البث المباشر

شرح فقرة: يا مَنْ لم يتخذ صاحبة ولا ولداًَ

الثلاثاء 3 سبتمبر 2019 - 12:07 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا مَنْ لم يتخذ صاحبة ولا ولداًَ " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الان عن احد مقاطعه الجديدة، حيث يبدأ علي النحو التالي: (يا مَنْ لم يتخذ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا، يا مَنْ جعل لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا، يا مَنْ لا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا، ...)، والان نقف عند المظهر او العبارة الاولي وهي: (يا مَنْ لم يتخذ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا)، تري ماذا يستخلص قاريء الدعاء من هذه العبارة؟
واضح ان هذا المظهر من مظاهر عظمته تعالي، يشير الي اليهود والنصاري ممن زعموا ان لله ولداً حيث ان الولد لا يولد إلا من خلال وجود الزوجة وهي ما اطلق عليه النص القرآني الكريم «صَاحِبَةً»، وبذلك تكون العبارة المشار اليها ردا علي ما يزعمه اليهود من ان لله تعالي ولداً وهو عُزَيْرٌ، وما تزعمه النصاري ان له ولدا وهو الْمَسِيحُ.
المهم ان الاشارة الي هذا الجانب وسواه يظل امتداداً لعرض مظاهر عظمة الله تعالي، ومنها: نفي كل ما يضاد التوحيد: كما هو واضح.
بعد ذلك نواجه عبارة (يا مَنْ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)، فماذا نستلهم منها؟ 
هذه العبارة كسابقتها مقتبسة من القرآن الحكيم اي انها (تناص) بحسب التعبير المعاصر لمفهوم الاقتباس، ونعني هنا: انه تعالي خلق كل شيء بمقدار يتناسب مع متطلبات الحكمة الالهية، فمثلاً قوله تعالي: «وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ» يظل تجسيدا للمفهوم الذي اشرنا اليه، والامر كذلك بالنسبة الي سائر ما خلق الله تعالي من النباتات والجمادات، ولا نحتاج الي تأمل كبير حتي ندرك سريعاً بأن احد مظاهر عظمته تعالي هو: ابداله الوجود وفقا لما تتطلبه الحكمة: كما هو واضح.
بعد ذلك نواجه عبارة (يا مَنْ لا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا)، فماذا نستخلص منها؟
واضح ان هذه العبارة جواب او امتداد او تعقيب لما سبق من مظاهر العظمة، حيث ان التوحيد يعني: عدم وجود المشارك لله تعالي في الفاعلية المطلقة: كما هو بين، بمعني ان ما ذكره النص السابق من المقطع، وهو: انه تعالي جعل لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا، انما هو بتدبيره تعالي وحده لا يشاركه احد في التدبير المذكور وفي سواه من ابداعه تعالي، وبهذه العبارة يكون المقطع قد عمق مفهوم التوحيد من خلال نفي كل ما ينافي مزاعم اتخاذ الصاحب او الولد او مطلق الشريك: كما هو واضح.
بعد ذلك نواجه عبارة (يا مَنْ جعل الْمَلائِكَةِ رُسُلا). فماذا نستلهم منها؟
واضح، ان هذه العبارة بدورها امتداد لما سبق من ابداعه تعالي للوجود، وابداعه لكل شيء بقدر معلوم: ومن ذلك خلقه تعالي للملائكة واضطلاعهم بوظائف اسندها تعالي اليهم، وفي مقدمتها انهم «رُّسُلِ» الله تعالي الي الانبياء والوحي حيث يوصلون رسالات الله تعالي الي الانبياء، وهم- اي الانبياء - يوصلون ذلك الي الخلق للعمل بموجبها مضافاً الي وظائف اخري تتصل بترتيب ما قدره الله تعالي من الامور، مثل تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ بكُلِّ أَمْرٍ وبهذا يتوهج مفهوم التوحيد ومفهوم عظمته تعالي من خلال تدبيره وفاعليته للوجود.
بعد ذلك يتحدث المقطع عن مظاهر متنوعة من تدبيبره تعالي، مثل: (يا مَنْ جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا، يا مَنْ جعل الأَرْضَ قَرَارًا، يا مَنْ خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا، ...)، هذه المظاهر من ابداعه تعالي وتدبيره، تظل تعميقاً لمفهوم التوحيد حيث بدأ المقطع بنفي الشريك مطلقاًً، ثم بظاهر الابداع والتدبير للوجود، حيث اعقب ذلك بمصاديق لهذا الابداع، مثل البُرُوج والأَرْضَ والْمَاء وسوي ذلك، مما سنحدثك عنه في لقائات لاحقة ان شاء الله تعالي.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة