله تعالي، لا مناص من توقعه بان الله تعالي يرزقه من حيث يحتسب ومن حيث لا يحتسب، لان (السيد) - وهو الله تعالي، صاحب السيادة والتدبير والرعاية للعبد- يحقق للمتوكل عليه اهدافه.
والامر كذلك بالنسبة الي عبارة (يا هادِي المضلّين)، ان الله تعالي يتفضل علي عباده بكل الانماط المتصلة بحاجة عباده، ومنها: العبد المضلّ حيث يحتاج الي من يثنيه عن اضلاله، ويجعله بدلاً من الاضلال: يتجه الي الهداية، وهو امر في غاية الاهمية، حيث ان الهدي هو الحصيلة المطلوبة للانسان الذي خلقه الله تعالي ليمارس وظيفته العبادية.
بعد ذلك نواجه عبارة (يا وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) وعبارة (يا انيس الذاكرين)، فماذا نستلهم منهما؟
ان المؤمن والذاكر (كما ورد في المقطع) يجسدان حبّ العباد الي الله تعالي، بصفة ان المؤمن يؤمن بعبادته ويعمل علي تطبيقها واما الذاكر فان الله تعالي يحبّه حبّاً يتجانس مع طبيعة سلوك الذاكر الله تعالي، ان الله تعالي طالما يؤكد «اذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ»، فاذا كان الله تعالي يذكر الذاكر له: حينئذ فما ارفع مقام الذاكر عند الله تعالي. 
والسؤال الجديد هو: ان المؤمن ورد في صفة ربّه بانه وَلِيُّ، والذاكر بانه (انيس) فما هي النكات الكامنة وراء ذلك؟
واضح، ان وَلِيُّ هو من يتولّي الرعاية لمن يؤمن به، اي: ان المؤمن بحاجة الي من يتولي رعايته تثميناً لايمانه يتفضل عليه الله تعالي بالرعاية التامة، ولا يتخلي عن مساعدته مادام مومناً عبده: بالمباديء التي رسمها الله تعالي.
وأما الأمر المرتبط بصفة (انيس) وجعلها متساوقةً مع (الذاكر)، فانه من الوضوح بمكان، حيث ان الذاكر الله، (يأنس) به ويستوحش من الناس، و هو اثر طالما اشارت النصوص الشرعية، ان الذاكر لله تعالي (والله تعالي هو الْمُهَيْمِنُ علي الوجود ولا احد سواه) حينئذ فان العبد الذاكر سيجد انيساً لا مماثل له، انيساً بيده السماوات والارض وما بينما، فما احري العبد بان يأنس بمن في يده كل شيء.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة