البث المباشر

شرح فقرة: يا حبيب الباكين

الثلاثاء 3 سبتمبر 2019 - 15:32 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا حبيب الباكين " من دعاء الجوشن الكبير.

 

 

نتابع حديثنا عن الأدعية المباركة ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه ونحدثك الآن عن مقطع جديد، يبدأ علي هذا النحو: (يا حبيب الباكين، يا سيّد المتوكلين، يا هادي المضلّين، يا وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ).
ونحدثك الآن عن العبارة الاولي، وهي: (يا حبيب الباكين). فماذا نستلهم منها؟
من الحقائق الاسلامية المرتبطة بالظواهر النفسية هي: ظاهرة البكاء، طبيعياً، ينشطر البكاء الي نمطين، أحدهما: البكاء العاطفي، وهو غير مثاب عليه، والآخر: البكاء الموضوعي وهو ما يقصده الدعاء. 
طبيعياً أيضاً، ان العاطفة لها ضرورتها، ولذلك قد يتسائل قاريء الدعاء فيقول: كيف تحسب البكاء العاطفي غير محور مع ان البكاء اساساً هو تعبيرعاطفي، ثم مع ملاحظة أن العاطفة ضرورية في الانسان والاّ يتحول الي كائن جاف لا قلب لديه.
الجواب: ان العاطفة ضرورية ولكن في نطاق ينبغي عدم تجاوزه، فاذا افترضنا ان عملية الادراك البشري او الاستجابة الذهنية للشيء لها نسبة تتوزع بين العقل والعاطفة، لا مكننا الذهاب الي ان العاطفة يشكل ۲٥% من العملية، بمعني ان (العقل) يحتاج الي عاطفة ولو بالنسبة المشار اليها، فمثلاً: الصراخ هو تعبيرعاطفي يتجاوز نسبته المحدودة ولكن الانفعال اللفظي هو اقل درجة عاطفية، بينما التحدث برصانة هو: الموقف العقلي المصحوب بنسبة خاصة قليلة، وهذا هو الموقف الذي ينسجم مع التصور الاسلامي للاستجابة بحسب ما ورد من نصوص شرعية، فمثلاً عند المصيبة تقول النصوص الشرعية ان من ضرب بيده علي فخذه يحبط عمله، بينما الموقف العقلي ان يقول الانسان: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
اذن ينبغي ان نتحدث عن البكاء ونسبته العاطفية في ضوء العبارة المتقدمة (يا حبيب الباكين). فماذا نستخلص؟
تشير النصوص الشرعية الي ان من قساوة القلب هو: عدم البكاء وقد ورد تأكيد كبير علي نزول الدمع من حيث الخشية من الله تعالي او من حيث البكاء علي مصيبة الحسين (عليه السلام) مثلاً وهذا يعني ان العاطفة تظل امراً مندوباً وليس مجرد عمل مباح، ولكن السؤال هو: هل تقصد بذلك: الانفعال الخارج عن حد المتوسط؟ 
طبيعاً لا، بمعني ان البكاء المطلوب هو: ما يجسّد درجة معقولة لا يفقد الشخص عن خلالها توازنه المطلوب، ولذلك ورد عند النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما توفي ولده انه دمعت عيناه ولكن لم يفقد حالته الطبيعية حيث قال يحزن القلب ولا بغرض او هذا هو منتهي التعبير العقلي المتوازن المصحوب مع نسبته عاطفية: واكبها دمع، وحزن في القلب: ليس الاّ.
اذن البكاء امر لامناص منه، بخاصة البكاء من خشية الله تعالي، او البكاء علي الحسين (عليه السلام) ومن ثم عدم البكاء يظل حالة سلبية تفصح عن القساوة في القلب، وهذا ما حذّرت النصوص الشرعية من، حيث قالت الا خير فيمن لا يبكي اي ان عدم البكاء هو قسوة القلب: اعاذنا الله تعالي من ذلك. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة